| العالم اليوم
* صنعاء الجزيرة عبدالمنعم الجابري:
تساؤلات كثيرة برزت مؤخرا في أوساط الشارع ا ليمني وهو يعيش حالة من الترقب الكبير لما ستسفر عنه الأيام القليلة المقبلة فيما يتعلق بالإعلان عن التشكيلة الحكومية الجديدة، وهي الخطوة التي قررت القيادة السياسية العليا ممثلة بالرئيس علي عبدالله صالح اتخاذها على ضوء المعطيات والمستجدات التي تشهدها الساحة اليمنية بعد انتخابات المجالس المحلية وإقرار التعديلات الدستورية من خلال عملية الاستفتاء التي رافقت هذه الانتخابات.
ويتوقع ان يتزامن إعلان تشكيلة الحكومة الجديدة مع الإعلان رسميا كذلك عن قيام مجلس الشورى وتشكيلته التي ستضم 111 عضوا .. إلا ان اهتمام الشارع وتركيزه ينصبان بدرجة أساسية على موضوع الحكومة وكيف ستكون تشكيلتها التي ينتظرها بفارغ من الصبر.. على اعتبار ان ذلك يختلط بأمور ومسائل حيوية يشعر الناس في أوساط الشارع اليمني أنها تتصل مباشرة بهمومهم ومشاكلهم وأوضاعهم وقضاياهم المعيشية والحياتية بشكل عام.
ولذلك فإنه ومع استمرار العد التنازلي في اتجاه إعلان تشكيلة الحكومة التي ستخلف حكومة الدكتور عبدالكريم الإرياني الحالية، فقد أخذت الساحة اليمنية مع ما يسودها من أجواء التوترات والخلافات الحادة في صفوف الأحزاب السياسية فيها، تعيش حالة من الترقب غير عادي يتخللها كثير من التساؤلات والتكهنات التي تدور على مستوى الشارع بمختلف أوساطه الثقافية والإعلامية والسياسية والاجتماعية.. وذلك حول تلك الحكومة المنتظرة من حيث طبيعة تشكيلتها ومن الذي سيرأسها والوجوه الجديدة التي ستدخلها ومن سيبقى من أعضاء حكومة الارياني الحالية.. هذا بالإضافة الى ما يتعلق بما سوف تكون عليه الحكومة الجديدة سواء من حيث تجانسها أو من حيث القدرة والإمكانية والكفاءة وغيرها من المقومات التي تمكنها من القيام بمهامها ومسؤولياتها بفاعلية ونجاح.
ومع أن الصورة ما زالت غير واضحة بالنسبة لخارطة التشكيلة الحكومية الجديدة المرتقبة في اليمن والتي ينتظر الشارع الإعلان عنها بين اليوم والآخر.. لكن الرئيس علي عبدالله صالح يؤكد من خلال تصريحاته الصحافية بأنه ستكون هناك عملية تجديد واسعة ستجري في كل مرافق الدولة سواء على مستوى الحكومة أو على مستوى المؤسسات والمصالح التابعة لها إلى جانب المؤسستين العسكرية والأمنية بحيث سيتم ذلك على أساس إدخال دماء وكفاءات شابة جديدة في تشكيلة الحكومة وعلى مستوى قيادات مؤسسات الجهاز الإداري للدولة والمصالح الحكومية بشكل عام.
ومن شأن هذه الخطوة كما يرى المراقبون ان تصب في اتجاه إحداث نقلة نوعية في أداء الأجهزةالرسمية المختلفة في اليمن على الصعيد الإداري والاقتصادي والتنموي خلال المرحلة الجديدة التي دخلتها الجمهورية اليمنية مع قيام مجالس السلطة المحلية.
