وقد عقدنا العزم على مواصلة عرض ما أمكنني جمعه من هذه الأمثال اللطيفة، فلنمض أيها القارىء الحبيب
24 «ما بقي منه إلاّ قَدْرُ ظِمْءِ حمار»:
قالوا: وهو أقصر الظِمْء: وذلك لقلة صبره عن الماء. فهو على عكس الجمل الذي يعرف بطول صبره على الماء.
* مورده: قال الميداني «2/268»: قال أبو عبيد: وهذا المثل يروى عن مروان بن الحكم، حيث قال في الفتنة: ألآن حين نفِدَ عمري ، فلم يبعد إلاّ قدرُ ظِمْء ، الحمار، صرت أضرب الجيوش بعضها ببعض.؟
* مضربه: يضرب لقصر المدة المتاحة.
«أذل من حمار مقيّد»:
مورده: أصله قول الشاعر:
وما يقيم على ضيمٍ يُراد به
إلاّ الأذلاّل: عَيْر الحيِّ، والوتِدُ
هذا على الخسْفِ مربوطٌ برُمّته
وذا يُشجُّ فلا يرثي له أحد
الخسف: الظلم: الرُّمة: قطعة الحبل».
في اللسان: ومن أمثالهم: «فلان أذلُّ من العَيْر»، قال الشاعر:
لو كنتَ عيراً كنت عَيْر مَذَلّةٍ
أو كنتَ عظماً، كنتَ كِسْرَ قبيحِ
كسر القبيح: طرف عظم المرفق الذي لا لحم فيه».
مضربه: يضرب في منتهى تحمل الذل
«أدنى حماريك ازْجُري»:
* مورده: أصله ما أنشده، ابن الأعرابي:
فأدنى حماريك أزْجُري إن أردتِنا
ولا تذهبي في رنْق لبٍّ مضلَّلِ
قال في اللسان: هو مثَل ضربه، يقول: عليك بزوجكِ، ولا يطمح بصرك إلى آخر، وكان لها حماران، أحدهما قد تأبَّى عنها، يقول: ازجري هذا لئلا يلحق بذلك. وقال ثعلب: معناه: أقبلي عليّ، اتركي غيري. وجاء هذا المثل عند الميداني بلفظ «أحدَ حماريك ازجري»، «1/50»
مضربه: قال الميداني يضرب لمن تكلّف ما لا يعنيه.
الجحش لمَّا بذَّك الأعيارُ»:
أي سبقك الأعيارُ فعليك بالجحش، وهو ولد الحمار. فكأن أصله قيام سباق للحصول على الأعيار، فلما فاته الحصول عليها دلّوه على الجحش، خشية أن يفوته أيضاً.
* مضربه: يضرب لمن يطلب الأمر الكبير فيفوته، فيقال له: «اطلب دون ذلك. قال الميداني «1/165»: يضرب في قناعة الرجل ببعض حاجته دون بعض.
29 «جاء كخاصي العِيْر»:
* مورده: أصله أن خاصي العَيْر يطرق رأسه عند خِصائه، يتأمل في كيفية ما يصنع، وهيئته في ذلك تشبه هيئة المستحي يكون مطرقاً. قال أبو خراشٍ:
فجاءت كخاصي العَيْر، لم تحْلُ حاجةٌ
ولا عاجهٌ منها تلوح على وشم
* مضربه: يضرب لمن جاء مستحييا. كما يضرب لمن جاء عرياناً ليس معه شيء.
30 «جاء بقرني حمار»:
* مورده: أصله أن الحمار لا قرن له، فهو مثل قائم على الإيهام بشيء غير موجود.
* مضربه: يضرب لمن يجيء بالكذب والباطل، فكأنه جاء بما لا يمكن أن يكون.
31 «أجهل من حمار»:
ويقال أيضاً : «أكفر من حمار». المقصود: حمار ابن مالك، رجل من قوم عاد «انظر المثل الثاني عشر»: قال الشاعر: ألم ترَ أن حارثة بن بدر
يصلي، وهو أكفر من حمار
32 «جرْىَ المذكِّي حسرتْ عنه الحمُر»:
حسرت الدابة، تحسر حسوراً: أعيتْ وتعبت، وحسرتْ عنه: عجزت عنه وعن إدراك شأوه.
* مورده: أصله أن الفرس القارح «وهو المذكّي هنا» يسبق الحمير، كأنه قال: يجري فلان جري المذكّي.
* مضربه: يضرب للسابق أقرانه.
33 «جذَّها جذَّ العَيْر الصِّلِّيانة»:
الجذُّ: القطع والكسر. الصِّلِّيان: بقل ربما اقتلعه العَيْر من أصله إذا ارتعاه، ووزنه )فِعْليان( والهاء في جذّها، عائدة إلى اليمين تقديراً.
* مورده: هذه الحالة الموضحة أعلاه، من سلوك للعَيْر في الرعي.
مضربه: يضرب لمن يسرع الحلف من غير تردد ولا تمهّل.
34 «كان حماراً فاستأتن»:
السين والتاء هنا للصيرورة، كقولهم: استنوق الجمل، أي صار جملاً. واستنسر البغاث: أي صار نسراً: وعلى هذا يكون المعنى: صار الحمار أتاناً.
* مورده: من المعلوم أن الحمار هو ذكر الحمير، والأتان انثاه، والذكر مخصوص بنوع من المعاملة، فإذا امتُهن عومل ببعض ما تعامل به الأنثى. مضربه: يضرب للرجل يهون بعد العز.