| مقـالات
إن توجيه النظر نحو توظيف موجهة أسرية متخصصة تعمل في محيط التوجيه والارشاد الأسري بات أمرا مهما وملحا بحيث تتبنى مهمة الدعوة لصيانة الأسرة من عوامل تفككها التي يمكن ان تؤثر على كيان الأسرة كبناء وكحاضنة للأبناء وكمثل لنواة مجتمع فتي وصالح.
وستكون القضية الأولى للموجهة الأسرية هي الحفاظ على استمرارية الأسرةونموها المتوافق، وإعانتها على تخطي أي من الصعوبات التي يمكن ان تعترض طريقها.
ويجدر القول ان تاريخنا الإسلامي حافل بدور أمهات المؤمنين في التوعية والارشاد والتوجيه لصالح المرأة الركن الركين في الأسرة وبفضليات من نساء الإسلام اللائي ساهمن عن وعي ومقدرة وجهد جهيد في رفع شأن الأسرة المسلمة وعظمة دورها التربوي والاصلاحي والتهذيبي والإنساني المحض.
وهكذا نريد موجهة أسرية تعي وتدرك دور التحديات المعاصرة في حياة الأسرة في عالم متغير ودائب التجديد، لا سيما في محيط التنمية الاجتماعية والنمو الثقافي والحضاري، هدفها من هذا العمل على تقدم الأسرة كأحد الوسائل الرئيسية في تقدم المجتمع والنهوض به في بيئة عفية وصحية لأفراد الأسرة جميعا صغيرها قبل كبيرها حماية من ضغط التقدم التقني والعنف التلفازي والقلق الإعلامي، والارتباك التعليمي والتوتر الدولي وكذا اللاتوازن المجتمعي، واللاسلام الوئامي.
إذن نريد موجهة أسرية يتمركز دورها في تنمية شخصية أفراد الأسرة وصقل قدرات أفرادها بما يمكنهم من العيش في أمان بعيدا عن الانفعالات غير المحسوبة والمشكلات الهدامة، وضياع الحقوق، والعمل على أهمية توافر الإحساس العميق بمفاخر ديننا الحنيف الذي يدعو للمودة والرحمة في الكيان الأسري، بما يحيلها رخاء وتنمية بدلا من التشوهات التي قد تصيبها من دون قصد، وإنما لقلة الفهم للموازنة بين الحقوق والواجبات والتشوهات التي تحدث نتيجة التصلب واللاتفاهم والإمعان في فرض الرأي ورفض الرأي الآخر من منطلق فهم لاواعٍ للقوامة.
هذه هي الفكرة من ضرورة توظيف موجهة أسرية لتتبنى قضية الإنسانية في الأدوار الأسرية، ولتكون الأسرة السعودية كما هي دوما المثل الأعلى قبل ان تطيح بهذا النموذج التحديات المعاصرة، والتي يأتي على قمتها خروج المرأة للعمل وترك أطفالها للخادمات.
ولما كان كاتب هذا المقال من المحبذين لفكرة ان تحظى المرأة بدورها الفاعل في الحياة فلها وظائفها التي تخرج عن طبيعة كيانها الأنثوي، فهي طبيبة لمعالجة مثيلاتها من النساء، وهي معلمة لتربية أجيال من الفتيات، وهي إعلامية لمخاطبة المشاعر ووجدان نصف المجتمع وهن النساء، وهي الأديبة التي تعبر عما يجيش بعقول ونفوس أترابها النسوة، وهي الأخصائية النفسية والاجتماعية التي تتعامل مع هموم الفتيات والنساء، وهي الموظفة العاملة على قضاء حوائج طالبات الخدمة، وهي سيدة الأعمال التي تقوم بدورها في الأسواق التجارية النسائية.. الخ. وإزاء ذلك ننادي بالموجهة الأسرية حتى لا تقع المرأة بفعل تحديات العصر، في هوة اللاسواء المعاييري عن أول فرصة وكأنها تتخلى عما يعتمل في صدرها من أفكار أنثوية متخليةعن التشريع في فقه المعاملات والمسلكيات مما ينأى بها عن دورها الهادف في الوقت الذي تحكي فيه أعمالها الوظيفية في دنيانا اليوم حكاية المرأة الإنسان في كل مجال من مجالات العمل الوظيفي.
حتى الأدوار التي تعكس بعض الحقائق عن الواقع الاجتماعي وما يحوط به من عوامل مهيئة للمساس بالنسق القيمي مثلما هو قائم في ذلك الوافد من الفضائيات وعبر وسائل الإعلام مقروءة أو مسموعة أو مرئية، وما لها من تأثير غير محسوب في النهاية بالنسبة لواقعنا الاجتماعي، وجذورنا العربية الإسلامية الأصيلة، ودفاعنا عن كينونة البشر بما كرمهم الله به.
إن ضرورة مطالبتنا بموجهة أسرية يأتي مع تزامن كفاح المرأة السعودية من أجل بلوغها أقصى مراتب التعليم الراقي. ومن أجل مساهمتها العادلة والفاعلة في تحمل أعباء تنمية المجتمع والنهوض به ومن أجل التصدي الواعي لتفسيرات أداء الدور التي لا تنتمي لأي معطى فكري أو أخلاقي أو ديني غير أنها عادات وتقاليد تحتاج لتقييم وتقويم تلك التي يتعلل بها المعارضون لاضفاء قوة رادعة أمام إطلاق فرص عمل جديدة للمرأة. وهي ليست ذات صلة سوى أنها عرقلة لمسيرة التقدم، وحيلولة دون حصول المرأة على بعض من حقوقها، لأن معظم التغيرات الحادثة بالمجتمع تنال الاجراءات وليس في المحتوى، أي محتوى الدورنفسه الذي تضطلع به المرأة خشية صراع الأدوار أو تحولها مما يتناقض مع القوامة، ومن ناحية أخرى خشية المضاهاة نتيجة لإبراز دور المرأة في التنمية وتبوؤها المناصب الريادية في محيطها.
وعسانا نواجه هؤلاء المعارضين بأنه أبدا لا يوجد تناقض في الأدوار . ومبررنا في ذلك تلك النجاحات التي حققتها المرأة في العديد من ميادين العمل المختلفة مما يحملنا على الزهو بدورها في المشاركة.
وهي تتفهم مالها وما عليها في المجال الأسري وفي العلاقات بين أفراد الأسرة وفي وظائفها المختلفة داخل الأسرة من خلال الأخذ والعطاء وتبادل الأفكار والحوارات، فهي لا تغفل عن معنى الأمومة، ومعنى الطفولة، وماذا يعني شؤون الزوج والبيت. وفي نفس الوقت تعرف حقوق هؤلاء جميعا. وواجبها الاجتماعي الحياتي التنموي.
فمن أجل دعم الأسرة السعودية نهيب بالمسؤولين النظر في توظيف موجهة أسرية علما بأن الرافد الطبيعي في توفير هذه الموجهة هو كليات وأقسام الخدمة الاجتماعية بأن يفرد دبلوما متخصصا في الإرشاد والتوجيه الأسري في محيط الدراسات العليا. وأن يقوم ديوان الخدمة المدنية بتوظيف الحاصلات على هذا الدبلوم في وظائف تتبع جهازا مستقلا لتنمية المرأة والطفل.
|
|
|
|
|