فالقيادة السياسية في اليمن هدفها الرئيسي من هذه التغييرات في مؤسسات الدولة إضافة الى الاجراءات والخطوات الأخرى التي من بينها تعديلات الدستور وإنشاء مجلس الشورى الدفع بمسار العملية التنموية الى مستويات متقدمة وتوفير السبل الكفيلة بمعالجة الكثير من جوانب الاختلالات ومظاهر الفساد المالي والإداري، ومن ثم تطوير مستويات الأداء في مختلف الاتجاهات بما في ذلك الأداء الاقتصادي الذي يقود الى النهوض بالاقتصاد الوطني وتعزيز مقوماته وزيادة معدلات نموه، وعلى هذا النحو فإن الشارع اليمني بكل فئاته وشرائحة الاجتماعية وبقدر ما يترقب إعلان التشكيلة الحكومية فهو أيضا يتطلع بأمل وتفاؤل كبيرين الى ما ستحمله المرحلة الجديدة وما يمكن ان تقدمه الحكومة أو تحققه من إنجازات يلمسها هذا الشارع على أرض الواقع، ويعيش مردوداتها الفعلية على صعيد الأوضاع الاقتصادية والحياة المعيشية ومستويات الخدمات العامة بمختلف جوانبها.
ولذك فإن أمام الحكومة المقبلة في الجمهورية اليمنية كثير من المسؤوليات والمهام الجسيمة الصعبة التي تتعلق بدرجة أساسية في الجوانب الاقتصادية وكذلك المعيشية والخدمية بالنسبة للسكان، إضافة الى الفساد الذي ما زالت الكثير من المؤسسات والمرافق التابعة لسلطات الدولة تعاني منه.
فمن خلال الوقوف أمام جهود الإصلاحات التي بدأتها الحكومة اليمنية في عام 1995م من خلال برنامج الاصلاح الاقتصادي والمالي والإداري الشامل الذي ينفذ بالتعاون مع صندوق النقد والبنك الدوليين وباقي الأطراف المانحة. سنجد أنه وبرغم ما حققه هذا البرنامج من نجاحات كبيرة فيما يتعلق بمعالجة العجز في الميزانية العامة للدولة وميزان المدفوعات والحد من التضخم، إلا أن مردوداته على صعيد الأوضاع المعيشية لم تكن عند المستوى المطلوب.. ذلك أن معدلات الفقر ما تزال عالية جدا، حيث تصل الى ما يقرب من 50% بحسب الأرقام الرسمية التي كان أظهرها تقرير التنمية البشرية في اليمن وذلك من واقع الدراسات الميدانية.. كما أن نسبة البطالة تصل الى 30% وفقا لتقارير البنك الدولي و 25 % حسب مصادر الحكومة .. وعلى صعيد الفقر فإن الدراسات حددت فئتين من السكان، الأولى تعيش فقرا مدقعا وتمثل 30% من السكان الذين يزيد تعدادهم العام عن 18 مليون نسمة، والثانية والتي تصل نسبتها الى قرابة 20% هي الفئة المصنفة على أنها تعيش تحت خط الفقر العادي من منظور أنها لا تمتلك أدنى مقومات الرفاهية وما يتوفر لها ينحصر فقط في المواد الأساسية من غذاء وغيره.. وتعد هذه الفئة أفضل حالا من الأولى التي لا تتوفر لها المواد الأساسية.
وهناك قضية الخدمات العامة في قطاعات الصحة والتعليم والمياه والكهرباء وغيرها، والتي وإن كانت قد تطورت بشكل كبير خلال السنوات الماضية، إلا أنها لم تصل بعد الى المستوى الذي يلبي الاحتياجات الكاملة للسكان، ولم تواكب التطورات الكبيرة الحاصلة على صعيد التوسع العمراني والنمو السكاني الذي يشكل في حد ذاته مشكلة غير عادية بالنسبة لخطط وبرامج التنمية في اليمن.. حيث يصل معدل النمو في عدد السكان الى 7.3 %.. وهو ما يجعل الحكومة تواجه بعض الصعوبات في جوانب التنمية والوفاء بالتزاماتها الكاملة في مجال الخدمات تجاه هذه الزيادة السكانية الكبيرة في ظل ماهو متوفر من إمكانيات محدودة.
هذه القضايا إضافة الى قضية الفساد بأشكاله المختلفة والذي ما زال مستشريا في بعض الأجهزة والمرافق الرسمية وعلى وجه الخصوص أجهزة السلطة القضائية وذلك بعد ما تم من خطوات لمكافحة الفساد في كثير من الأجهزة في المرحلة الماضية.. تشكل محددات أساسية ينبغي الانطلاق من خلالها في أي توجه مستقبلي لأية حكومة في اليمن.
