| مقـالات
يظن البعض.. أن الصعاليك قد انقرضوا.. مثلما انقرضت الديناصورات وقد لا يعرف البعض عن الصعاليك القدامى والذين تحدثت عنهم كتب الأدب شيئا.. كالشنفرى.. والسليك.. وغيرهم.. وفي الحقيقة أن قصصهم وما يروى عنهم يبعث على العجب. ولو وجدوا في عصرنا هذا.. لأصبحوا من الأبطال.. أو لدخلوا في برامج المنتخبات التي تكونها الدول للمنافسات الرياضية.. خاصة الشنفرى وتأبط شرا.. والسليك.. فإنهم من أشهر العدّائين العرب. وكانوا إذا همّوا بسرقة حي من أحياء العرب تقدمهم الشنفرى.. فإذا رآه أهل الحي وقد هم بالسرقة ركضوا خلفه وهو يستطرد لهم.. فمرة يخفف ركضه ومرة يشد يغريهم بلحاقه.. وهنا يتمكن أصحابه من سرقة ما يريدون.. وبلغ من شدة ركضه أن الحصى الصوان وهو الصلب المتكوم إذا فركه بقدميه وهو يجري تطاير.. واصطفق وقدح نارا.
يقول:
إذا الأمعز الصوان لاقى مناسمي
تطاير منه قادح ومضلل |
وحياته كانت مع الوحوش وفي البراري.. وقد فضلها على أهله وبني جنسه من الآدميين.
ولي دونكم أهلون سيد عملّس
وأرقط زهلول وعفراء جيئل |
ويقصد الذئب.. والفهد أو النمر.. والنعام أو الضباع.
وفي زماننا هذا عندما يرى الناس الشخص الطويل القوي المتدروش الذي لا يأبه لمنظره الخارجي.. ولا يهتم بالشكليات التي استعبدت الناس وقد يمشي حافيا.. ولا يهتم بجمع المال وتكديسه.. فهو من فئة «ما جابت طارت به» وقد يتحمل زلل اللسان. فيقولون عنه إنه صعلوك.
ويقللون من قيمته. ولا يدرون ان له من الميزات ما لا يقدرون عليها.
وفي بعض القرى يحكون قصصا عن بعض الصعاليك.. كالذي قدم من إحدى هذه القرى الى الرياض. وكان الخبز ثمانية بريال.. فجاء للخباز وقال تشبعني بريال. فاستخف به الخباز. وقال: نعم.. فرمى إليه بالريال واتكأ على جال الفرن والخباز يرمي له بالخبز. حتى بلغ ستة فنظر إليه الخباز بريبة ثم أخذ ريالا وقال: خذ ريالك.. وحلال عليك اللي أكلت. وتخلص منه. أما صالح السنان فهو مشهور عند أهل سدير بطوله وعرضه في ضخامة أطرافه. وصيده للضباع والذئاب والقطط البرية وبيعها للناس زمن الجوع. ويقول عنه أحد المعاصرين: انه كان يخرج بقايا دقاق الحجر الرملي من بين مطاوي راحة يده بشوكة النخل وكان له قلب أصمع.. والقلب الأصمع هو الذي لا يأبه لشيء.. وهناك كثيرون من صعاليك هذا القرن.. يعيشون بيننا لكننا لا نعرفهم.
|
|
|
|
|