أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 25th March,2001 العدد:10405الطبعةالاولـي الأحد 30 ,ذو الحجة 1421

وَرّاق الجزيرة

قراءة في أوسع مصادر تاريخ الجزيرة العربية في العصر الحديث
«تذكرة أولي النهى والعرفان بأيام الله الواحد الديان»
للشيخ إبراهيم بن عبيد آل عبدالمحسن
محمد بن عبدالله المشوح*
تعتبر الجزيرة العربية أحد أبرز المواقع المهمة التي احتضنت أحداثا مهمة عبر التاريخ وكان لها نصيب جيد من العناية والتدوين وإن تفاوتت في فتراتها وأزمانها ويعتبر القرن الثاني عشر للهجري وما بعده من الفترات الحرجة في تاريخ الجزيرة العربية نظرا لتباين أحداثها وغموض مواقفها وقلة من كتب ودقق وحقق فيها.
واذا كان التاريخ يمر على أبرز أحداثه فلا شك أن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب كانت الحدث الأهم في تلك الفترة وما بعدها لما ترتب على أثرها من متغيرات ومواقف.
لقد دونت العديد من الكتابات عن تلك الفترة مثل تاريخ ابن بشر وابن غنام والجبرتي لكنها بقيت دون ما حملته تلك الفترة من أحداث ومتغيرات.
لقد جاء كتاب المؤرخ العلامة: ابراهيم بن عبيد آل عبدالمحسن ليسجل اضافة مهمة عن تلك الفترة بمعلومات أشبه ما تكون بالنادرة الموسوم ب«تذكرة أولى النهى والعرفان بأيام الله الواحد الديان وذكر حوادث الزمان» سوف أسعى الى بيان أهمية هذا الكتاب ومنهجه وطريقته في هذا التاريخ وسماته ومزاياه والشيخ ابراهيم متابع دقيق عاصر العديد من الأحداث المهمة في تاريخ توحيد هذه البلاد على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله.
ويعتمد على الروايات الشفهية المباشرة والسؤال الدقيق عن الأحداث والوقائع مما أضفى على شخصيته العلمية الدقة والتثبت في غالب ما كتب مما سوف نتناوله في الدراسة الشاملة للكتاب.
كما أجدها فرصة أن يكون لدارة الملك عبدالعزيز دور في الرجوع الى الشيخ ابراهيم عن عدد من الأحداث والشخصيات المهمة في تاريخنا علما بأن الشيخ يحتفظ لديه بمكتبة ضخمة مليئة بالوثائق والمخطوطات والكتب التي جمعها خلال أكثر من ثمانين عاما.
كما يحتفظ ببعض الكتب المخطوطة بيده أو أيدي اخوانه المشايخ.
كما سوف أتناول ابتداء شخصية الشيخ العلمية والذي عرفته عن قرب وقدم هذا السفر المهم الذي لا يمكن ان يستغني عنه باحث في تاريخ الجزيرة العربية.
أما المؤلف:
فهو من أبناء الجيل الأول ممن عايش فترات توحيد الجزيرة العربية على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله حيث انه من مواليد بريدة سنة 1334ه وينتمي الى أسرة علمية معروفة تخرّج منها عدد من العلماء والزهاد والعباد والأدباء والشعراء ومنهم والده الشيخ عبيد بن عبدالمحسن آل عبيد رحمه الله. والشيخ عبدالمحسن بن عبيد أحد أبرز تلامذة الشيخ عمر بن سليم رحمه الله وأورد له الشيخ صالح العمري ترجمة في كتابه علماء آل سليم وتلامذتهم وعلماء القصيم أشار فيها الى أنه ذو معرفة جيدة برجال الحديث وأنه رحب الصدر عفيف طيب النفس وله سمة عجيبة قل أن تجد مثله في زمانه عرض عليه القضاء في شقراء بترشيح من الشيخ عمر بن سليم عندما طلب منه الملك عبدالعزيز ذلك فاعتذر من الشيخ عمر وبكى وأبكى شيخه كان ذا خط جميل يكتب به الكتب ومن ذلك كتاب «الهداية» لأبي الخطاب وهو كذلك شاعر متميز قوي لكن شعره لا يتجاوز النصح والارشاد والرثاء ومنه مرثيته الرائعة في شيخه الشيخ عمر بن سليم التي تعتبر من عيون المراثي حيث يقول في مطلعها:


