ورحل الشيخ

ورحل الشيخ

الحمد لله الذي تفرد بالبقاء والصلاة والسلام على خير عباد الله وعلى آله وصحبه وسلم.. وبعد:
فان الدنيا دار ممر وليست مستقراً. ان اضحكت قليلاً ابكت كثيرا، سرورها مشوب بالكدر، كم اذاقت من غصص، وكم كدرت من صفو، دنيا غرارة مكارة تفعل باهلها الاعاجيب. لا يركن اليها إلا غافل او جاهل، ايامها سيوف قاطعة، تأخذ هذا وتنذر ذاك. فالله المستعان.
الحقيقة اني لا اعرف من أين ابدأ كلامي عن شيخنا الخفي التقي النقي الشيخ سليمان بن عامر العامر - رحمه الله- ان القلم ليعجز عن الكتابة، وان اليد لتهتز، وان نبضات القلب لتضطرب، وان الافكار لتتبعثر، ولكنها كلمات محب لحبيبه ولاعماله الجليلة التي نفع الله بها.
بالامس القريب كنا نترقب قدوم شيخنا من الحج )وقد أعلن على جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية عن توقف نشاط لجنة اصلاح ذات البين حتى عودة الشيخ( فهل عاد اليها والينا؟ عاد من الحج متعباً وتلقى - رحمه الله- التهاني بمناسبة العودة والعيد، وما لبث ان ذهب على طريق القصيم لمزرعته واثناء عودته حصل ذلك الحادث المروع الذي لم يكن بالحسبان، حدث جلل، وخطب كبير، وما علمت جموع المسلمين في المنطقة إلا وقد هرعوا للصلاة عليه واتباع جنازته - رحمه الله- لقد كان مشهداً عظيماً حيث امتلأ الجامع الكبير وساحاته على صورة غير معهودة، وكذلك المقبرة، ولاشك ان تلك الحشود الغفيرة مع ما يصحبها من دموع وزفرات لتدل دلالة واضحة على ما حظي به شيخنا - رحمه الله- من مكانة عند الناس وقبول، والله عز وجل اذا أحب عبداً جعل له القبول في الارض، نسأل الله ذلك نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله احداً.
لقد رحل علم من أعلام حائل الافذاذ الذين قلما تجد مثلهم علماً وورعاً وخشيةً وسلوكاً، لقد غمر الجميع باخلاقه الحميدة وسجاياه الرفيعة وتواضعه الجم، بحر زاخر ونهر دفاق وينبوع لا ينضب وغيث هطال، لا يعرف جلالة قدره إلا من كان قريباً منه، نقي تقي ورع، تولى عدة مناصب منها:
- عينه الشيخ ابن ابراهيم - رحمه الله- داعية في ظباء وهو طالب لم يتخرج بعد.
- انتقل لحائل فكان النواة الأولى لمركز الدعوة والارشاد بالمنطقة، فقد اتخذ من بيته مقراً للمركز حتى انتقل الى مقره الرسمي وقد تولى ادارته سنوات عدة.
- ثم انتقل لرئاسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعيّن رئيساً لها في المنطقة.
- اشتغل داعية في المدينة المنورة وواعظاً بالمسجد الشريف ما يقارب الست سنوات في فترات متفاوتة.
- بعد تقاعده من رئاسة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أعير لمركز الدعوة والارشاد ما يقارب السنتين.
- رشح عضواً في مجلس المنطقة حتى وفاته - رحمه الله-.
- كل سنة يبتعث للتوعية في الحج.
- اشتغل سنوات عدة رئيساً للجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم حتى وفاته - رحمه الله-.
- اشتغل رئيساً للجنة اصلاح ذات البين في جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية حتى وفاته - رحمه الله-
له مناصب اخرى ومجالات دعوية متنوعة رحمه الله املنا بالله ثم بأبنائه ان يكتبوا عن هذه الكنوز حتى تبرز للناس وهذا اقل الواجب.
- لك الله يا ابا حمود كم رسمت البسمة على وجه يتيم ومحتاج، وكم ساعدت من ملهوف، وكم ذرفت عيناك خشية لله بسماع آية من كتابه، مصابك جلل، وفراغ كبير.

لعمرك ما الرزية فقد مال

ولاشاة تموت ولا بعير

ولكن الرزية فقد شخص

يموت بموته خلق كثير

رحمك الله يا شيخنا رحمة واسعة وجمعنا وإياك في دار كرامته ومستقر رحمته مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا.
- والله ان القلب ليحزن وان العين لتدمع ولكن ما نقول إلا ما يرضي ربنا. وقد احسن من قال:

دع الأيام تفعل ما تشاء

وطب نفساً إذا حكم القضاء

- وما احسن ما عبّر به احد شعرائنا عن وفاة شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - وها نحن نسوق هذه الأبيات مرة اخرى لان المصاب قريب عهد وفي امر واحد.:

عزاؤنا في رحيل الشيخ نبعثه

لأهله حيث كأس المر قد جرعوا

يارب فارفع لروح الشيخ منزلة

في جنة الخلد في الفردوس ترتفع

والحمد لله حمداً لانفاد له

وبالقضاء رضينا كيفما يقع

قال سبحانه : )أولم يروا أنّا نأتي الأرض ننقصها من اطرافها..(.
والحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

صالح سعود السعود حائل

أعلـىالصفحة

رجوع