| العالم اليوم
* القدس المحتلة ق.ن.أ:
صادف أمس الجمعة الذكرى الخامسة والعشرون ليوم الأرض الفلسطينية فيما تدخل الانتفاضة شهرها السابع وما زال الفلسطينيون يقدمون المزيد من الشهداء ودماء الجرحى ومعاناة مئات الآلاف منهم بفعل الحصار وحرب التجويع .. هذا في الوقت الذي تستعد فيه قوات الاحتلال الاسرائيلي لتصعيد عسكري نوعي وشامل ضد الفلسطينيين في اطار ما يسمى بخطة المائة يوم التي تنفذها حكومة أرييل شارون بهدف اخماد انتفاضة الأقصى وجلب الامن للاسرائيليين وفرض السلام حسب تعبير المسؤولين الاسرائيليين.
وتشهد فلسطين بأكملها تأهبا واستنفارا أمنيا وعسكريا اسرائيليا لم يسبق له مثيل في مواجهة حالة من الغليان الشعبي الفلسطيني الذي يمتد ليشمل فلسطين المحتلة 1948 والمناطق الفلسطينية التي احتلت عام 1967م.
وتنتشر قوات الاحتلال من أمنية وخاصة في مختلف مرافق الحياة والأماكن العامة ومراكز التجمعات الاسرائيلية بينما تم تكليف الجيش بمهمات شرطية وتحلق طائرات الهيلوكبتر لمراقبة الطرق ومداخل المدن.. وكثفت الحواجز العسكرية من اجراءاتها التعسفية من توقيف للشباب الفلسطينيين وتقييد تحركات بقية المواطنين.
لقد كان الثلاثون من مارس عام 1976م منعطفا تاريخيا هاما في نضال الشعب الفلسطيني من أجل الحفاظ على أرضه وتأكيد هويته الوطنية والقومية العربية.. واشتعلت شرارة هذا اليوم في مناطق الجليل بشمال فلسطين المحتلة عام 1948م في مواجهة خطط استيطانية استعمارية هدفت الى احداث تغيير ديموغرافي من شأنه طرد الفلسطينيين وتفريغ الجليل منهم واحلال قطعان المستوطنين المستجلبين من مختلف أصقاع الأرض محلهم.
وكان الاسرائيليون قد شرعوا منذ نكبة فلسطين عام 1948م بالخطوات الرئيسة الأولى لاحداث هذا التغيير بانشاء ثلاث مدن هي معالوت عام 1957م في الجليل الأعلى ومدينة نتساريت عليت )الناصرة العليا( في نفس العام ثم مدينة كريئيل عام 1964م.
وقاوم الفلسطينيون عملية التهويد ومصادرة الأرض وتجلت هذه المقاومة في يوم الأرض الخالد الذي راح ضحيته ستة شهداء ومئات من الجرحى والمعتقلين في الوقت الذي كان أشقاؤهم في المناطق المحتلة عام 1967م يقدمون الشهداء في انتفاضتهم التي اندلعت هناك رفضا لمشروع فرض الادارة المدنية الذي وضعته حكومة الليكود المتطرفة برئاسة مناحيم بيجن.
ويأتي يوم الأرض في فلسطين المحتلة عام 1948م بعد ان قدم الفلسطينيون هناك قافلة جديدة من الشهداء دفاعا عن اسلامية المسجد الأقصى المبارك حيث انضم 13 شهيدا في اكتوبر الماضي الى شهداء انتفاضة الأقصى التي اندلعت قبل ستة أشهر وتدخل اليوم شهرها السابع.
كما تأتي هذه الذكرى والشعب الفلسطيني يخوض واحدة من أصعب جولات نضاله وصراعه ضد محاولات محو هويته الوطنية والسياسية وفي ظروف دولية وعربية لها بعض ملامح الظروف التي سادت المنطقة وأحاطت بالقضية الفلسطينية عام 1976م.
ففي ذلك العام أطلق بريجنسكي مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي آنذاك مقولته )وداعا لمنظمة التحرير الفلسطينية( وأطلق مناحيم بيجن رئيس الوزراء الاسرائيلي حينها مشروعه للادارة المدنية بديلا للمنظمة بمشروعها السياسي والنضالي وبدأت عملية تصفية المقاومة الوطنية اللبنانية.
وفي ذلك العام أيضا أطلق الاسرائيليون العنان لمشاريع تهويد الجليل واستيطانه ومحو هويته العربية وكان الرد دم الشهداء في يوم الأرض.
