| فنون مسرحية
ما يزيد على مائة دولة حول العالم تحتفل هذا اليوم بمناسبة خاصة للمسرحيين هي (يوم المسرح العالمي)، فيها تعيد الثقة في امكان اخصاب التربة المسرحية، تغرينا جميعاً بانتصارها للمسرح الذي كثيراً ما نتحدث عنه بلهجة رثائية.
شمعة اخرى تضاء لمشهد أزلي من الافتنان بالطقوس المسرحية، والانجذاب الفطري لجماليات الايقاع الحركي الممتزج بشعرية الجسد وموسيقى الكلمة، يتم التأكيد فيها على ان هذه العلاقة الابدية بين الناس والمسرح لا نهاية لها على حد كامبانتيليس ايا كافوس مؤلف مسرحي الذي اختير لكتابة الرسالة العالمية لهذا العام.
وبقدر ما تجدد هذه المناسبة الامل في دفع هذا النشاط الى مواقع متقدمة على خارطة الابداع بما فيها من رسالة واضحة تقرأ في ثنايا مظاهر الاحتفاء دوليا، فانها تدفعنا للتلفت حولنا بعيون هامدة تستحضر كل اسئلتها عن ما يحيله كل هذا الصمت عندنا في لحظات صدوح الصوت المسرحي، نتذكر معها عذابات الحالمين بالتحليق بجناحين مسرحيين للبعد عن دوامة الثرثرة والادمان على السام، سعيا لابتكار زمانها ومكانها الخاص، حيث لا يكتمل المشهد في كل مرة نبالغ فيها بأحلامنا وتبالغ الحقيقة في انكشافها المر.
هي هكذا الاحداث المسرحية دائما تمر من هنا دون صخب، سكونية في حبر من الكلام، كما في هذا الحدث الذي سيمر هادئا في أوساطنا المسرحية، يتخفى في زوايا الاخبار المتفرقة، ليخبرنا عن لذة الاحتفال بهذه المناسبة في بنغلادش، وفخامته في كندا، ومروره بدول الشرق الفقيرة، فيما نحن بلا أجندة محلية للاستفادة من هذه المناسبة باعتبارها مناسبة استثنائية للاحتفاء بمسيرة الفن المسرحي الذي انطلق مع تراجيديات الاغريق القدماء في فترة ما قبل الميلاد، وتنامى خلال هذا السفر الطويل في صورة مذاهب واتجاهات فكرية وادبية كان لها كبير الاثر في صوغ الاشكال المسرحية الحديثة، واستحق بها ان يكون ابا للفنون جميعا، وشاهدا على متغيرات الحياة الانسانية.
تبدو مؤسساتنا الثقافية وكأنه لا علم لها بهذا الموعد، فهي لا تملك روزنامة مسرحية، تكون بمثابة الدليل لمناسباتها الخاصة، وانما تلجأ غالباً الى روزنامة اخرى ملونة وفي ألوانها احالات على مواعيد اخرى، قد يكون للشجرة والمرور والصحة نصيب منها، بينما تتساقط اشجار الامل واحدة تلو اخرى في ارواح المسرحيين.
وبالتالي فان ما تبقى من فائض الحلم المسرحي بيوم خاص سيخبو هذا المساء، حتى يعاود المسرحيون لاحقاً بعد التخفف من كمد الضياع تزيين انفسهم بقلائد الافراط في التفاؤل، دون ان يجدوا لاحلامهم مخرجاً على ما يبدو الى فضاء الحياة اليومية.
كنا سعداء بتزامن اصدار هذا الصفحة الاسبوعية وموعد الاحتفال بيوم المسرح العالمي، على اعتقاد منا بأنها ستصنع من طراوة الاخبار ووفرتها طبقاً شهياً للقراء، غير ان ذلك كان رهاناً مكلفاً اضطرنا للبحث في الكويت والبحرين والشارقة عن مواد تخص هذه المناسبة بدلاً من الرياض وجدة والدمام، تقصياً للذة مفقودة نشبع بها احساساً بحيوية الاحتفال بهذا اليوم الذي سقط سهواً من ذاكرة المسؤولين في جمعية الثقافة والفنون ..!
|
|
|
|
|