| مدارات شعبية
النقد مدينة بمرافقها المختلفة وأدواتها وآلاتها الفاعلة، بها كما في المدن البشرية من فعل في الواقع وتغيير له وقدرة على تشكيل ملامح مستقبله.. ولها كما لغيرها من حظ في التطور والتفاعل الايجابي.. ويقع عليها كما يقع على المدن البشرية من احتلال وطمس هوية.. وهي تحس كما تحس هذه المدن بالمرارة عندما تتجرع المر من مرور سنين جدباء شهباء مهلكة وهي تعاني خلالها ذل التعايش مع المحتل، وحسرة فقد الأهل والأصحاب الذين غابوا عنها في المتاهات بفعل فاعل.
ومدائن النقد الآن محتلة .. والمحتلون غير أكفاء .. بل هم غرباء في الحقيقة عن النقد وعن فهم حقيقته، كما انهم غير متمتعين بلباقة التعامل معه كما تملي عليهم اصولهم وكما يملي عليهم الواجب .. بل هم يهبطون في الحضيض من ذلك كله عندما يسمون انطباعاتهم الشخصية ورؤاهم وأحلامهم وملاحظاتهم نقدا.. كما يسمون انفسهم نقادا.
وساحة النقد في الواقع تتطلع لمن يحررها ويدك حصون وأعشاش المرتزقة بها.. كما انها ترفع أكف الضراعة لمولاها عز وجل ليخرج لها من يفك اسر أقلام النقد من أيدي المتسولين المتمسكين بها كتمسك الغريق بالقشة لتكون لهم نافذة الى النور بزعمهم مع انهم اضعف الناس قدرة على تحمل أشعته المنبثقة مع انفاس الصباح ناهيك عن قدرتهم على تحمل النظر لعين شمس النقد في عز ظهيرته.
وبما ان لكل شيء وقته ورجاله. فان زمن تحرير مدائن النقد في الساحة الشعبية من زمرة الدخلاء المحتلين آت لا محالة، بل ان من يملك منا عيني زرقاء اليمامة فانه يرى في الأفق علامات وخيوط ضوء القادم الجميل الآتي من رحم ثورة الجميع على الموجود الآن والذي يسميه البعض بالنقد.. ذلك القادم الجميل الذي بعقله فكر وبقلمه كلمة.
|
|
|
|
|