| الثقافية
"مرآة الغبش" هي المجموعة الثالثة للقاص طالب الرفاعي بعد مجموعتيه: "أبو عجاج طال عمرك" الصادرة عن دار الآداب عام 1992م و"أغمض روحي عليك "متتاليات قصصية"الصادرة عن دار الآداب عام 1995م.
تمتدُّ على مدى مائة وسبع وعشرين صفحة من الحجم المتوسط، وتضم اثنتي عشرة قصة قصيرة متفاوتة في عدد صفحاتها، أقصرها في ثماني صفحات "أربع قصص"، وأطولها في أربع عشرة صفحة "قصتان""أصابع طائرة، خيمة بني هلال".
ويحمل عنوان القصة الثامنة "مرآة الغبش" وتقع في ثماني صفحات. يوثِّق القاص تاريخ كتابة كلِّ قصة، فقد كتب جميعها عام 1996م، كُتبت أولاها في 16 كانون الثاني 1996م "الموعد نسمة" وآخرها كتبت في 28 آب 1996م "سمكة سوداء"، ولم يُرتِّب القاص قصصه في مجموعته وفق تواريخ كتاباتها، وربما أوردها في خططها "لغاية في نفس يعقوب".
يحفز عنوان المجموعة "مرآة الغبش" وعنوان القصة الثامنة، وصورة الغلاف قارىء المجموعة لتقليب صفحات المجموعة والتعرف على محتوياتها حيث يُقدِّم له الفهرس عناوين القصص التالية: "ليلة باردة، أصابع طائرة، رخص الدم، ببغاء، سمكة سوداء، خيمة بني همّام، رنين مكتوم، مرآة الغبش، كراسي الانتظار، مُناي، الموعد نسمة، فُرجة".
عناوين مثيرة تبدو للوهلة الأولى متباعدة لا رابط بينها، وعندما يسارع الى حل لغز العنوان وصورة الغلاف، تشدّه قصة العنوان كما تسرَّب الشاب "سمحان " الشخصية الثانية في القصة الراوي/ البطل، وكما راح يتابعه في مشيته المعوجة، يتابع القارىء قراءة القصة التي تضعه مباشرة وبلا مقدِّمات أمام ظاهرتين، الأولى في السحر والشعوذة ودورهما في تقريب المحبين وابعادهم وقناعة العامة بهما، والثانية الشاب الساحر الذي "يستقعد عبداً له من الجان يتسامر معه حتى الفجر" وانَّ هذا العبد "يتخذه زوجة له " "ص 81".
وغدت غرفة سمحان المكان المفضّل للراوي/ البطل، وظلت المرآة تخاتله بحركتها المريبة، وأثارته عبارة "فديتك" بتكرارها بلهفتها "سمحان والمرآة والعبارة" ألغاز كانت تُقلق بطل القصة، كما يُقلق العنوان القارىء، وعندما يحل سمحان مشكلة البطل في الوصول الى محبوبته بلقيس يحل لغز سمحان والمرآة والعبارة.
ويكتشف بعد لأيٍ انّ الانسان برؤاه وحياته ومشاعره هو المحور الأساس الذي دارت حوله قصص المجموعة.
* المجموعة القصصية:
تقع المجموعة القصصية في مائة وسبع وعشرين صفحة، وتضم اثنتي عشرة قصة قصيرة من الحجم المتوسط، كتبت عام 1996م، وتقدِّم قصصها صوراً متعددة للانسان في حياته ومشاعره وعواطفه وسلوكه.
تقدِّم القصة الأولى "ليلة باردة "الرجل والمرأة بمشاعرهما وعواطفهما "أعتقد أول الأمر انها تمزح معه، تختبر لهفته، اقترب منها، وقف قرب رأسها لفترة، كانت تحتضن المخدة إلى صدرها، تغطُّ بنومتها القديمة التي يحفظ! رفع طرف الغطاء. لم تُغيِّر عادتها، ما زالت تنام "ص 13".
كما تُقدِّم القصة الثانية "أصابع طائرة" الرجل والمرأة في علاقتهما وحياتهما "على مائدة الافطار، مالت برقبتها نحو زوجها، همست تُخبره عن رؤية الأصابع الطائرة في المرآة. جعل سلطان يتابعها صامتاً. أزعجه تحرشها الصباحي، أنكر عليها رؤاها وأحلامها التي لا تنتهي! واجهها بلهجته العسكريّة القاطعة، أوهامك تُصوِّر لك أشياء لا وجود لها "ص 17" وتُقدِّم القصة الثالثة "رخص الدم" صورة الرجل في مواجهة الحياة وتأمين متطلبات الزوجة والأسرة، وعندما تضيق الحياة من حوله تتحول فكرة "نقطة من دمك تُنقذ انساناً" "ص 33" التبرع بالدم تبرع بالحياة "ص 34" الانسانية الى وسيلة توفِّر المال الضروري لحياة الأسرة "خمس دقائق تشرب بعدها الحليب، تأخذ عشرة دنانير، وينتهي الأمر" "ص 33".
وتُقدِّم القصة الرابعة "ببغاء" الرجل في علاقاته مع زوجاته الأربع، وكثرة العيال "جيش أكثر من عشرين ولداً"! ص "40" وجو الدسائس والمؤامرات "لا أدري متى سيكفَّ عن سهره ومصائبه؟ رجل شايب هلكان، أربع نساء برقبته. البيت والعيال لا يجدون ما يأكلون، وهو لاه بالمشروب والقمار "ص42" الذي ينتهي الى محاولة الزوجة سعدة والجار أحمد الى قتل زوجها.
وتُقدِّم القصة الخامسة "سمكة سوداء" صورة لعبث الشباب وخيالات أحلامهم "حين أنبسَّ صوتها يخدش المكان. طلبت منه أن يرفع قليلاً صوت التلفزيون. نظر اليها أنهضها من يدها، قادها، أراد أن يريها اللوحة، ولكنَّه وجد السمكة وقد غادرت مكانها" "ص55" وتختزل القصة السادسة "خيمة بني همام" الواقع العربي بين جاذبية العولمة واستلهام التراث، ان لم يكن لتثوير الواقع، فعلى الأقل للمتعة والفرجة.
|
|
|
|
|