| القرية الالكترونية
تساءل أحد القراء الكرام عن الخيال والحقيقة فيما طرحته الزاوية الاسبوع الماضي في قصة ابي صالح الذي قرر اخيراً اقتناء جهاز لابنه صالح ليستعين به في دراسته ويستذكر دروسه ويتواصل من خلاله بأقرانه من الطلاب والمتعلمين عبر البريد الالكتروني الحوارية على الإنترنت،
وقد رغب أن ابين له تبيان مواضع الخيال وتمييزها عن الجوانب الواقعية من المقالة، والحقيقة إنني التمست من وراء تلك الإشارة التي ختمت بها تلك المقالة ان اشجع القارئ الكريم لبحث جوانب القضية بنفسه، ولكن لا بأس من الحديث عن جانب من ذلك، على سبيل المثال، مما أتمنى ان يصبح جزءاً من واقعنا الذي أوردت له امثلة كثيرة في تلك المقالة، خلو سوق الحاسبات السعودية من الخبرات الاجنبية التي اقتاتت على الحاجة الماسة للسوق السعودية لتكتسب الخبرة على حساب ابنائنا، او لعلي اكون منصفاً ومتزنا فيما اتمناه واقول تقليل الوجود الاجنبي في السوق التقنية السعودية، وقد أظهرت جولاتي في اسواق ومعارض الحاسب في المملكة جانبا مؤلماً لا يخفى على متأمل، إذ لا تزال اللغات الإنجليزية والسنهالية والاردية الاكثر انتشارا إلى جانب العربية لكثرة الناطقين بتلك اللغات في تلك الاسواق، وهو أمر مؤلم حقاً ان نرى أسواقنا تخر صريعة في أيدي هذه الأيادي النهمة المتفرغة التي لن تسمح للخبرات السعودية الناشئة ان تنمو او تتخذ لها مكانا في تلك الاسواق،
ولأن شبح التقنية يجعل الكثيرين يترددون مراراً قبل قرار دخول سوق التقنية، فإنهم يغفلون عن حقيقة اولئك الذين ينافسونهم في هذه السوق، فالكثير من اولئك الآسيويين يأتون خواة من الخبرة والمعرفة بالحاسب والتقنية، فيحتضنهم اقرانهم من بني جلدتهم ليتيحو لهم الفرصة للتدرب والمحاولة والخطأ على حساب السوق السعودية حتى يصبحوا ربابنة للسفينة بعد ان كانوا من ركابها، ولايزالون في ازدياد مستمر ولدرجة مذهلة،
ثم يأتي الزائر لسوق الحاسبات، يعجب من الآسيوين الذين يقفون في اركان السوق ونواصيه يقلبون انظارهم في الداخلين ويقتربون منهم على وجل ليعرضوا عليهم مختلف الخدمات النظامية وغير النظامية وبأسعار زهيدة منافسة، إذن، فالأمنية ان تحل محل هذه الخبرات الآسيوية الطامعة خبرات محلية تستحق اقبال المستهلك وعناية التاجر والمستثمر السعودي، ورغم ان نذر العولمة تنطوي على إلغاء الحواجز الدولية أمام تجارة مفتوحة، إلا ان قتل اليد العاملة المحلية ينذر بخطر محدق قد ندفع ثمنه غالياً فيما لو استمر الحال على ما هو عليه من تدفق الايدي الآسيوية الجائعة التي لا تدخر وسعاً في دعم بعضها البعض والتكاتف للسيطرة على سوق التقنية السعودية من خلال الشركات والمؤسسات التي تبحث عن الربح الوفير والسريع، ناسية او متناسية الاضرار الواسعة التي تنسحب على البلد شيئاً فشيئاً، واليد الأجنبية والآسيوية بالذات ليست بالجانب الوحيد الذي أشارت إليه تلك المقالة كما بينت، وما نحن بحاجة إلى عمله أكثر بكثير مما قمنا بعمله حتى الآن في سوق التقنية، وما دامت هذه الأيدي الآسيوية تغرف محلاتنا التقنية بوجودها المذهل فإن سوق البرامج السعودية على سبيل المثال لا الحصر ستستمر في التقهقر والتداعي لما يمارسه اولئك الوافدون من قتل للجهود واهدار للموارد بما يقومون به من ترويج للبرامج المقرصنة التي تتأثر كثيراً باستهداف هذه الفئات من قبل الجهات المسؤولة، ولعلي اترككم مع هذا المثال اليسير الذي مررت به في أحد الاسواق فقد توجه إلي شاب آسيوي لا يكاد ينطق بكلمة عربية سليمة يعرض علي مذكرة سرد فيها جميع البرامج التي يمكنه نسخها لي فاستعرضتها لأعرف المدى الذي وصلت اليه تلك التجارة، ثم عدت إليه مستفسراً لأفاجأ بقوله: «انا ما في معلوم عربي كويس، انا فيه جديد»،
|
|
|
|
|