| الاقتصادية
.. يعتبر الماء من أهم الركائز التي تقوم عليها الحياة، قال: الله تعالى وهو أصدق القائلين في محكم التنزيل: )أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما، وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون( الأنبياء 30. .. إن أهمية الماء للإنسان ولسائر شؤون حياته، لا تظهر الظهور الكافي إلا عند فقده كليا أو جزئيا، كالشأن في سائر النعم التي من الله بها علينا، ولا يكاد أحدنا يلقي لأهميتها بالا، أو يقدرها، كنعم الحواس مثل: السمع، والبصر، واللمس، والشم وغيرها من نعم الصحة والعافية الأخرى التي هي تيجان على رؤوس الأصحاء ولا يبصرها إلا فاقدوها من المرضى .. إن الماء هو العنصر الأساسي لحياة الكائنات الحية، من إنسان ونبات وحيوان.. وقد نص جل ذكره في معرض امتنانه على عباده والتبيان لقدرته وآلائه جل جلاله أنه هو من أوجد هذا الماء فأوجد به الحياة للنبات الذي به قوام حياة الكائنات الأخرى، فقال جل ذكره: )وهو الذي أنزل من السماء، فأخرجنا به نبات كل شيء، فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا، ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب، والزيتون والرمان، مشتبها وغير متشابه، انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه، إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون( الأنعام 99. .. فإذا كان الماء بمثل تلك الأهمية وهو فعلا كذلك أفلا يجدر بنا جميعا كل في موقعه العمل على المحافظة عليه، بعدم إهداره فيما لاطائل من ورائه، مسترشدين بالهدي النبوي الذي يحذرنا من الإسراف في الماء، حتى ولو كان أحدنا على نهر جار، وهو أمر له من الدلالة مالا ينبغى أن يغيب عن أذهاننا، ومن تلك الدلالة: أن للماء من القيمة والأهمية ما يجعل مشروعية استعماله مقتصرة فقط على حدود الحاجة دون تجاوزها، وأن من تعود على الاستهلاك غير المبرر للماء بالإسراف فيه ولو على شواطئ الأنهار، فإن ذلك سيقوده قطعا إلى التعود على الإسراف وإهدار عطية من أثمن العطايا الربانية وهي الماء.
.. لقد أولت الدولة الماء العناية القصوى منذ أرسى جلالة القائد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله بنيانها، وسار خلفاؤه من أبنائه بعده بسيرته في ذلك.. ولا تزال تلك المسيرة جادة في سيرها نحو ذلك الاتجاه، وليس شيء أدل على ذلك من المشاريع الضخمة الخاصة بالمياه ومصادرها التي تضمنتها خطط التنمية من سدود عملاقة وحفر آبار ومد آلاف الأكيال من الخطوط الرئيسية والشبكات الفرعية والتوصيلات في المدن والقرى.. مع مواصلة وزارة الزراعة والمياه مساعيها الدؤوبة لتحديث دراسات المياه بإشراف كفاءات عالية من أبناء هذا الوطن الكريم المؤهلين... ولقد تضافرت وتزامنت تلك الجهود كلها مع اليقين الصادق لدى وزارة الزراعة والمياه المتمثل في أن: الاستخدام الأمثل للمياه هو السبيل الأمثل للمحافظة عليها، فبادرت الوزارة باتخاذ عدد من الإجراءات، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: الحد من زراعة المحاصيل التي تستنزف كميات كبيرة من المياه، وتطوير أساليب الري، وإيقاف تصدير الأعلاف، والاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة.
.. وسعيا في ذلك الاتجاه، انطلقت الوزارة بدءا من صيف عام 1418ه بالمرحلة الأولى من الحملة الوطنية لتوعية المواطنين والمقيمين، انطلاقا من يقينها بأهمية ترشيد استخدام الماء والمحافظة عليه، وتشرفت الوزارة بالمشاركة الفعلية لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيزولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء حفظه الله من خلال الكلمة التوجيهية الكريمة التي كانت فاتحة لانطلاقة المرحلة الثانية من هذه الحملة، وفي نهاية عام 1419ه إضافة للحرص والمتابعة الدؤوبة من لدن صاحب المعالي الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز بن معمر وزير الزراعة والمياه.
.. حيث أقيمت المراكز الإعلامية للمياه في العديد من مناطق المملكة، وشارك الإعلام مشكورا ولا يزال مشاركا بسائر وسائله من أجل إيصال الرسالة التي تهدف إليها الوزارة من حملتها التوعيوية هذه.. كما كانت هنالك استجابات مشكورة من قبل الوزارات والمؤسسات والمصالح الحكومية الأخرى، وكذلك القطاع الخاص من أجل إنجاح هذه الحملة المباركة، استجابة لنداء التواصي بالحق، في المحافظة على عنصر من أهم عناصر الحياة وهو الماء، وطاعة لولي الأمر الذي وجه بذلك وأمر به من أجل الوطن الغالي وأبنائه البررة.
فهد بن عبدالله المقبل
|
|
|
|
|