| ملحق القمة العربية
* كتب جاسر عبد العزيز الجاسر:
اعتادت الجماهير العربية سماع العديد من القرارات التي يصدرها قادة الدول العربية عقب كل قمة عربية منذ ان بدأ القادة العرب عقد مؤتمرات القمة ومع ان العديد من تلك القرارات تظل حبيسة الادراج ولا ينفذ منها الا النزر اليسير الا ان عادة تكثيف القرارات واعادة الكثير منها ظلت المسلمة الملازمة لمؤتمرات القمة ومع ان العديد من الدول والكثير من المفكرين العرب وساستهم طالبوا بأن يتم التركيز على موضوع أو موضوعين حتى يتم صدور قرارات يتم تنفيذها، الا ان عادة تكثيف القرارات ظلت هي المسيطرة.
والآن مع بدء اول قمة دورية والتي ستحتضنها العاصمة الأردنية تبلور توجه يتنامى بقوة في الدوائر السياسية العربية بأن يكون تركيز مؤتمرات القمة العربية على القضايا الملحة وان ينحصر البحث على موضوع أو اثنين أو ثلاثة على الاكثر دون الخوض في حزمة قضايا لا تجد البحث المستفيض وبالتالي لا تحظى بقرارات عملية ومع ان الأمور لم تحسم بعد لهذا الاتجاه الا ان هناك توجها بأن تهتم قمة عمان بثلاثة محاور رئيسية هي المحور السياسي، فالمحور الاقتصادي ثم محور تفعيل آلية العمل العربي المشترك من خلال تطوير جامعة الدول العربية.
1 المحور السياسي
يعد المحور السياسي هو الأشد سخونة خاصة وانه يتعلق بآخر تطورات القضية الفلسطينية ودعم صمود الشعب الفلسطيني فالمصالحة العربية والجزر العربية المحتلة من قبل ايران والمخاطر التي تهدد السودان وأسلحة الدمار الشامل.
القضية الفلسطينية
يعد بند الصراع العربي الاسرائيلي ودعم صمود الشعب الفلسطيني وتفرعات القضية الفلسطينية البند الرئيسي الأهم والأول على جدول أعمال القمة العربية والتي سيسعى القادة من خلالها الى تنشيط وتفعيل الدعم للانتفاضة الفلسطينية وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وفي هذا الاطار ستدعم القمة وتعمل على الضغط والسعي الى تشكيل لجنة تحقيق دولية لها صفة قانونية وأدبية دولية تجعل من الصعوبة على اسرائيل عدم التعاون معها مثلما حدث مع لجنة السنتور جورج ميتشل والسعي الى تشكيل محكمة جنائية دولية لمحاكمة مجرمي الحرب الاسرائيليين والدعوة الى عقد مؤتمر دولي للدول الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة.
وسوف يسعى عدد من الدول العربية الى تفعيل جهاز المقاطعة العربية لاسرائيل فبالاضافة الى المطالبة بتقليص العلاقات الدبلوماسية الى أدنى حدودها بين مصر والاردن من جهة واسرائيل من جهة اخرى ستطلب الدول العربية وقف أي تعامل سياسي واقتصادي وأي نوع من التطبيع مع العدو الاسرائيلي حتى ينفذ قرارات الشرعية الدولية.
وفيما يخص بدعم الانتفاضة الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني فسوف تتخذ القمة قرارات جديدة لايصال الدعم المادي وتفعيل اكثر لصندوق الانتفاضة والأقصى اللذين اقترحتهما المملكة العربية السعودية في قمة القاهرة الطارئة من خلال آلية جديدة.
دعم الدولة الفلسطينية
ومن المنتظر ان تشهد القمة العربية في عمان تسخينا في بعض القضايا التقليدية التي غالبا ما تدرج على جدول الأعمال بعد ان لحقتها تطورات اذ تتشدد «مشاريع» القرارات خاصة تلك التي تخص عملية السلام والتي ستؤكد على مواصلة دعم عملية السلام استنادا الى قرارات الشرعية الدولية وانها تقدم الدعم الكامل للمقاومة الفلسطينية واللبنانية والصمود السوري وستؤكد مساندتها لمنظمة التحرير الفلسطينية لاعلان الدولة خلال العام الحالي ودعوة الدول العربية والاسلامية والصديقة الى الاعتراف بها فور اعلانها وتساند القرارات الجانب الفلسطيني في مفاوضاته مع اسرائيل وتمسكه بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في قضايا القدس واللاجئين والحدود. وتدعو القرارات الادارة الامريكية الجديدة الى تكثيف الجهود للتغلب على العقبات التي تعترض اقامة سلام عادل وشامل ودائم في المنطقة. وتوجه القرارات تحيتها الى الانتفاضة والى الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين واللبنانيين في السجون الاسرائيلية وتدعو الى اطلاقهم فورا.
