رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 27th March,2001 العدد:10407الطبعةالاولـي الثلاثاء 2 ,محرم 1422

مقـالات

شدو
صرخة في أضرحة الصمت!
د.فارس محمد الغزي
هل تظل التساؤلات الإنسانية/التاريخية قائمة أم هل أنها تنتهي بانتهاء صلاحية صائغيها عدماً بعد وجود..؟ وحينها تصبح هذه التساؤلات في عداد (القواعد) من التساؤلات.. تنتهي صلاحيتها.. فتحل ضيفا (لاحراك به) علي قوائم ما لم يجبه التاريخ من استفهامات؟! ما الفائدة من بقاء التساؤلات حين يجابهها يُتْم الإجابة؟.. بل حين يواكب عقم الإجابة موت السائل؟ انتفاء المسؤول؟.. اضمحلال وتحلل السؤال، وتقادم الزمان واندثار المكان؟ ماهو شعورك حين يطرق أذنيك أو (يخترق) ناظريك تساؤل سابق من عصر سحيق؟.. هل ينتابك فضول؟.. هل يعتورك ذهول؟... أم هل يسكنك خمول كونك تئن (آنيا) تحت وطأة أسئلتك الآنية غرقا في لجج بحور الحيرة وعدمية الإجابة؟!
ترى ماذا كان يدور في مخيلة شاعرنا جرير عندما أطلق سراح خياله الشعري مستهلا قوله بمساءلة الخليفة: أتصحو أم فؤادك غير صاح...؟! وماذا عن تبعات تساؤل الآخر حين صدح جاهلا بحقيقة (مرض عين الخليفة): ما بال عينيك منها الماء ينسكب..؟! بل ماذا عن كبيرهم امرئ القيس.. وهل ياترى أن صاحبيه قد لبيا طلبه فتوقفا معه وشاركاه البكاء على ذكرى أينها الآن من ذكرى..؟ بيد أنها ذكرى لا علاقة لهما بها، فهل ياترى أنهما بكيا (من قلب!).. أم أنهما تصنعا البكاء؟!


قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
بسقط الِلّوى بين الدخول فحومل

وماذا عنها.. في إجابتها.. في استجابتها.. بل ربما في النقيض: في تمنعها .. في امتناعها عن الإجابة وسيدها عمرو بن كلثوم يزجرها حاثا إياها على امتطاء صهوة العجلة إتيانا بصبوحه (الأندريني؟)، وهل ياترى هبت فلبت أمر سيدها حين خاطبها قائلاً:


ألا هبي بصحنك فاصبحينا
ولا تبقي خمور الأندرينا

هل من الضرورة أن يسبق كل سؤال جوابه؟.. وهل كل متسائل يرنو إلى جواب.. أم هل يا ترى أنه هروب (التقرير) عن طريق الإقرار باستحالة حدوث المأمول فالتساؤل تقريري؟ إذن كيف للاحق القدرة علي غربلة وفرز أسئلة الوهم من أسئلة الحقيقة.. من أسئلة العزاء الذاتي.. من أسئلة الاسقاط.. من أسئلة الاستئناس.. من أسئلة التحسر... من أسئلة الحيرة المتناهية... من أسئلة الوقت الضائع.. من أسئلة بهجة اللقاء.. من أسئلة الاحتجاج على استحالة اللقاء... من أسئلة الألم.. من أسئلة الأمل.. من أسئلة تواصل الأسئلة؟!
بل ماذا عنك أنت وتساؤلاتك هي.. ماهي؟!: هل تتذكر مواقف أضحت تساؤلاتها تاريخا يركض خلفك دافعاً بك إلى المزيد من الهرب إلى الأمام .. إلى خط النهاية، فارضاً عليك الاكتفاء بطرح السؤال يتيما من الإجابة.. مانحاً إياك خيار (لاخيار!).. ماذا كانت حينئذ ياترى تساؤلاتك هذه...؟ هل أجابها الزمن حينها؟... ما ذا عنها الآن.. وغداً ومابعيد وبعد غد بعده غد لا محالة آت وآت..؟!
... ختاما الحياة موقفان ليس إلا: موقف يأس يدفع بالإنسان إلى الكذب على نفسه والتقوّل على لسان الأغلى (من نفسه!).. أملا كاذبا:


لاتقولي (لا) فمكتوب على
وجهك المشرق نورا (نعم)!

أما الموقف الآخر فهو موقف الهزيمة والاعتراف المتأخر.. ومع ذلك فهو اعتراف تعوزه القدرة على هدم ما تراكم منذ أن وقع (الاقتراف).. اعتراف تنصل نصه:


أيها السامع تدري ما الذي
قلته والله لا أدري أنا !

وأنا كذلك.. كذلك أنا ... فماذا عنك أنت ... يا أنت..؟!

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved