| عزيزتـي الجزيرة
الى وقت قريب، وقريب جدا كنت أظن أن المقاهي التي انتشرت بكثرة مؤخرا هي مأوى العزاب العاطلين عن العمل والدراسة أو الأزواج المطرودين من المنزل بسبب سلوك بعض الزوجات سامحهن الله.
وأنهم )يشيشون( فقط من غير خدمات أخرى للتنفيس عن بعض ما في دواخلهم المشحونة بالقهر والهموم والأحزان، الى أن عرفت أخيرا أنه الى جانب العزاب والأزواج هناك أيضا )شريحة الطلاب( وهنا يكمن الخطر الأكبر. وهذا يفسر أيضا الازدحام الشديد أمام هذه الأماكن التي غالبا لا تجد فيها موقفا لسيارة، ناهيك عن موطىء القدم، والبعيدة أيضا عن عين الرقابة العامة )زيادة على انعدام الرقابة الذاتية( في نفوس أصحابها حيث تفننت بعض هذه المقاهي لجذب الزبائن )الطفشانين( فهم يقدمون )المعسل( و)الجراك( وأنواعا من العصيرات والمشروبات والمأكولات وخدمات الاتصال المتطورة كالانترنت والقنوات الفضائية المشفرة التي لا تراعي الآداب العامة، وعلمت أيضا أن ذروة الازدحام تكون في أوقات عرض الأفلام )الخليعة والخارجة عن الاخلاق( وعند نهاية العرض يهب الجميع للمغادرة وكأنهم يخرجون من ملعب للكرة بعد مباراة مثيرة للغاية.والواقع أنه في عصر السرعة والقلق والمادة والمنافسة والتجارة والانترنت والقنوات أصبح الجميع مشغولين ومتوترين وغاب عن بيوتنا ذلك الاتصال الانساني العظيم وهو جلوس الأب مع أبنائه ليعرف أحوالهم وأخبارهم ويطمئن على دروسهم ويتواصل مع المدرسة ويرفرف عليهم بجناحيه ويعطيهم عبرا وعظات من تجاربه، كذلك غاب عن بيوتنا اهتمام الأم بأطفالها وتركهم للخادمات والانترنت والفضائيات والأصدقاء حيث اهتمت فقط بالتجارة وجلب الأموال والمنافسة في النزول الى الأسواق والحديث الطويل على الهاتف وغير ذلك مما جعلها تغيب عن أطفالها ويفتقدها أولادها فيضطرون للجوء الى التسلية وقضاء الفراغ بأي شيء من الغث والسمين.
فهذا الحنان الفطري المنبثق من قلب الوالدين والذي ينساب بعفوية وحرص لا نستطيع ان نشتريه بأي ثمن ولا نجده في الصيدليات، ولا بوصفة أي طبيب.
وعبر هذا المنبر الاعلامي الكبير )جريدة الجزيرة( أنادي المربين والأساتذة والباحثين ليدرسوا هذه الحالة التي لا تسر، وليقوم من يغارون على شبابنا وديننا بمراقبة تلك المقاهي.
لابد من مراقبة هذه المقاهي ليعرف فيها الغث من السمين والصالح من الطالح، ترى هل سيعي شبابنا وأزاجنا واخواننا وأبناؤنا ان ارتياد هذه المقاهي ليس في صالحهم؟
ترى هل ستعود الحميمية للبيوت، وتعود العصافير الى أوكارها تبث الحنان والأمان والرضا؟
ترى.. متى ينتشر الحب الحقيقي الآخوي بين الناس ليسمعوا النصائح من الأخرين بصدر رحب وهدوء بال.. وشكر وسلام.
لعل هناك من يستمع.. ولعل هناك من يتجاوب وإننا لمنتظرون.
وسيلة محمود الحلبي
|
|
|
|
|