| المجتمـع
* جدة صلاح مخارش:
السمنة والدهون وجهان لعملة واحدة تمثل احد اخطر المشاكل الصحية التي تواجه الانسان في العصر الحديث. فزيادة تراكم الدهون في الجسم تعرف بالسمنة وهو مرض يصيب ملايين الاشخاص حول العالم. ففي الولايات المتحدة الامريكية وحدها تأتي السمنة كثاني سبب من الاسباب المؤدية للوفاة )نسبة الى الامراض الناتجة عنها( الممكن تفاديها، حيث ان مريض السمنة يكون معرضا بدرجة اكبر من غيره للاصابة بمرض السكري، وارتفاع ضغط الدم. وامراض القلب والشرايين وخاصة الشريان التاجي، ومشاكل الجهاز النفسي، وزيادة احتمالات التعرض للاصابة بانواع من السرطان بالاضافة الى بعض الاعراض النفسية كاعراض امراض الاكتئاب النفسي.
ووفقا لاحصائيات الجمعية الوطنية للصحة والغذاء )NHANES( ، فقد وصل عدد حالات المصابين بالسمنة خلال الفترة من 19881994م في العالم الى 97 مليون بين البالغين، وبحلول العقد الاخير ارتفع هذا العدد بنسب تتراوح بين 25 33%، بل ان الامر تجاوز ذلك حين كشفت الدراسات بان حوالي 30% من الاطفال ومن هم في مرحلة المراهقة يعانون من زيادة في الوزن، وهو ما سيترجم في المستقبل القريب الى عدد اكبر ونسب اعلى من مرضى السمنة. كما اوضحت الدراسات الاقتصادية في امريكا ان ما يزيد عن 68 مليار دولار امريكي يتم صرفها سنويا على هؤلاء المرضى )والتي تشتمل على تكاليف العلاج نفسه، الانقطاع على العمل، المكوث في المستشفيات والوقاية والتوعية( وهو ما يشكل عبئا اقتصاديا كبيرا على الحكومة الامريكية.
وقد ساهم التغيير الذي طرأ على العادات الغذائية مع قلة النشاط الجسماني وارتفاع سرعة وتيرة الحياة اليومية، في زيادة الاعتماد على الوجبات الغذائية عالية القيمة الحرارية والوجبات السريعة الغنية بالدهون ومن ثم زيادة معدلات الاصابة بالسمنة في العالم لاسيما في الدول المتقدمة والغنية اقتصاديا.
ولعل الدهون الموجودة في الطعام تأتي في مقدمة الاسباب الحقيقية للاصابة بالسمنة. وهو ما اوضحه الدكتور فؤاد نيازي، استشاري علاج السمنة عندما اشار الى ان تناول كمية زائدة من السعرات الحرارية الموجودة في الاطعمة الغنية بالدهون عن تلك المطلوب استهلاكها بواسطة الجسم في تأمين الطاقة اللازمة لاداء الانشطة الحيوية والبدنية اليومية يعني تخزين هذه الدهون الزائدة في خلايا الجسم مسببة زيادة الوزن والسمنة، كما وجد ان كل جرام من الدهون يولد 9 سعرات حرارية، وفي المقابل فان جراما واحدا من النشويات او البروتينات، يولد 4 سعرات حرارية فقط.
وعلى ضوء ذلك حذر الدكتور نيازي، من المخاطر الصحية الناجمة عن الافراط في تناول الوجبات الغذائية الغنية بالدهون وخاصة الدهون المشبعة، مؤكدا انه بالرغم من اهمية الدور الذي تلعبه الدهون كاحد العناصر الغذائية الاساسية التي يحتاجها جسم الانسان للحصول على الطاقة اللازمة للنشاط البدني وتكوين الهرمونات وتوفير الحماية اللازمة للجلد والمحافظة على صحته، الا ان تناولها بكميات زائدة عن الحدود المسموح بها، يؤدي لعواقب ومضاعفات صحية خطيرة. وهنا يشدد الدكتور نيازي ايضا على ضرورة الا تزيد نسبة الدهون في الوجبة الغذائية المتوازنة عن 30% بحد اقصى من اجمالي السعرات الحرارية اليومية، ومن ثم يجب الا يتجاوز اجمالي ما يتناوله الفرد العادي من الدهون 70 جراما يومياً. كما يستحسن التقليل من الدهون المشبعة الموجودة في الدهون الحيوانية.
وعن المصادر الغذائية للدهون، فقد اوضح الدكتور خالد علي المدني، استشاري التغذية والمشرف العام على ادارة التغذية في منطقة مكة المكرمة بوزارة الصحة انها تنقسم الى نوعين:
مصادر مركبة: مثل الزيوت والزبد والسمن والقشطة والشحوم التي توجد حول العضلات في اللحوم.
مصادر غير مركبة: مثل ما بين التعريق في عضلات اللحوم وصلصات السلطات )مثل المايونيز( والكريم المخفوق والاجبان عالية الدسم والمكسرات والاطعمة المقلية وبعض الحلوى مثل الشيكولاتة. وهذه تعد اكثر خطورة حيث انه لا يمكن ادراكها.
وان لكل الاطعمة دورها في التغذية السليمة المتوازنة التي تساعد الانسان في التمتع بصحة جيدة طوال حياته. واشار الدكتور المدني ان خبراء التغذية قاموا باستحداث ما يسمى «الهرم الغذائي» والذي يضم المجموعات الغذائية الاساسية المختلفة، حيث تشكل قاعدته المواد الغذائية التي يتم تناولها بكميات اقل وينصح بالاقتصاد في استهلاكها قدر المستطاع.
الان وبعد كل هذه الحقائق وعلى ضوء اراء الخبراء في ماهية الدهون، ألم يحن الوقت للتفكير ملياً قبل تناول الاطعمة الغنية بالدهون واتباع نظام غذائي متوازن مع عدم اغفال اهمية ممارسة الرياضة بانتظام كجزء اساسي من برنامج الانشطة اليومية ؟ اما اذا كنت تعاني من سمنة مفرطة وضاقت بك السبل لحل هذه المشكلة الخطيرة، فعليك باستشارة الطبيب فورا الذي سيقدم الوسيلة الانسب لانقاص الوزن. فقد يتطلب الامر تناول بعض الادوية الامنة التي لا تسبب اضرارا جانبية، الى جانب اتباع نظام غذائي متوازن. وفي هذا الصدد يؤكد الخبراء ان فقدان الوزن على نحو بطيء ومنتظم )من نصف كليو جرام الى كيلو جرام واحد اسبوعيا( هو اكثر الطرق فعالية للتخلص من السمنة واكثرها صحية واستمرارية . اما الفقدان السريع للوزن فهو وان كان يشعر من يعاني من السمنة بشيء من السعادة والسرور الا انه ضار بالجسم ويؤدي الى ضمور في العضلات بدلا من التخلص من الشحوم الزائدة. وهو في النهاية اسلوب غير فعال، والنتيجة استرجاع الوزن المفقود في مدة زمنية وجيزة.
|
|
|
|
|