| المجتمـع
تحقيق:منصور السعيدان
كم يقف الانسان منا وقفة تأمل صادقة حامدا الله سبحانه وتعالى على ان اتم عليه نعمه وألبسه ثوب الصحة والعافية، ومنّ عليه بنعمه الكثيرة، ومن هذه النعم نعمة السمع والكلام وكم تتجلى هذه النعمة ويزداد شكرنا لله عليها عندما نرى فئة من ابناء مجتمعنا تحتاج منا الى وقفة صادقة ويد حانية مراعاة منا للحاجة الماسة التي تتطلبها حالتهم ألا وهي فقد نعمة السمع )الصمم(.
فحاولت جاهداً في هذا التحقيق المبسط ان اتناول جوانب مهمة تخص تلك الفئة معرجاً على ما يحتاجونه وعن مشاكلهم وهمومهم التي سوف نتناولها من خلال الاسطر القادمة.. وذلك من خلال اللقاء بفئة من الصم بمحافظة الخرج.
معاناة الطالبات
في البداية نحب ان نذكر انه يبلغ عدد الصم الرجال في محافظة الخرج وحدها اكثر من 56 اصم فالموظفون منهم فقط 15 والطلاب 7 فقط في المرحلة الثانوية ويبلغ عدد الصم الصغار في محافظة الخرج 35 طالبا كما يبلغ عدد الصم من النساء في محافظة الخرج اكثر من 15 طالبة.
وتعاني الطالبات في المحافظة من عدم وجود فصول لتعليمهن مما نتج عنه جلوسهن في المنازل والذي بدوره ادى الى انتشار الجهل بينهن إلا ما ندر من قيام بعض اولياء أمور الطالبات بالذهاب بهن الى الرياض والذي يبعد اكثر من 100 كيلو متر في اليوم ذهابا وايابا وفي هذا كثير من المشقة ناهيك عن دوره في تعطيل مصالح ولي الامر من ترك العمل او السكن في مدينة الرياض من جراء ذلك.
وهذا بلاشك له آثاره السلبية على الاسرة والمجتمع ونفسية المعاق سمعياً والذي يشعر بالعزلة من جراء عدم احساسه بأخذه فرصة التعلم او العمل اسوة بباقي ابناء مجتمعه فأصبح يحمل هم الاعاقة السمعية وهم التعلم والوظيفة وتلك المعاناة اتضحت من خلال الآراء التالية:
في لقاء مع الاخ علي بن علي العرجاني - العمر 25 سنة يقول علي:
انه متخرج من الثانوية العامة منذ اكثر من ثلاث سنوات ويحمل شهادة دورة في الكمبيوتر بالاضافة الى شهادة تأهيل المعاقين.
ومع ذلك لم يستطع الحصول على وظيفة لكي يصرف على نفسه وعلى عائلته علما بان والده متوفى وهو يقوم بالصرف عليهم ولابد ان يكون قريبا منهم بحكم الظروف التي تحيط به.
وعند سؤالنا له عن الاعمال الحرة ولماذا لا يتجه اليها قال اولا هذا يحتاج الى رأس مال وهذا الشيء غير متوفر لدي. وانا اقوم في هذه الايام باستعمال سيارتي كأجرة لكي اقوم بتلبية متطلبات عائلتي ولن المورد وللاسف قليل جدا فكيف لي بالزواج والاستقرار وانا بدون وظيفة واحمل اعاقة سمعية كذلك فهذا يسبب لي عبئاً نفسيا كبيراً جداً.
وفي حوار آخر مع الاخ عبد الرحمن بن عبد الله الفصيل - عمره 27 سنة ويعمل كاتبا في مدرسة ابتدائية قال انه يجب مراعاة الاصم وانه يحتاج الى رعاية اكثر من غيره وراتبي لا يتجاوز 1500 ريال وانا العائل لاسرتي وخصوصا بعد وفاة والدي قبل شهر وان العبء قد زاد علي اكثر ويضيف ان ما زاد من تعقد الامر ان راتبي كان في السابق قرابة 2300 ريال على نظام الساعات ثم وضعت على فئة )أ( مما سبب لي الكثير من المتاعب والتعب النفسي.
فكيف سأقوم برعاية اهلي والنظر في حوائجهم وحوائجي براتب 1500 ريال؟؟
فهذا قليل جدا بالنسبة لرب اسرة ويعاني من اعاقة سمعية كذلك مما يحد من قدرتي على ان اعمل اعمالا اخرى بعد خروجي من العمل الرسمي.
كما تحدث لنا الأخ: خليفة بن خليف العنزي وهو يعمل موظفا في القاعدة العسكرية قائلا:
ان المعاقين يحتاجون مركزا خاصا بهم في محافظة الخرج لكي يستفيد منه الصم في اقامة الندوات والمحاضرات لان هناك الكثير من الامور الشرعية التي تنقصنا نحن المعاقين بالصمم. وكذلك تظهر حاجتنا للمركز لنزاول فيه بعض الالعاب الرياضية ونقيم فيه المنتديات الثقافية والمهرجانات الرياضية.
