| مقـالات
يعرف التربويون المسلمون التربية الإسلامية بأنها ذاتية النبع سليمة الطلع كريمة الأصل والفرع بمعنى أنها منبثقة من حاجات ومطالب وواقع المجتمع المسلم غير مستوردة ولا مستوحاة ولا متحولة من الشرق أو الغرب فهي مستوحاة من الدين القويم، والدين العظيم من أقوى خصائص هذه الأمة عرفت به وعرف بها وأقامت جميع شؤونها عليه ولايصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، والتربية الإسلامية في تصورها للكون والحياة والممات أسبق وأقدر وأغزر من غيرها على حل مشكلات الإنسان من كل التنظيمات الأخرى العاجزة القاصرة والتربية الإسلامية ذات الأصول الماجدة الخالدة ليست انفلاتاً من القيم والأخلاق والأعراق والآداب الكريمة كما هي حصيلة بعض النظريات التربوية المعاصرة بل هي والحق يقال انضباط وانعتاق من الذل والتبعية لغير الله وحده وتقدم وارتقاء في المشاعر والأفكار والأخلاق والتوجهات وهي تقدم حي وموحٍ في مضمار العلم الصحيح والتربية الموصلة إلى خيري الدنيا والآخرة وليست مادية النزعة ولا محدودة الهدف والمصير، وليست من أجل ابداع أو اختراع قد يضر ولا ينفع أو يفيد على ظهر هذه الأرض فقط، وهذا الأخير نافع ولا شك لكنه محدود الزمان والمكان أحيانا إنما التربية السليمة من أجل ما ينفع ومن أجل الاستزادة من التعرف على جلال وجمال وكمال قدرة الله مع الاستفادة والاستزادة من كل ماأنجزه الله على أيدي البشر من مخترعات ومبتكرات شريطة أن تكون موضوعة في سبيل الخير والنماء والصلاح والإصلاح )خذوا الحكمة من أي وعاء خرجت( )والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها( إذاً فإسلاميتها تعني دقتها ووضوحها وعموميتها وشمولها وهي ربانية المنشأ والهدف ومن أصولها أن أساس الخير طهارة النفس ونقاء القلب وحسن الصلة بالله )إذ جاء ربه بقلب سليم( وإذا كان التربويون المسلمون يقولون إن التربية الإسلامية إسها وجذرها أنها فكرة وعقيدة ونظام ونهج ومنهج فهم يقصدون بذلك أموراً عدة من أهمها تجذير وتأصيل وتثبيت الشخصية الإسلامية بحيث لا تؤثر فيها الرماح ولا تلويها الرياح كحال بعض التربويين في البلاد الإسلامية أتباع كل ناعق وماحق، ومنها أيضا أن التربية الإسلامية لا يحدها موضع ولا يقيدها لون ولا جنس ولا يقف دونها حاجز جغرافي وهذا عملها قبلا يوم وجدت الحماة والرعاة وعندها الاستعداد لذلك حتى آخر الزمان فهي كلمة الله الأخيرة إلى البشر وهي تؤثر العمل والإنتاج على الدعاية والإعلان حيث الطبيعة البشرية تنفر كل النفرة من الكلام الفارغ وغير المقعد كما تنفر من المديح الكاذب والدجل الخادع والسراب المضل والتهريج الذي ليس من ورائه طائل كما أنها تؤثر أيضا التمايز والتباين بين المؤمنين والكافرين ونعني بالتمايز بالفكر والشمول والتصور وبالأخلاق والسلوك والمشاعر والأحاسيس أيضا) كونوا كالشامة بين الناس( )لايكن أحدكم إمعة يقول أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت وأن أساءوا أسأت ولكن وطنوا أنفسكم فإن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم( وما أكثر الامعات التربوية اليوم أو من يسد نقصه وقصور فكره وضحالة علمه وضآلة حظه التربوي ببعض النظريات الداخلية والهزيلة التي أثبت الواقع والميدان فشلها والعجيب في الأمر أن البعض ممن يحملون رؤوساً جوفاء تتوالى منهم وعليهم الهزائم التربوية ويحاولون دوماً توهيم أنفسهم وغيرهم