| مقـالات
لكل دولة ظروفها وأوضاعها التي تحكمها الأنظمة والقوانين التي تستنبطها لاحلال الوئام والمساواة بين الأفراد حتى يتحقق العدل ويساهم كل مواطن بما يستطيع أن يتحمل مسؤوليته. ذلك ان لكل فرد دوره المميز لتفصيل الأنظمة والقوانين بمن فيهم رجال الدولة حتي يكونوا نبراسا يحتذى، لأن مما يسيء للدولة ان تصدر قوانين لا تحترمها هي بالدرجة الأولى، إذ لا فائدة ترجى من تراكم إصدار القوانين التي لا تحترم أو تطبق كما ينبغي. وهذه من مشكلات الدول حديثة الظهور أو الاستقلال فنظام المرور مثلا لا بد أن يحترمه ويطبقة رجل المرور أولا وقبل سواه. لذا فإن المواطن يتألم عندما يجد قدوته رجل المرور يقطع الاشارة لا سمح الله أو يقوم بالقيادة بطريقة غير سليمة بالاضافة الى عدم ربط حزام الأمان. كما ان الطلاب سوف يسخرون من ذلك المدرس الذي يأتي متأخرا عن موعد الحضور بدون سبب مقنع في حين يلقي على مسامعهم محاضرة طويلة بضرورة التقيّد بمواعيد الحضور.
وهذا ما ينبغي أيضا على رؤساء الادارات والمصالح حكومية أو شركات، لاسيما عندما توضع عقوبات تطبق أحيانا ضد المخالفين من صغار العاملين فقط ويستثنى الكبار فالقدوة هنا أول من يطبق له أو عليه فحوى النظام وإلا فمن الخير أن ننسى القوانين التي نصدرها ثم نلقي بها في سلة المهملات، وفي بلادنا أحسب ان هناك ظاهرة غريبة، إذ إننا نصفق طويلا عندما نسمع عن نظام صدر أو سوف يصدر لمعالجة احدى السلبيات في حياتنا بل اننا نتحمس له ونفرد الصفحات لتحليل ايجابياته وضرورته. على ان الأسوأ من ذلك أننا نتجاهله بعد وقت قصير وننسى مضمونه لولا أننا نتذكره عندما تحدث سلبيات اهماله. مما يقتضي أن نعيد التذكير به بين الحين والآخر فما السبب يا ترى؟ هل لأن كثرة القوانين والأنظمة التي تتوالى هي من عوامل ذلك النسيان أو هناك أسباب أخرى تكمن وراء ذلك؟ بعضهم يراهن عند صدور أي نظام على عدم تطبيقه بحذافيره طالما ان «المجاملات والمحسوبية» تلعب ذلك الدور في التطبيق كما ان وسائل الاعلام مسؤولة عن عدم التأكيد على أهمية أي نظام عن طريق شرح أبعاده ومراميه. والغريب انه حتى الوافدين الذين يعيشون بيننا يسخرون من أنظمتنا لأنها من وجهة نظرهم لا تطبق أو تحترم منا كمواطنين، ولذا فان قطع الاشارات على سبيل المثال يفعله الوافدون أكثر من المواطنين. كما ان التزوير والرشوة أكثر ما يتحدثون عنها ويتبعونها لتمرير مخالفاتهم كالاستقدام غير النظامي، وإلا فهل من المعقول أن يستطيع من يمتهن وظيفة عامل أو من هو في مستواها إحضار أسرته؟ كيف يعيلها إذا كان مرتبه ضعيفا؟
ان تحجيم القوانين والأنظمة مسؤوليتنا جميعا وما لم نحترم نحن كمواطنين الأنظمة والقوانين التي تضعها الدولة من أجلنا فلن يتسنى تطبيق أي نظام ولا احترامه، وهذا الكلام يصدق حتى داخل نطاق الأسرة لأن الأب أو الأم هما أول من ينبغي أن يتقيد بما يحاولان تنبيه أفراد الأسرة الى أهمية تطبيقه واتباعه.
للمراسلة ص.ب 6324 الرياض 11442
|
|
|
|
|