| محليــات
يخيِّل إليَّ أن التجاربَ أثبَتَت أن المجتمع العربيَّ مُجتَمَع استهلاكيُّ، وهو قابل لأن يقبل كلَّ شيء يوجَّه إليه، أو يعترضه، أو يَرِدُهُ، أو حتى يَجذِبُه، فيتعامل معه بكلِّ «سذاجة» وليس فقط عفوية،،،
السؤال الذي يَرِدُ عند هذه الحقيقة هو: ما هي الدوافع الخفية وراء ذلك؟ ومنه تَنبَثِقُ أسئلة أخرى: هل المجتمع العربي ترسَّبَت في أعماقه حواجزُ طَمَسَت فيه «الإحساَسَ» بما هو له، وما هو ليس له؟،،،
فأصبح ينقاد «كالذي عُصِبَت عَينَاه» أو «غُسِلَ مُخُّهُ» نحو «قبول» كل ما يُصَافِحُه؟،،،
والأدِلَّةُ على ذلك: أن المجتمع العربي يستهلك «وافدات» ما يُصَنَّع، وما يُمارس، وما يُلبَسُ، وما يُؤكَلُ، وما يُسمَعُ،
وما يُلعَبُ به،،،، و،،، و،،،، وهو يفعل ذلك دون أن يكون «مستعداً» لأن يقَارِن، وينتخب، ويُصفِّي، ويختار، ويفصل، بين ما »يناسبه» من كلِّ ذلك،،، وبين مالا يناسبه،
وهو مجتمع «حسن النيَّة» ذلك لأنه يستقبل، ويستهلك، ويستخدم، ويَمارِسُ بل يُقَلِّدُ بكل عفوية،،،
العجيب أنَّ هذا الموضوع ليس حديث العهد،،،، ومناقشته ليست تأتي من فراغ في الوقت نفسه،،،
وهذا النقاش، وتلك القرارات، وكلُّ الذي يحدث الآن في أمر «اللعبة» التي انتشرت كالنار في الهَشِيم «البوكيمانات» بين كافَّة طبقات الناس، وفي كلِّ البيوت، وبين أيدي كل الأطفال على اختلاف أعمارهم،،
ليُؤَكِّدُ أن أمراً مهماً لابد أن يحدث كي يغير في «سلوك» المجتمع العربي، ويمسح عن «مخِّه» ما ترسَّب فيه، ويُزيل كلَّ «طامس» في دخيلته نحو الإحسَاس الذي لابد أن تُستَنفَرَ له كَافَّةُ جهود التربويين، والباحثين، والمفكِّرين، والإعلاميين، والداعين، والمعلمين،،، كي يَستَيقِظَ، ومن ثم يكون قادراً على معرفة ما الذي يناسبه، وما الذي يجب أن يرفضه منذ البدء،،،
ولعلَّ أول الذين لابد أن يضعوا ضوابط في أمر رغباتهم الاستهلاكية والربحية هم التُّجار الذين يستقبلون كلَّ شيء ، ويروِّجُون له، وينشرونه،
ويلوِّنون الدعاية له من أجل «المكاسب» دون النظر أو الاعتبار في نتائج هذه المكاسب الشخصية في تركيبة البنية الداخلية للإنسان في المجتمع العربي،،،،
وهذا يَتِمُّ عند مقارنة الحاجة والضرورة في هذه المرحلة على وجه التخصيص، لأنها مرحلة «الانفتاح»، والتقارب الكُلي بين المجتمعات، إعلامياً واقتصادياً،،،
إن ما يُنتَجُ هناك ليس بالضرورة أن يُستَهلَكَ هنا،،،
ذلك لأن ليس كلَّ «منتج» يخدم المادة في الإنسان؟،
بل هناك مايخدم العقول، والأرواح،،،
وأحسب أن عقول العرب وأرواحهم تحتاج إلى «غربال« يُصَفِّي مايَرِدُها،،
مما يناسبها،،، ويناسب بناءها العقدي، قبل أيِّ بناء،
|
|
|
|
|