القدس الشرقية
وستشدد القمة العربية على مساندتها للسيادة الفلسطينية على القدس الشرقية باعتبارها عاصمة الدولة الفلسطينية والتشديد على قطع العلاقات مع الدول التي تنقل سفاراتها الى القدس او تعترف بها عاصمة لاسرائيل من دون اقرار التسوية الشاملة والعادلة وعودة الهيئات الانسانية والحقوقية الى مساندة الدعوى القضائية لاثبات عدم شرعية استئجار الولايات المتحدة للأراضي التي تنوي بناء سفارة امريكية عليها في القدس.
وستشدد القمة على حق العودة للاجئين الفلسطينيين طبقا لقرارات الشرعية الدولية خصوصا القرار 194 عام 1948 ومطالبة الامم المتحدة مجددا بإرسال بعثة تقصي حقائق لتحري أوضاع الاراضي الفلسطينية واستعمالاتها وعائدها وانتهاك حقوق ملكيتها واستغلالها ودعوة المجتمع الدولي الى الوفاء بالتزاماته تجاه عملية التنمية والاعمار في الاراضي الفلسطينية وتشجيع الاستثمار الاجنبي الخاص في هذه الاراضي بما فيها القدس الشرقية. وتدعو القرارات المجموعة العربية في منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) الى القيام بواجبها لمنع النظر في طلب اسرائيل تسجيل عدد من المواقع الاثرية في القدس الشرقية ضمن قائمة التراث العالمي وكذلك الاستمرار في منع استخدام نجمة داود الاسرائيلية كشارة دولية الى جانب الهلال والصليب الاحمر.
دعم سورية
وستعيد القمة تأكيد الموقف العربي الداعم لسورية وحقها في استرداد كامل الجولان العربي السوري المحتل ودعم صمود المواطنين السوريين والوقوف الى جانبهم في تصديهم للاحتلال الاسرائيلي وممارساته القمعية واصرارهم على التمسك بارضهم وهويتهم العربية وتأكيد تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 على مواطني الجولان العربي السوري المحتل وادانة المحاولات الرامية الى تكريس احتلال الجولان والتضامن العربي مع لبنان من اجل استكمال تحرير اراضيه وتنميته وتهنئة حكومته وشعبه بدور المقاومة اللبنانية الباسلة والصمود اللبناني الرائع الذي أدى الى تحقيق اندحار القوات الاسرائيلية من جنوب لبنان وبقاعه الغربي.
مزارع شبعا
كما ستدعو القمة اسرائيل الى استكمال انسحابها من مزارع شبعا وتأييد حق لبنان في استعادة كل شبر من اراضيه المحتلة مع احتفاظه بحقه في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي بالوسائل المشروعة حتى تحرر كامل الاراضي اللبنانية بما فيها مزارع شبعا.
وستطالب القمة المجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل لدفع تعويضات الى لبنان عن الاضرار الناجمة عن اعتداءاتها المتكررة على ارضه وتؤكد حق عودة اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان الى ديارهم.
أسلحة الدمار
وستدعو القمة العربية الى جعل منطقة الشرق الاوسط خالية من اسلحة الدمار الشامل وفي مقدمتها السلاح النووي وستطالب القمة بممارسة مزيد من الضغوط على اسرائيل لحملها على الانضمام الى معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية واخضاع كل منشآتها النووية لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
الجزر الإماراتية
اما بخصوص احتلال ايران للجزر العربية الاماراتية الثلاث وهو موضوع هام ويحظى بدعم واهتمام دول مجلس التعاون تلقى الدكتور عصمت عبد المجيد رسالة من الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي تتضمن فشل جهود الوساطة التي قام بها المجلس مع طهران وتتضمن قرارات القمة العربية استنكار تكريس ايران احتلالها للجزر وادانة المناورات العسكرية الايرانية والتي شملت الجزر ودعوة الحكومة الايرانية الى انهاء احتلالها والكف عن فرض الامر الواقع بالقوة وترجمة توجهاتها المعلنة في عهد الرئيس محمد خاتمي برغبتها في تحسين العلاقات مع الدول العربية الى خطوات عملية وملموسة قولا وعملا وتقرر الدورة اتباع الوسائل السلمية لحل النزاع القائم على الجزر بما في ذلك ابلاغ الامم المتحدة بعرض القضية على مجلس الأمن.
