| أفاق اسلامية
الحمد لله وكفى وصلى الله وسلم على نبيه المصطفى
وبعد:
فإن النفع المتعدي هو طريقة الأنبياء والرسل ووظيفة من سلك سبيلهم واقتفى أثرهم وهي الدعوة الى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لإخراج الناس من الظلمات الى النور، والنفع المتعدي هو بذل العلم، وحمل هم الدين وتبليغه، لأن هؤلاء لم يرضوا لأنفسهم أن يروا الغرقى فلا ينقذونهم، ولا فقدوا إنسانيتهم فتركوا الحيارى يحيدون عن الطريق بلا إرشاد، ولم يدفنوا العلم بين جدران أربعة، ولم يوقفوه على أنفسهم، لا بل ألقوا دثر الراحة ونفضوا غبار الكسل عن أنفسهم، وانطلقوا في خضم الحياة حاملين النور مشعلاً يضيء للآخرين، فعلموا الجاهل، ونبهوا الغافل، وهدوا الضال بإذن الله وتوفيقه ، وهم كما قال الله تعالى : «أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها». وكما قال سبحانه: «ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين» قال ابن كثير رحمه الله: «ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله» أي دعا عباد الله إليه « وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين» أي هو في نفسه مهتد بما يقوله، فنفعه لنفسه ولغيره لازم ومتعد، وليس هو من الذين يأمرون بالمعروف ولا يأتونه، وينهون عن المنكر ويأتونه، بل يأتمر بالخير، و يترك الشر، ويدعو الخلق الى الخالق تبارك وتعالى، وهذه عامة في كل من دعا الى خير وهو في نفسه مهتد ..أ.ه.
وقال صلى الله عليه وسلم : (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) قال الحافظ في الفتح: ولا شك ان الجامع بين تعلم القرآن وتعليمه مكمل لنفسه ولغيره، جامع بين النفع القاصر والنفع المتعدي، ولذا كان أفضل، وهو من جملة من عنى سبحانه وتعالى بقوله: «ومن أحسن قولاً ممن دعا الى الله وعمل صالحا..» والدعاء الى الله يقع بأمورشتى من جملتها تعليم القرآن، وهو أشرف الجميع أ.ه.
وأهل النفع المتعدي كالشمعة تحترق لتضيء للآخرين، انتصبوا للدعوة والتعليم، يقيمهم هم الدعوة ويقعدهم، والحرص على هداية الناس بعد توفيق الله هدفهم، وإيصال الخير الى الغير شغل منهم الأوقات وأبلى منهم الأجساد وأفنى منهم الأعمار، لا يطمحون إلى الدنيا وزينتها، ولا يرنون الى مناصبها ومآربها وحاشاهم وهم الذين يقول قائلهم : «لا أسألكم عليه أجرا»، وها هو أحدهم يعلن عن مرامه : «إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت».
وأهل النفع المتعدي يرفضون الأنانية والأثرة، رائدهم وشعارهم قول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
وأهل النفع المتعدي هم الناجون من البلاء والعقاب «أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس..» عن أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعاً يقول «لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه» وحلق بأصبعيه الإبهام والتي تليها فقلت يا رسول الله : أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم إذا كثر الخبث» متفق عليه.
أهل النفع المتعدي يبقى ذكرهم بعد موتهم ويحيا اسمهم بعد ذهابهم «أو علم ينتفع به».
أسأل الله ان يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، إنه سميع مجيب.
محمد بن إبراهيم السبر
إمام وخطيب جامع الأميرة موضي السديري بالعريجاء
|
|
|
|
|