أشكو إلى الله علاّم الخفيات
مصيبة عظمت لا كالمصيبات
موت التقي الإمام قدوتنا
الماهر البطل العالم الراتي
محقق العصر مفتي الوقت عالمنا
فقيه نجد باطلاق البريات
محيي العلوم وقاضي عصره عمر
ذو العقل والدين مع حسن السجيات
مفتي البلاد وحيد العصر فاضله
أخو المعارف فينا والسعادات
خطب جسيم على نجد وساكنها
أعظم به من خطوب الماجريات
ريعت له من ذوي التوحيد أفئدة
فكم دموع جرت تتلو لعبرات

وقد ألف كتابا أسماه الهداية والارشاد طبع عدة طبعات. وقد رثاه الشيخ ابراهيم بن عبيد بقصيدة جزلى يقول فيها:


تبارك مولانا يقضي ويحكم
له الخلق والتدبير والله أرحم
تفرد في تصريف كل مكون
فمن ذا له عما قضى الله مهزم
لقد كتب الله الفناء على الورى
ألا كل حي حبله متصرم

الى أن قال:


وفي رابع الستين من ضبط هجرة
ثلاث مئين قد تعد وترقم
وقد سار نعشه الى نحو جامع
فإن قلوب الناس يذبها التألم
على ابن عبيد واسمه عبدمحسن
فتى من كرام فضله ليس يبهم
مكبا على درس الكتاب مرتلا
نهارا وليلا في الدجى يترنم
ومن زهرة الدنيا مقل مقلل
على حذر منها بأخراه مغرم

والشيخ عبدالمحسن بن عبيد بن عبدالمحسن آل عبيد رحمه الله، والشيخ العابد الورع الزاهد التقي فهد بن عبيد آل عبدالمحسن متعه الله بالصحة والعافية، والشيخ عبدالمحسن بن فهد بن عبيد آل عبدالمحسن رحمه الله، والزاهد المتعفف التقي محمد بن عبيد بن عبدالمحسن.
تلقى العلم على يد عدد من علماء بريدة في ذلك الوقت أمثال الشيخ عبدالعزيز بن ابراهيم العبادي رحمه الله والشيخ العلامة عمر بن محمد بن سليم رحمه الله والشيخ عبدالله بن محمد بن سليم.
وكان ذا حافظة عجيبة وذاكرة قوية وذكاء خارق استطاع أن يبز أقرانه وزملاءه وكانت له حلقات معدودة استمرت زهاء خمسة وثلاثين عاما تخرج على يديه عدد من الأعلام أمثال الشيخ صالح البلهي والشيخ صالح الفوزان والشيخ محمد المرشد والشيخ محمد بن عودة والشيخ علي الربيش وغيرهم من العلماء.اشتهر منذ فترة طويلة بباعه الطويل وعلمه الغزير في الفرائض وكان الناس يفدون اليه من أقطار عديدة لقسمة التركات وحل المسائل الفرضية.
كتب في التاريخ والوعظ والرقائق وكان كتابه المشهور ذائع الصيت مرقق القلوب «عقود اللؤلؤ والمرجان في وظائف شهر رمضان» وكذلك الرحيق المختوم والبدور البهية والفتوحات القدسية وغيرها من المؤلفات. والشيخ ابراهيم بن عبيد شاعر مجيد له قصائد عديدة تدور على النصح والرثاء ومديح الأحبة والعلماء وتكاد تصل تلك القصائد الى ديوان لعل الله ييسر طبعه.
وهو الى ذلك ذو ثقافة واسعة في الشريعة والأدب والتاريخ والسياسة.
متحدث لا يمل حديثه يحسن سرد القصة والحكاية لا تغيب عنه أسماء أعلام هذه الجزيرة من أمراء وعلماء وأدباء ومشاهير لا تغادر أسماؤهم ذاكرته بل هو راوية التاريخ المعروف.
له أسلوبه الخاص بصوت ونبرة فريدة تجذب السامع فيذعن صامتا لسماع الأخبار والحوادث والقصص والوقائع التي يعد الشيخ ابراهيم مرجعا ثبتا فيها.
هذه كانت لمحة سريعة عن حياة الشيخ ابراهيم بن عبيد آل عبدالمحسن صاحب التاريخ المشهور الذي سوف نتناول منهجه فيه وطريقته في تأليفه وأبرز خصائصه ومزاياه في حلقة قادمة.
*المستشار الشرعي في أمانة مدينة الرياض

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved