| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة..
سمعت كما سمع غيري وتنكدت كما تنكد غيري من السامعين لإذاعة MBC.FM حين أجري لقاء مع احد ضحايا الحوادث المرورية المفجعة التي أصبحت بعبعاً يترصد الكل. هذا الرجل «الضحية» كان شاباً في العشرين من عمره مليء بالنشاط والعنفوان والتفاؤل وتدغدغه كأي شاب الأماني والطموحات ولكنه مع الأسف بتهوره قضى على تلك الأحلام وبخرها وجعل أجمل أيام عمره وزهرة شبابه أيام حسرة وندامة وبات ممدداً على السرير الأبيض وهاهو الآن يتعدى الأربعين أي انه مر عليه أكثر من عشرين عاماً مليئة بالحسرة والمرارة وعتاب النفس! فإنا لله وإنا إليه راجون. فهذا الرجل الذي كان يتكلم بعفوية وصدق يلوم نفسه الأمارة بالسوء وهذا ليس اعتراض على القضاء والقدر ولكنه احساس بأن ما أصاب من سيئة فمن نفسه لذلك فقد قال: كنت شاباً في مقتبل العمر ولكنني بكل صراحة كنت متهوراً حيث كنت اقود السيارة بمحاذاة كورنيش جدة بسرعة تقارب 200كم في الساعة وحصل لي حادث مروع وكما ترون ها أنا ادفع ثمن تهوري مقيداً على السرير منذ عشرين عاماً!!.
حالة هذا الشاب غيض من فيض لشباب التهمتهم المآسي فرحلوا او بقوا يتجرعون الألم والحسرة بقية عمرهم!! فهل تستحق لحظة طيش وتهور هذا الثمن الغالي الذي ندفعه؟ وهل هذا الترتيب المتقدم لنا على كل الأمم في تلك الكوارث كماً وكيفاً التي نشاهد ضحاياها في كل اتجاه كل يوم بل وكل ساعة ألا يمكن ان تكون تلك المشاهد لدينا عبرة وتجعلنا اكثر حرصاً لنخفف من هذا النزيف غير المبرر لأرواح غالية وممتلكات ليست رخيصة؟
فبكل صراحة اكثر من 50% من تلك الحوادث لا علاقة له لا بنوعية الطريق ولا نوع المركبة ولا ربط حزام الأمان أو فكه بل علاقته مربوطة كلياً بتفكير السائق ومدى تهوره، لذا يلزمنا حملة توعوية مستمرة تختص بهذا الشأن تلفزيوناً وإذاعياً وصحفياً مع التركيز على نشر صور لتلك المجازر المرورية وإجراء مقابلات كتلك المقابلة مع ضحايا هذا التهور مع المداومة على تلك السيرة لعل وعسى ان يقيض الله لنا فرجاً وتقل حوادثنا وعسى ان تصل الرسالة عبر تلك الحملة إلى كل متهور قبل فوات الاوان.
صالح عبدالله العريني
البدائع
|
|
|
|
|