2 المحور الاقتصادي
يحتل الشأن الاقتصادي العربي جانبا مهما من اشغال مؤتمر القمة العربية المقرر عقده في عمان أواخر الشهر الحالي وحسب المعلومات التي حصلت عليها (الجزيرة) من مصادرها فإن الأردن سيتقدم بورقةعمل اقتصادية للقمة بالإضافة الى ان الأردن ومصر ستتبنيان مشروع قرار يؤكد على التعاون والتكامل الاقتصادي العربي، وطبقا لمصادر (الجزيرة) فإن مصر تنوي أيضا طرح أمرين.
الأول: اقرار عقد مؤتمر اقتصادي عربي على شاكلة المؤتمر الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال افريقيا.
الثاني: يتناول التعاون في حقل تقنية المعلومات بين الدول العربية باعتباره من المجالات الاقتصادية الهامة في العالم والتي لها مستقبل استثماري.
أما ورقة العمل الاقتصادية فإنها تشير الى انه وعلى الرغم من وجود عدد كبير من اتفاقيات التعاون الاقتصادي الموقعة بين الدول العربية إلا ان ا لمؤشرات تؤكد بأن التعاون الاقتصادي العربي ما زال أقل من الطموحات. وتشير الى ان البحث في السبل والوسائل الكفيلة بدعم هذا التعاون وتنميته وتفعيله عملية متشعبة يكتنفها العديد من الصعوبات نظرا للطبيعة الهيكلية للاقتصاديات العربية وتأثرها بمتغيرات اقتصادية واجتماعية وسياسية وداخلية وخارجية مختلفة. وتحدد الورقة أربعة محاور يمكن ان تشكل النواة والقاعدة الرئيسة لتحقيق التعاون العربي الاقتصادي هي: تنشيط وتوسيع حجم التجارة العربية البينية وتهيئة البيئة المناسبة لزيادة حجم الاستثمارات العربية البينية والربط بين الأسواق المالية العربية وأخيرا تهيئة البنية التحتية لدعم التعاون الاقتصادي العربي. وفي مجال تنشيط وتوسيع حجم التجارة العربية البينية تقترح الورقة، تفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى من خلال اعتماد قواعد منشأ تفضيلية موحدة واستكمال توحيد المواصفات العربية للسلع وتفعيل آلية فض النزاعات والحد من الاستثناءات الواردة في اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية والعمل على إلغائها تدريجيا خلال فترة خمس سنوات وتحرير تجارة الخدمات واستكمال إجراءات انضمام بقية الدول العربية الى هذه المنطقة وتعديل القوانين والتشريعات التي تتضارب مع أحكام الاتفاقية وتؤكد الورقة على أهمية توحيد قواعد وأحكام المنشأ بين الدول العربية المتوسطة الأعضاء في الشراكة الأوروبية المتوسطية من أجل الاستفادة من تراكمية المنشأ وتعزيز الجهود الجارية وتسريعها لايجاد اتحاد جمركي عربي، وتبني سياسة موحدة لتنظيم المنافسة ومنع الاحتكار ومواءمة القوانين والتشريعات في الدول العربية بما ينسجم مع هذه السياسات.
وفي مجال تهيئة البيئة المناسبة لزيادة حجم الاستثمارات العربية البينية تقترح الورقة التوصل الى اتفاقيات لمنع الازدواج الضريبي بين الدول العربية والتوصل الى اتفاقيات ثنائية وجماعية لحماية الاستثمارات والاسراع في توسيع نشاط المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وزيادة مواردها المالية وتوسيع دور المؤسسات المالية العربية في الاستثمار في مشاريع البنية التحتية التي يقوم بها القطاع الخاص في الدول العربية وتوفير التمويل اللازم لها.
وفيما يتعلق بالربط بين الأسواق العربية المالية تقترح الورقة انشاء سوق مالي عربي يعمل بموجب أنظمة وقوانين خاصة تتسم بالشفافية والوضوح والبساطة لمساعدة الشركات العربية على استقطاب رؤوس الأموال وتوسيع قاعدة المشاركة فيها. وكذلك تشجيع ودعم اقامة اتفاقيات تعاون بين البورصات العربية وخاصة في مجال تنظيم عمليات الادراج المشترك واصدار وتداول الأوراق المالية وتنظيم وتسهيل عمليات التسوية والمقاصة وتبادل المعلومات.