وتزيد حاجة معاقي الصمم لهذه المراكز لانهم لا يجدون من يفهم لغتهم )لغة الإشارة( سواء مع اهلهم او في مجتمعهم لذلك تجد انهم بحاجة لمثل هذه المراكز كي يجتمعوا بمن هم في مثل اعاقتهم.
كذلك نجد في هذا المركز متنفساً لنا لكي يعلم بعضنا بعضا عن احداث المجتمع واخباره وما يحيط بنا من مخاطر.
لزواج من الخارج
كما تحدث الينا الاخ عبد الله مبارك الشاهري 34 سنة ويعمل في المؤسسة العامة للصناعات الحربية )ميكانيكا سيارات( متطرقاً لموضوع الزواج وانه من اصعب المشكلات التي تواجه معاقي الصمم ويقول بهذا الخصوص انه استمر اكثر من 9 سنوات وهو يبحث عن زوجة، ويتقدم الى كثير من الاسر ولكن للاسف يقابل بالرفض والسبب يرجع الى النظرة الدونية لمعاق الصمم.
ثم يقول استطعت بعد ذلك ان احصل على تصريح للزواج من إحدى الدول العربية وآمل ألا يتكرر هذا الذي حصل لي مع اي شخص من المعاقين.
وفي لقاء مع الاستاذ عبد العزيز بن عبد الرحمن اليحيى مشرف التربية الخاصة بادارة التعليم بمحافظة الخرج قال:
في البداية اتوجه بالشكر للاخوة في جريدة الجزيرة على هذا الاهتمام بقضايا المجتمع بجميع فئاته وهذا ما يلمسه كل مواطن في هذا البلد وما طرحها لقضية المعاقين سمعيا لهو خير شاهد على ذلك فالصم ولله الحمد في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين يلقون كل اهتمام وتقدير وخير دليل على ذلك مكرمة خادم الحرمين الشريفين بانشاء ناد للصم في كل من جدة والدمام.
كما تحرص وزارة المعارف ممثلة بالامانة العامة للتربية الخاصة على تقديم كافة الخدمات لفئات التربية الخاصة ومن هذا المنطلق تسعى ادارة التعليم بمحافظة الخرج على توفير كافة الامكانات لخدمة هذه الفئات ومن بينهم المعاقون سمعيا فلو تطرقنا للمحة موجزة عن التعليم نجد انه:
- تم افتتاح مركز لمحو الامية للصف الثالث كبار عدد الدارسين 7 طلاب.
- كما تعتزم الادارة باذن الله افتتاح المرحلة المتوسطة ليلي للصم وذلك في العام القادم باذن الله.
- كما تم افتتاح مركز تدريبات النطق المسائي ويستفيد منه المعاقون سمعيا والمعاقون فكريا وطلاب التعليم العام.
ولا يخفى على الجميع مدى اهمية تدريبات النطق للمعاقين سمعيا حيث يعتبر ركيزة اساسية وداعمة لهم في تعليمهم حيث انه ومن خلال التدريبات يستطيع التعرف على نطق الحروف من مخارجها الصحيحة ومن ثم نطقها بشكل جيد وسليم بإذن الله.
وايام العمل في هذه المراكز من السبت الى الثلاثاء من كل اسبوع بعد صلاة المغرب مباشرة ويبلغ عدد المستفيدين من المراكز هذا العام الدراسي 1421ه ما يزيد على ثلاثين طالباً.
كما يوجد في المحافظة ثلاث مراحل دراسية للصم المرحلة الابتدائية والمرحلة المتوسطة والمرحلة الثانوية. ومن الجهود التي تبذلها ادارة التعليم في الوقت الحالي ولله الحمد فقد تم الانتهاء من مسح حالات التربية الخاصة في المحافظة لمعرفة نوع الاعاقة وعدد المصابين بها لتقديم الخدمة المناسبة لهم.
وقفة صادقة
وهذه خطوة جريئة وصادقة نابعة من الاحساس بالمسؤولية تجاه هذه الفئة حيث قام اثنان من الاساتذة جزاهما الله خيراً ممن يعملان في تعليم الصم وهما كل من الاستاذ منصور بن عبد الله الجدوع مشرف فصول الصم في مدرسة جعفر بن ابي طالب في الخرج والاستاذ علي الهزاني بعمل اجتماع اسبوعي للصم بالمحافظة في كل يوم ثلاثاء من كل اسبوع يتم فيه عمل بعض البرامج الثقافية والدينية والاجتماعية والرياضية بما يعود على هؤلاء الصم بالنفع والفائدة.
|
|
|
|
|