وفي هذه الأيام يتولى قطب يميني اسرائيلي آخر أشد عنصرية وتطرفا من بيجن مهمة تنفيذ مشروع آخر هو تصفية السلطة الوطنية الفلسطينية وافراغ مضمونها النضالي والسياسي وحشرها في اطار تابع شبيه لمشروع الادارة المدنية الذي حاول بيجن فرضه وفشل.
وفي هذه الأيام أيضا تتخذ الادارة الأمريكية مواقف قريبة في مضمونها من الخطاب الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية عام 1976م وتجلى ذلك مؤخرا في استخدام حق النقض )الفيتو( بوجه مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو لتشكيل قوة حماية دولية للفلسطينيين ويحمل المتحدث باسم البيت الأبيض الفلسطينيين مسؤولية المجازر التي ترتكب بحقهم على أيدي قوات الاحتلال الاسرائيلية ويتجاهل الرئيس الأمريكي جورج بوش دعوة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بعد ان فتح ابواب البيت الابيض لشارون جزار صبرا وشاتيلا والذي ينفذ الآن خطة المائة يوم الهادفة الى تصفية الوجود الفلسطيني المسلح في الضفة الغربية وقطاع غزة والى تصفية رموز المقاومة وكوادرها السياسية والعسكرية ومن ثم فرض الاملاءات الاسرائيلية على الجانب الفلسطيني في أية مفاوضات مقبلة وابرز هذه الاملاءات محاولة اجبار الفلسطينيين على التنازل عن جزء من السيادة على الحرم القدسي الشريف والقبول بالغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين.
ويأتي يوم الأرض فيما يستعد الفلسطينيون لفصل جديد يتوقع المراقبون ان يكون أكثر دموية وعنفا من قبل قوات الاحتلال حيث توصف المهمة التي جاء شارون من أجلها بأنها مهمة الطلقة الاسرائيلية الأخيرة والتي يدرك الفلسطينيون ان افشالها يعني افلاس حكومة شارون وبالتالي افلاس الرؤية الاسرائيلية لحجم وطبيعة الشريك الفلسطيني في عملية السلام ومن ثم اجبار الشارع الاسرائيلي على تغيير خياراته وفهم حقيقة الوجود الفلسطيني والاعتراف به طرفا أساسيا لن تستطيع الغارات الجوية والقصف البحري والبري ان تلغيه من الخارطة السياسية في هذه المرحلة وما بعدها لأنه وجود يستند الى ثوابت تاريخية راسخة وتأييد ودعم عربي ودولي وشعب احترف مهنة الصبر والصمود والمواجهة.
من جهة أخرى قال مسؤول فلسطيني كبير أمس الجمعة ان الأردن ومصر خرجا بورقة مشتركة لمحاولة اخراج منطقة الشرق الأوسط من الموقف المتعثر الذي تشهده حاليا.
فقد قال وزير السلطة الفلسطينية للثقافة والاعلام ياسر عبد ربه في اذاعة صوت فلسطين ان البلدين بحثا الورقة مع الحكومة الأمريكية غير ان الحكومة الأمريكية لم تعط رأيا بشأنها بعد.
وقال عبد ربه انه تم بحث أفكار في الاسبوعين الماضيين بين الأطراف الثلاثة )الولايات المتحدة والأردن ومصر( بهذا الشأن.
وقال الوزير ان تلك الورقة التي أرسلت الى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تتعلق بالصراع من زواياه السياسية والأمنية وتبنى على التفاهم الخارج من اجتماعات قمة شرم الشيخ التي عقدت في تشرين الأول )اكتوبر( الماضي.
وكان الفلسطينيون والاسرائيليون قد اتفقوا في قمة شرم الشيخ على استئناف المفاوضات وانهاء المواجهات الدامية باعادة الموقف في الضفة الغربية وغزة الى ما كان عليه قبل اندلاع الصراع في الثامن والعشرين من أيلول )سبتمبر( الماضي.
وألمح عبد ربه الى ان وزير الخارجية الاسرائيلي شيمون بيريز رغب في لقاء الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات غير ان رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون لم يسمح بانعقاد هذا الاجتماع.
كما نفى أيضا التقارير بأن الولايات المتحدة قد أعطت اسرائيل الضوء الأخضر لضرب قواعد الأمن الفلسطيني في رام الله وغزة.
|
|
|
|
|