| عزيزتـي الجزيرة
جاء نظام المرافعات الشرعية معلنا عن تنظيم اجرائي جديد للسلطة القضائية ووضع أحكام لم يسبق للقضاء الشرعي ان نظمها، وحتى نلقي الضوء على هذا النوع من القضاء لا بد من عقد مقارنة فيما بين القضاء الموضوعي والقضاء المستعجل، فالقضاء الموضوعي يتميز بالرويّة والأناة ويبحث القضية من جميع جوانبها وأحكامه تصدر بعد فترة طويلة، أما القضاء المستعجل فلا يحكم بأصل الحق وبالتالي يكون حكم المحكمة نهائيا بعد تمييزه، والقضاء المستعجل يتميز بالسرعة وبعقد جلساته خلال أربع وعشرين ساعة ويجوز في حالة الضرورة القصوى إنقاص هذا الميعاد بأمر المحكمة «مادة 235 من نظام المرافعات الشرعية» ثم ان القضاء الموضوعي يفصل بأصل الحق وبالتالي يكون حكم المحكمة نهائيا بعد تمييزه، أما القضاء المستعجل فلا يحكم بأصل الحق وانما يحكم القاضي باجراءات من شأنها تلافي الخطر متى اقتنع بالمبررات التي أمامه بموجب ما يظهر له من مستندات كما أن بحثه واطلاعه على أوراق الدعوى لا يقصد به اصدار حكم قاطع وانما القصد ان يستشف لأول وهلة مدى جدية احد الخصوم فيما عرضه من وقائع وإثباتات لها. وهذا الحكم الذي صدر من القضاء المستعجل لا يؤثر على اصل الحق ولا يكون دليلا عليه ولمن ينازع في أصل الحق له ان يتقدم للقضاء وفق أحكام نظام المرافعات الشرعية مادة «237».
من هنا يتبين ان القضاء المستعجل يهدف الى الجمع بين طبيعة القضايا المعلقة والمتأنية وبين مسائل مستعجلة لا تحتمل التأخير مثل اسعاف الخصوم باجراءت وقتية عاجلة، من شأنها تلافي الخطر المحتمل وقوعه على أحد الأطراف ولهذا نصت المادة ت «233» من نظام المرافعات الشرعية بقولها «تحكم المحكمة المختصة بنظر الموضوع بصفة مؤقتة في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت والمتعلقة بالمنازعة نفسها».
وبناء على ما تقدم فإن للقضاء المستعجل شرطين: أولهما الاستعجال وسأوضح امثلة للمسائل المستعجلة، وثانيهما عدم مساس قاضي المستعجل بأصل الحق.
فقد حددت المادة «233» المسائل المستعجلة، ومن الأمثلة ما يلي:
1 دعوى المعاينة لإثبات الحالة، وهذه الدعوى يطلب فيها من الجهة المختصة اثبات وقائع معينة يستند عليها في دعوى مزمع رفعها بالمستقبل كإثبات حالة بضاعة سريعة التلف حول نوعها او مقدارها او كإثبات حالة ارض غمرتها المياه قبل ان تنحسر عنها.
2 دعوى المنع من السفر: كأن يقرض شخص سعودي أجنبيا مبلغا من المال ثم يتبين له ان المقترض يعد العدة للسفر ففي هذه الحالة يطلب من القضاء المستعجل منعه من السفر.
3 دعوى الحراسة القضائية : كأن تكون هناك عين متنازع على ملكيتها ويخشى من اعسار او اهمال واضع اليد عليها، ففي هذه الحالة يطلب المدعي وضع حراسة على هذه العين ليتولى الحارس استغلالها والحفاظ عليها ريثما يتم الفعل بأصل هذا الموضوع.
وعدم مساس قاضي المستعجل بأصل الحق أمر طبيعي لأن قاضي الأمور المستعجلة ليست مهمته بحث المنازعة المعروضة أمامه في أصل الحق فهو عندما يصدر حكما بين مقرض ومقترض لا يتعرض الى الزام المقترض بدفع المبلغ وإنما يصدر حكم بمنعه من السفر وعندما يصدر حكما في العين المتنازع على ملكيتها لسوء نية واضع اليد لا يتعرض الى أصل الملكية وانما يصدر حكما تقتصر مهمته في الاثبات دون الفصل في مسؤولية المدعى عليه وفي سماع الشاهد الذي يخشى غيابه لفترة طويلة تقتصر مهمته على السماع واثبات ذلك دون ادانة من شهد ضده هذا الشاهد.
ونخلص مما تقدم إلى ان القضاء المستعجل قضاء وقتي، الهدف منه حماية مركز اخد المتداعيين باتخاذ اجراء سريع خشية فوات الوقت ووقوع الضرر عليه نتيجة طبيعة القضاء الموضوعي من تأخر في اصدار الحكم.
والله الموفق
صالح بن محمد الخضر
محام ومستشار قانوني
|
|
|
|
|