| الاخيــرة
كلمة "الهاتف" في اللغة العربية مشتقة من الفعل "هتف" بمعنى نادى او طلب، من أجل ذلك نهبُّ مسرعين عند سماع أول رنّة "هاتف" سواء أكان ثابتا أم محمولا، إما بدافع من الفضول لمعرفة المنادي، او لتلبية نداء نعرف صاحبه مسبقا.
كل ذلك أمر طبيعي، والساعات التي نقضيها عبر الأثير او "عبر الاسلاك الأرضية والهوائية، "طويلة" ....طويلة، يؤكد ذلك "طول الفاتورة التي تكفهر لها وجوهنا عند آخر كل شهر".....!
ليست المشكلة فيما نقضي من وقت على الهاتف، أو في سرعة سدادنا للفاتورة تفاديا للقهر الذي يورثه لنا التسجيل العتيد: "عدم سدادك للفاتورة أدى الى قطع الخدمة عنك مؤقتا" ... علماً بأن هذا "المؤقت" غالبا ما يطول، إنما المشكلة تكمن في انقطاعنا عن أداء كثير من واجباتنا المنزلية والاجتماعية، وكذلك في نسياننا لكثير من القواعد التربوية التي أمضينا سنوات طويلة ونحن نتعلمها وننظر في تعليمنا لها.
كم من أم او أب صرخ في وجه ابنه او ابنته في اثناء حديثها او حديثه على الهاتف، عندما جاء او جاءت تقول: "يمه ... يمه، أو يبه يبه" ، بل قد لا يقف الأمر عند حد الصراخ، ولكن يتعداه الى "الدف" او "العنف" ... "ألف مرة قايل لك لا تحاكيني وأنا على التليفون"!!
فاذا كنا نقضي ساعات طويلة على "التلفون" ، فمتى سيكلمنا ذلك الصغير؟!. ثم ألم يخطر في بالنا ان عالم هذا الصغير مستقل تماما عن عالمنا، وان اهتماماته تختلف كثيرا عن اهتماماتنا؟.
ليتنا بدل الدف والعنف عودنا صغارنا على كتابة ما يلزمهم قوله ان كانوا يعرفون الكتابة او نستمع إليهم ونجيبهم نحن بالكتابة على طريقة صح او * في أوراق صغيرة لنعطيهم رأينا في طلباتهم، دون ان ننقطع عن جونا الهاتفي عملا كان او ترفا ... أو هرفا.
ثم كيف نقبل لأنفسنا ان ندخل عالم التناقض ونحن واعون له؟.
أو لسنا "نطير" الى أجهزتنا لأن أحدا من الخارج هاتفنا؟
فلماذا "نصير" الى أنانيتنا لأن صغيرا من الداخل هتف بنا؟! أم أننا لا نعرف مما تعلمناه عن الأصول التربوية والسيكولوجية إلا الكلمات التي لا ننفك نتغنى بها في جلساتنا، لنبين للآخرين كم نحن ضليعون في عالم التنظير... بل في عالم الأنانية والتمثيل؟.... وتاليتها؟!!!
|
|
|
|
|