| عزيزتـي الجزيرة
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان الا على الظالمين.. بهذه الكلمات يفتتح دائما حديثه رحمه الله، نعم ترجل عن حصانه والقى عنه عصى الترحال وعدة الجهاد، يُحمد الجهاد لمن شهد معركة واحدة لكن شيخنا سليمان العامر رحمه الله خاض غمار معارك متعددة في حياته، وابلى بلاء حسنا لم تنثن له عزيمة ولم يطمع بفيء، سلك طريق العلم على دروب الشوك لم تفتر له همة، خالط العلماء وجلس اليهم ونهل من معينهم الصافي، انبرى للدعوة الى الله وارشاد الناس في عدد من مناطق المملكة واسس فيها مراكز الدعوة بتوجيه من ولاة الامر وفقهم الله والعلماء المعنيين بشئون الدعوة ،وساهم ببناء اعداد كبيرة من بيوت الله في تلك المناطق التي عمل بها واستقر بعد ذلك في منطقة حائل لا ليرتاح لكن ليواصل المسير وينطلق عبر طول المنطقة وعرضها والدعوة في الحج وغيره، انبرى شيخنا المجاهد لعدد من الاعمال الخيرية والاجتماعية ساهم بتأسيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن وعمل في مجلس ادارتها نائبا ثم رئيسا لها حتى توفاه الله.
وكانت تعيش في وجدانه ويبذل لها نفسه وماله وجاهه حتى ازدهرت واثمرت بفضل الله ثم رعايته لها، رشح لمجلس المنطقة لما يعرف عنه من حب للخير وتفان في خدمة المجتمع، رجل اصلاح له تأثيره ما عرضت عليه قضية الاحلها بتوفيق الله ثم بحكمته ومعرفته باحوال البلاد واهلها ونفسياتهم واساليب التأثير الايجابي عليهم، يبذل في سبيل الاصلاح كل مافي جيبه وترى اساريره على وجهه حينما يتصالح لديه الخصوم وفي لجنة الاصلاح بجمعية الملك عبدالعزيز التي كان يرأسها سجل حافل بانجازاته الاصلاحية، وفي الجمعية الخيرية وجمعية الروضة ولجنة اصدقاء الصحة واللجنة الاستشارية للشئون الاسلامية والمجلس الاعلى للجمعيات الخيرية وغيره وغيره من منشاط الخير والصلاح يعلو دائما صوت شيخنا بالاصلاح وحب الخير للناس وللبلاد وقادتها وللصغير والكبير يحمل هم الارملة واليتيم والاعزب والعانس والفقير والمحتاج، كم والله بكى وابكى، وكم والله فرجت بسببه رحمه الله من كربة وقضي من دين و التم شمل وجفت دمعة لقد صحبته رحمه الله منذ اثنتي عشرة سنة وشهدت له الكثير من هذه المواقف التي ذكرتها ولم اجد مثله رحمه الله بالبذل والسخاء والكرم فلا يكاد يمر يوم واحد الا وفي بيته ضيوف لا يرد سائلا ولا يمنع احدا جاهه وشفاعته، ضرب رحمه الله اروع المثل بالعفة وعزة النفس.
سألته يوما رحمه الله عن سبب اهتمامه بالمزارع مع ما كان يجده في سبيلها من تعب وارهاق شديد فقال لي بالحرف الواحد ليس والله طمعا بجمع المال ولكن لاعفاف نفسي عن سؤال حاجتي ومد يدي لغيري وكان يعاتب كثيرا من يتكاسل عن العمل وكسب الرزق، كانت همته وثابه وعزيمته صلبة، حينما يدعى لحفل لتكريم حفظة كتاب الله كان يسارع لحضوره مهما كلفه السفر حبا لكتاب الله وحفظته حتى انه رحمه الله في احدى احتفالات احدى المناطق طلب مني مرافقته وبعد الحفل اخبرني ان احد ابنائه قد تعرض لوعكة شديدة وادخله المستشفى قبل ان نغادر المنطقة ولم يثنه ذلك عن حضور الحفل، كان رحمه الله صاحب قلب محب لا يعرف الحقد يتواضع للصغير ويلاطفه ويمازح الكبير وهو حريص على الصلة وجمع اقاربه وارحامه.
سافرت معه برا مرات عديدة لاتمل صحبته اما مسألة علمية نافعة او قصة ادبية مسلية او دعابة مسلية، هذا غيض من فيض من السيرة الجهادية لشيخنا الفقيد الذي احبته القلوب وليس ادل على ذلك من احتشاد الناس في الصلاة عليه وحضور جنازته، اسأل الله ان يعوضنا خيرا وان يبارك بانجاله وتلاميذه لانتهاج سيرته العطرة وان يوفق مشايخنا لما يحب ويرضى سائلا الله ان يسكن والدنا وشيخنا الفردوس الاعلى من الجنة وان يجمعنا به في دار كرامته، كما اعتذر لاخوتي ابنا ء الشيخ ومحبيه عن قصور المقال عما يستحقه شيخنا من ذكر انا لله وانا اليه راجعون وصلى الله على محمد.
حمود بن سرهيد الفداع حائل
|
|
|
|
|