أنهم بخلاف ذلك وهو أمر لا مبرر له وتبرير لا حاجة اليه حيث الأمر واضح وبين، والتربية الإسلامية أعمق فكراً وأقوى أثراً وأبعد نظراً من هذا التسطيح الذي نحسه ونشاهده في بعض النظم التربوية سواء كانت هذه النظم في بلادها أو زرعت في جسم الأمة الأسلامية فهي جسم غريب وشاذ وهذا الجسم الصحيح غير العليل إسلامياً يرفضها ويحاول التخلص منها متى حان الوقت لذلك لمعرفته التامة أن التربية الإسلامية هي الأجدر والأقدر والأنفع والأرفع وهذه هي الصبغة والصفة التي تميزها عن غيرها )صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة( إن التخبط والفشل والسقوط والهبوط الذي يصيب التربية الوضعية سواء في مهدها أو عند تصديرها لبلد آخر إنما ذلك بسبب وضعيتها ومحدوديتها وعجزها وقصورها وزمنيتها وكم من قامات ومقامات وهامات تداعت وسقطت لدى قدحها على زناد التعامل الميداني وهذا مشاهد ومحسوس ولكن هل يعي أولئك البله أو الحيارى أبعاد ومضامين ونتائج التربية الإسلامية المجيدة وهل يعون أو يعقلون أن سرتخلف بعض ديار الإسلام هو الخروج عن منهج التربية الإسلامية الصحيحة والثرثرة الفارغة والترقيع المقيت وهذه هي علة العلل التي ابتلى بها بعض المسلمين حيث افتقد بعض التربويين في بعض ديار الإسلام الشخصية المميزة والعلامة الفارقة بينه وبين غيره والتي تجعل منه بحكم تربيته الإسلامية إنساناً قوياً ولقد كان لتلك العزة الإيمانية أثرها عند السلف اعتصاماً بحبل الله واستمساكاً بدينهم حيث انهم يستمدون تلك العزة وهذا الثبات من عقيدتهم القوية التي تمنحهم العزة والمنعة واليقين والاستقرار قال تعالى) واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب ( والتربوي المسلم قدوته هؤلاء الصفوة )واذكر عبادنا إبراهيم وإسحق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار( إنه البصر في الدين والدنيا وإذا كان ثبات الشخصية التربوية امتدادا لثبات العقيدة وصحة التصور فإن التربوي إذا لم يكن بعد الله معتزا بعقيدته ومعطياتها التربوية الجامعة المانعة تراه مضطرب الأفكار هزيل التصور متغيرا كحال البعض يتبع كل ناعق وماحق لا يثبت على حال وتكون النتيجة كما يشاهد الان في بعض ديار الإسلام أصبح بعض التربويين محاكيا بدون فهم دليلا لغيره تصبح حياته وتربيته والناشئة من حوله بالذلة والمسكنة والتبعية المذمومة وان كان يدعي خلاف ذلك إن ضياع هذا الجانب وما يحمله من قيم حية ومثل مرعية يعمل قطعا على ضياع الأمة وانحدارها بتربيتها إلى ما لا تحبه ولا ترغبه )خير أمة أخرجت للناس( إن كل بعد وكل زهد بتربيتنا الأصلية وكل ترقيع مقيت مميت انما هو نزوات طائشة وتصرفات حمقى رعناء أثبت الواقع المعاش فشلها ولم تحقق تلك الأفكار الوافدة ما تصبو إليه الأمة في حاضرها ومستقبلها إذ الإنسان ومنذ أقدم العصور يحاول بتربيته أن يمكن لنفسه في الأرض وأن يجلب السعادة والسيادة له ولأمته وأن يمضي سني عمره في أمن وأمان وراحة واطمئنان واذا كان التربويون من غير المسلمين بشر تلعب الصفات البشرية والإنسانية لديهم أدوارا متبانية ولا يستقرون على حال والخطأ دوما لزيق بالبشر وحقيق فيهم فإن ما تزل من عند الله براء من ذلك فهل ياترى يعي بعض التربويين في ديار الإسلام ذلك وهل يريحون أنفسهم وغيرهم من التخبط وهذه العشوائية التي أضرت كثيرا لا سيما وعندهم المنهل العذب والمعين الفياض فهل من مذكر؟
|
|
|
|
|