| مقـالات
لقد قامت الدنيا ولم تقعد خلال الأيام القليلة الماضية ولعلها لن تقعد خلال القريب المنظور وماجت الدنيا من غرب وشرق بما في ذلك دول اسلامية عفواً حكومات دول اسلامية وما ذلك الا بسبب ما أعلنت عنه حكومة طالبان في افغانستان وليتها ما أعلنت وأقدمت على ما أقدمت عليه مشكورة ومأجورة ان شاء الله من هدم وازالة تمثالي بوذا في مدينة «باميان» هذا الهدم الذي أحدث ضجة اعلامية كبرى لا يزال صداها يتفاعل وربما سيستمر الى ما يشاء الله..
لقد تلقى أعداء الاسلام ووسائل اعلامهم خبر هدم وازالة التمثالين وان شئت الصنمين وكأن هناك كارثة حلت بالمعمورة وتلقفت وسائل الاعلام الغربي بصفة خاصة هذه القضية وتولت كبرها شأنها في ذلك وديدنها في كل أمر يتعلق بالاسلام والمسلمين وتشويه معتقداتهم وليت الأمر اقتصر على شجب وسائل اعلام الدول وحكومتها بل تعدى الأمر الى منظمات دولية كمجلس الأمن والهيئة العامة للأمم المتحدة اليونسكو حتى الأمين العام للأمم المتحدة شد الرحال للتدخل لدى طالبان للحيلولة دون الهدم وهكذا الغرب والشرق ومن يسير في فلكهم من منظمات دولية يبادر ويسارع باسم الحضارة والتراث الانساني لانقاذ ذلك التراث واذا ما تعلق الأمر بالحضارة الاسلامية والتراث الاسلامي ناهيك عن الانسان المسلم فلن تسمع صوتاً واحداً مرتفعاً بل قد تسمح سباتاً وشخيراً عميقاً وهذه لعمري الازدواجية في المعايير والمكاييل..
لقد أصبحت افغانستان بين ليلة وضحاها مقصداً للعشرات ان لم يكن للمئات من الوسطاء والمبعوثين الدوليين من مختلف المنظمات الدولية بما في ذلك منظمة المؤتمر الاسلامي هدفهم التدخل لدى طالبان للحيلولة دون تدمير أوثان «باميان» وهكذا صارت الأوثان أهم من الانسان وأقصد بالانسان هنا الانسان الافغانستاني الذي يعيش في ظروف مناخية وحربية صعبة ويعيش حياة حرمان وجوع بسبب الحصار الذي تفرضه عليه الدول المتحضرة التي تدعو للحفاظ على التراث الانساني ناهيك عن الانسان الفلسطيني وغيره من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
لقد هاج وماج هذا العالم المتحضر مستنكراَ وشاجباً بل ومحذراً من مغبة تحطيم أوثان باميان بحجة أنها من الفن العالمي والتراث الانساني الخالد حسناً أين هذا العالم المتحضر حينما هدم اليهود منذ اغتصبوا ارض فلسطين ما يقارب من ألفي مسجد وحولوا العشرات غيرها الى حظائر حيوانات وأماكن لهو وفسق وعربدة؟ بل أين هذا العالم حينما أحرق اليهود المسجد الأقصى وحينما حفروا وما زالوا يحفرون خنادق عميقة تحت اسوار المسجد الأقصى بدعوى البحث عن « هيكل سليمان» المزعوم علماً بان الصهاينة يهدفون من ذلك الى هدم المسجد الأقصى بطريقة قذرة وخبيثة تبدأ بخلخلته تدريجياً حتى يسقط فيبنون عليها ما يمثل هيكلهم المزعوم؟ أين العالم المتحضر حينما هدم الهندوس مسجد بابري الشهير في الهند طوبة طوبة ونقل الهدم عبر وسائل الاعلام لحظة بلحظة تحت سمع وبصر ذلك العالم المتحضر فلم يحرك ساكناً ولم ينبت ببنت شفة؟..
أين العالم المتحضر حينما هدم الهندوس مسجد شريف بكشمير وهدم الصرب مئات المساجد بالبوسنة والهرسك وكذك مسجد خسرو بكسوفا فلماذا يدان المسلمون اذا فعلوا ما يتفق مع تعاليم دينهم ولا تدان أفعال الذين يجعلون مع الله آلهة أخرى..؟
ان الذين يطالبون بالبقاء على تمثالي بوذا بحجة أنهما من التراث البشري وانهما مجرد تمثالين فقط لا أصنام عبادة لا يفهمون الدين الحنيف والعقيدة الاسلامية الصحيحة فليس كل تراث بشري يجب له البقاء والخلود وبخاصة اذا كانت فيه محادة لله جل شأنه واعتداء على ربوبيته وألوهيته.. ان تماثيل بوذا يعظمها ويقدسها البوذيون ويعبدونها لأنهم يرفعون بوذا الى مرتبة الألوهية ويزعمون انه ابن الإله تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ومن يذهب لمعظم دول شرق آسيا ويزور معابد البوذيين هناك سوف يرى كيف هؤلاء يركعون لبوذا ويعبدونه ويقدسونه.
ان ما حصل من ردود افعال تجاه هدم تماثيل بوذا يكشف بوضوح القناع الزائف عن وجه ما يسمى بالعالم المتحضر وليؤكد بما لا يدع مجالاً للشك ان انقاذ التماثيل في ظل النظام العالمي الجديد اغلى من انقاذ الانسان!
وأن الحجر الجماد أهم وأغلى من الروح!!
حبذا لو أن العالم المتحضر الذي يتباكى الآن على انقاذ حضارة افغانستان والتراث الانساني الذي دمر هناك ان يقرنوا تحركهم على الأقل بانقاذ الطفل الافغاني الذي يموت منه يومياً أربعمائة طفل بسبب الجفاف الذي حل بافغانستان منذ ثلاث سنوات فضلاً عن الجوع والبرد والحرب، وحبذا لو أن هذا العالم المتحضر يسمعنا صوتاً واحداً احتجاجاً على تمزيق مئات المصاحف في الهند.. أما شارون سفاح العالم المتحضر واستقبال الغرب له وتزيين صورته القذرة فالحديث عن ذلك يطول..
تباً لك أيها العالم المنافق والمخادع.. الذي كلما تحضر مادياً احتضر انسانياً.
وصدق الله العظيم الذي يقول في محكم كتابه: «ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم».
*وقفة:
الى جميع الاخوة الذين يتصلون بي هاتفياً أو الذين يبعثون برسائلهم وقد طوقوني بما لست له بأهل حسن ظن منهم في شخصي الضعيف أقول لهم شكراً على تواصلكم وتشجيعكم فأنتم بعد الله خير عون ومدد وسند لي راجياً أن يوفقني الله في طرح ما فيه خير ديننا ودنيانا انه على ذلك قدير مقدراً للجميع تفضلهم وتواصلهم.
د. سليمان بن عبد الرحمن العنقري
|
|
|
|
|