| منوعـات
*
* باريس رويترز:
رغم أن الروائح الكريهة المنبعثة من المجاري ومخلفات تجار الاسماك لم تعد تزكم الانوف في باريس فان أكثر مدن العالم اجتذابا للسياح لم تعد المكان المفضل لواحد من آخر «الشمامين» العظام الذين يختبرون العطور.. جان بول جيرلان.
أبخرة المرور ورائحة البول في محطات مترو الانفاق أجبرت جيرلان «63 سنة» الذي بفضل حاسة شم حادة ابتكر احد أشهر العطور الفرنسية العالمية على الابتعاد عن باريس. قال «رائحة المترو في باريس وصناديق النفايات في نيويورك وبعض المناطق في تركيا والهند واثيوبيا تصيبني بالغثيان ولهذا أعيش في الريف».
تشكل روائح قد لا يشمها الناس العاديون خطرا لجيرلان الذي يجوب الافاق ستة أشهر في السنة حتى أفغانستان والتبت بحثا عن خلاصات عطرية جديدة.
وجيرلان سليل أسرة عريقة في هذه الصناعة تمتد الى خمسة أجيال وكانت تورد العطور للعائلات الملكية ومنها الامبراطورة أوجيني زوجة نابليون الثالث وأيضا قرينة الرئيس الراحل شارل ديجول.
وريما يكون اقترابه من فقدان البصر وهو في السادسة عشرة الذي نجا منه بعدة جراحات في عينيه قد قوى حاسة الشم عند جيرلان.
يستطيع هذا «الشمام» الموهوب ان يميز 3000 رائحة بالمقارنة مع 50 فقط عند الشخص العادي. ويقول انه بدون هذا البنك العقلي الفذ لما استطاع أن يمتهن هذه الصناعة.
يعيش أستاذ العطور الذي لم يصبه الغرور في بيته خارج باريس وسط 150 نباتا عطريا وورودا وزهورا فواحة.
قال جيرلان لرويترز في مكتبه بمصنعه المطل على الشانزليزيه «الذي يتبقى من ذكرى أجمل امراة في العالم بعد اطفاء النور ليست ملابسها أو عينيها أو طريقة تصفيف شعرها أو كيف تجملت.. انه عطرها».
والعطور الكلاسيكية وهي مطمح أصحاب هذه الصناعة العريقة قليلة وتفصل بينها فترات طويلة. يعددها جيرلان ومنها «أربيج» و«فهرنهيت» و«أو سوفاج» لكريستيان ديور وشانيل خمسة لدار شانيل ولير دو تان لنينا ريتشي و«بليزير» لاستيه لودر.
ويضيف البعض «فيتيفيه» لجيرلان.
يقول «تتوقف جودة العطر الكلاسيكي على نوعية المواد الخام وأناقته وتميزه. وفوق كل هذا بقاؤه في الذاكرة».
ويندد جيرلان بالصناعة الحديثة التي تحاول التقليد وتنتج عطورا رخيصة تتبخر رائحتها بمجرد شرائها.وجيرلان وجاك بولج من شانيل «الشمامان» الوحيدان في فرنسا اللذان يبتكران عطورا.
الباقون موظفون في شركات تتعاقد على انتاج غزير لعطور في صناعة ازدهرت بازدهار تجارة السلع الكمالية التي يبلغ حجمها مليارات الدولارات.بدأت حياة جيرلان العملية وهو تلميذ عادي لم يكن لديه فكرة بأنه ورث الموهبة عن جده الاكبر الذي أسس مصنع عطور العائلة. تعهده جده عندما اكتشف فيه حاسة الشم الحادة.
قال جيرلان «كانت مجرد فرصة أتاحها لي جدي.. كنت الشخص الوحيد في العائلة الذي استمر معه. أكتشفت انني أمتلك ذاكرة شمية ضخمة وأستطيع تذكر روائح تعود الى صباي». وتحتفظ ذاكرته برائحة منذ أن كان في الرابعة.. حمام والدته المعبق برائحة بودرتها وعطرها «كاشيه جون».وبعدها يستعيد ذهنه رائحة الاسيتون التي انبعثت من دراجته اثناء طلائها وتتوالي الذكريات الشمية إلى ملابس أستاذه وصديقه المعبقة برائحة التبغ.وفضل جيرلان ركوب الخيل على التعليم وتميز في فنون الفروسية وكاد يتم اختياره ضمن فريق الفروسية الفرنسي الاولمبي. وكل عطر ابتكره جيرلان استلهمه من نساء أحبهن.. ومنهن النجمة الفرنسية كاترين دو نيف التي عشقها من بعد. وقد استوحي منها عطر «نيما»، أما عطور الرجال فكان يستشير فيها النساء بسؤالهن كيف يردن أن تبدو رائحته.
تأسست دار جيرلان فى 1826 واشترتها قبل أربع سنوات أكبر شركة سلع كمالية في العالم ال في ام اتش التي تدخل رئيس مجلس إدراتها برنار أرنو شخصيا لاقناع جيرلان بالبقاء.
|
|
|
|
|