وإجمالا وكما يطرح المراقبون فإن ثمة من العوامل ما يكفي لتحقيق نجاحات مهمة في مسار عملية البناء الاقتصادي والتنموي وغيره خلال المرحلة القادمة في اليمن.. وذلك في ظل المعطيات الجديدة التي تعيشها الساحة اليمنية وتوفر المناخات والظروف الملائمة للعمل في الاتجاه الذي يقود الى إحداث قفزة نوعية في أكثر من صعيد وبالذات ما يتعلق بالجوانب الاقتصادية والتنموية والمعيشية والارتقاء بها الى مستويات متقدمة.
ولعل من أبرز ما يشار إليه هنا والذي يشكل أهمية خاصة من حيث المردودات الإيجابية على صعيد التنمية والتطور الاقتصادي هو أنه لم يعد لدى اليمن أية خلافات حدودية مع دول الجوار..بحيث يمكن القول إن علاقاتها مع هذه الدول أصبحت ميهأة لأن تشهد نقلة كبيرة على صعيد التعاون الفاعل والمثمر في المجال الاقتصادي وغيره، وعلى وجه الخصوص مع المملكة العربية السعودية حيث المؤشرات تؤكد بأن علاقات التعاون بين البلدين تسير بخطوات سريعة وراسخة وسليمة في مختلف المجالات صوب آفاق رحبة ومستقبل زاهر.
وعلاوة على ذلك فإن مثل هذه الأوضاع في العلاقات مع الدول المجاورة تجعل جهود التنمية في الجمهورية اليمنية تنطلق بفاعلية أكبر، مع توفر الكثير من الامكانيات والمناخات التي تعزز من توجهات البناء الوطني الشامل.
وبالتالي ومما لا شك فيه أن الحكومة الجديدة التي سيتم تشكيلها في اليمن سوف تستفيد من مجمل الظروف والمناخات الإيجابية المتوفرة الى حد كبير .. ولعل التركيز سيكون على تلك الخطوات التي من شأنها الدفع بعجلة التنمية وتعزيز وتائرها والنهوض بمجمل الأوضاع الداخلية ومنها الوضع الاقتصادي، من خلال وضع الحلول والمعالجات اللازمة للاختلالات وجوانب القصور والسلبيات القائمة، وبما من شأنه ان يؤدي الى تفعيل وتوسيع قاعدة النشاط الاقتصادي والاستثماري في مختلف القطاعات وذلك بدرجة أساسية.. بحيث سيكون الحرص على استقطاب الاستثمارات الأجنبية وعلى أقصى درجة ممكنه الى اليمن.. هذا بالإضافة الى العمل على إنعاش حركة السياحة وتطوير النشاط السياحي بأنواعه وجوانبه المختلفة في سياق الاجراءات ذاتها.
ومما تجدر الإشارة إليه هو أن التحولات التي تعيشها اليمن حاليا جاءت متزامنة مع الاستعدادات لبدء تنفيذ برنامج الخطة الخمسية الثانية للتنمية للأعوام 2001 2006م.
وهو البرنامج الذي تضمن وفقا لما تؤكده مصادر رسمية جملة من الأسس والمحددات الأساسية التي يرى المختصون أنها تشكل منطلقات عمل قوية تتفق مع توجهات البناء وكذا تطلعات النهوض المستقبلي.
ولعل من بين أبرز أهداف الخطة الخمسية المشار إليها تحقيق معدل نمو اقتصادي يصل الى أكثر من 5% بحلول عام 2006م.
وفي سياق هذه الخطة سيتم تنفيذ استراتيجية وطنية لمكافحة الفقر.. وكما تفيد المصادر فإن ما يقرب من 600 مليون دولار سوف تخصص لمواجهة مشكلة الفقر والبطالة خلال سنوات الخطة الخمسية الثانية في اليمن.. ومن شأن ذلك أن يؤدي الى نتائج إيجابية الى جانب الدور الذي تقوم به شبكة الأمان الاجتماعي القائمة حاليا.
|
|
|
|
|