وفي مجال تهيئة البنية التحتية المناسبة لدعم التعاون الاقتصادي العربي، تقترح الورقة تكليف مجلس وزراء النقل العرب دراسة الجدوى الاقتصادية لإنشاء خط ملاحي يربط بين المشرق والمغرب العربي وتفعيل اتفاقيات النقل العربي (الترانزيت) وإعداد دراسة لإنشاء خطوط سكك حديدة تربط أيضا بين دول المشرق العربي وأخرى مماثلة لها تربط بين دول المغرب العربي تمهيدا للربط بينهما والعمل على إبرام اتفاق بين الدول العربية لفتح المجالات الجوية العربية أمام شركات الطيران العربية لتسهيل نقل الركاب وشحن البضائع جوا بين الدول العربية.
وتقترح أيضا، في مجال الطاقة، السير في إنشاء وتنفيذ مشروع نقل الغاز الطبيعي بين كل من الأردن ومصر وسوريا ولبنان ليكون نواة لتعميم فكرة المشروع بين دول المشرق والمغرب العربي وكذلك استكمال مراحل الربط الكهربائي بين مصر والأردن والعراق ولبنان وسوريا إضافة للربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون الخليجي والربط الكهربائي بين كل من تونس والمغرب والجزائر وكل من مصر وليبيا تمهيدا لتعميم الربط الكهربائي المتكامل بين دول المشرق العربي. وفي مجالات الاتصالات تدعم الورقة إنشاء البنية التحتية اللازمة لربط شبكات الاتصال بين الدول العربية من خلال شبكة الألياف الضوئية (Fier Optics).
3 تفعيل عمل الجامعة العربية
اشار مشروع البيان الختامي للقمة الذي رفعه وزراء الخارجية العرب الى القادة لاقراره إلى عدد من القرارات الهادفة الى تفعيل عمل جامعة الدول العربية ونص البند الرابع والثلاثون على عزم القادة العرب على قرار بتكليف الامين العام للجامعة لاتخاذ الخطوات اللازمة، واقتراح الصيغ المناسبة لاصلاح اوضاع الامانة العامة للجامعة من جميع النواحي المالية والادارية والتنظيمية، من اجل اعادة هكيلتها، والارتقاء باساليب عملها وادائها، وتمكينها من الاضطلاع بالمتطلبات القومية، ومواكبة المستجدات على الساحتين الاقليمية والدولية.
وفي البند 35 وبعد ان وجه القادة الشكر الى رئيس واعضاء لجنة المتابعة والتحرك المنبثقة عن قمة القاهرة الاخيرة على ما قامت به جهود لتنفيذ قرارات القمة، اكدوا على اهمية هذه اللجنة كآلية عمل ضرورية تتولى متابعة تنفيذ قرارات القمة، والتحرك على الساحتين الاقليمية والدولية، ويقررون استمرارها في عملها، على ان تتولى رئاسة القمة، بالتشاور مع القادة العرب امر تشكيلها، وان تعقد اجتماعاتها كل شهرين على المستوى الوزاري، وشهريا على مستوى الخبراء او كبار المسؤولين في مقر الامانة العامة للجامعة او في احدى الدول الاعضاء التي تطلب استضافة اعمالها.
وفي البند 36 الخاصة بتتابع عقد القمم الدورية وعملاً بالترتيب لرئاسة القمة الدورية، يقرر القادة عقد مجلس الجامعة على مستوى القمة في شهر مارس اذار لعام 2002م برئاسة دولة الامارات العربية المتحدة.
وفي البند 32 اجمع القادة على اختيار معالي السيد عمرو موسى، وزير خارجية جمهورية مصر العربية، اميناً عاماً لجامعة الدول العربية، منوهين بما يتمتع به من حنكة دبلوماسية، وكفاءة عالية تؤهله لتولي دفة العمل العربي المشترك على رأس الامانة العامة لجامعة الدول العربية في هذه المرحلة مثمنين له التوفيق والنجاح في عمله.
وفي البند 33 وجه القادة الشكر والتقدير الى معالي الدكتور احمد عصمت عبدالمجيد على قيادته شؤون العمل العربي المشترك اثناء توليه مسؤولية الامين العام لجامعة الدول العربية والتي ادارها بكل كفاءة واقتدار وساهم بخبرته الواسعة وحنكته السياسية في الحفاظ على الانسجام والتوافق بين اعضاء الجامعة العربية وارسى قيماً واسساً جديدة لاستعادة التضامن العربي والنهوض بمؤسسات العمل العربي المشترك في ظل ظروف وتحولات عربية ودولية عصيبة.
|
|
|
|
|