| مقـالات
يصادف يوم 22 مارس من كل عام اليوم العالمي للمياه والذي رفع فيه هذا العام شعار «الماء والصحة» كما يصادف بداية اسبوع المياه الخليجي الثالث والذي اتفقت دول مجلس التعاون الخليجي على شعار «كفاءة أنظمة الري حماية لمواردنا المائية» وبهذه المناسبة أود ان أشير لما يجب على مواطني ومقيمي دول مجلس التعاون الخليجي من واجب نحو المياه والمحافظة عليها وترشيد استخدامها.
دول مجلس التعاون الخليجي تصنف من الدول الصحراوية أو شبه الصحراوية التي يتميز مناخها بشدة الحرارة وقلة الأمطار وعدم انتظام سقوطها حيث تقدر معدلات الأمطار السنوية بحوالي 100ملم في السنة باستثناء السلاسل الجبلية في جنوب غرب المملكة العربية السعودية وجنوب سلطنة عمان والتي قد تصل معدلات سقوط الأمطار الى حوالي 500 ملم في السنة وتعتمد هذه الدول في مصادرها المائية بعد الله على المياه الجوفية التي تكون استعاضة المياه غير المتجددة منها ضئيلة لا تتناسب وما يستنزف منها بالاضافة لمياه البحر المحلاة ذات التكلفة الباهظة والتي تقدر تكلفة المتر المكعب منها بين 3 5 ريالات حسب طاقة محطة التحلية حيث تقل التكلفة كلما زادت طاقة المحطة.
كما بدأت دول المجلس بالاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة ومياه الصرف الزراعي وعلى نطاق ضيق.
مشكلة النمو السكاني والتي تزيد عن 3% سنويا والنهضة التي شهدتها دول المجلس في مختلف المجالات وبصفة خاصة الزراعية تمثل المشكلة الرئيسية في تنمية موارد المياه والمحافظة عليها حيث تفوق معدلات الطلب في هذين القطاعين الموارد المائية المتاحة فسكان دول مجلس التعاون عام 1950م لم يتجاوزوا 5 ملايين نسمة ووصل عدد السكان عام 1995م الى حوالي 5.25 مليون نسمة ومن المتوقع ان يتجاوز عدد السكان 50 مليون نسمة عام 2025م بينما كان استهلاك المياه في عام 1980م في حدود 6 مليارات متر مكعب ووصل الى 26 مليار متر مكعب عام 1995م ومن المتوقع ان يصل الطلب على المياه عام 2025م الى حوالي 49 مليارمتر مكعب مالم يُرشد استخدام المياه وكما هو معلوم ان القطاع الزراعي يستهلك مانسبته 85% من اجمالي استهلاك المياه.
دول مجلس التعاون الخليجي لم تأل جهدا في سبيل تنمية وتدعيم مصادرها المائية فالسدود تنشأ في دول المجلس لاغراض الشرب والري وتغذية الطبقات الجوفية السطحية والحماية كما اعتمدت دول المجلس على تحلية مياه البحر المالحة كخيار استراتيجي وقد كانت أول محطة تحلية أنشئت في دول المجلس هي محطة جدة والمسماة بالكنداسة وتم إنشاؤها عام 1348ه ومنذ ذلك التاريخ فقد تم إنشاء أكثر من 50 محطة تحلية مياه أكثر من نصفها في المملكة العربية السعودية وتعتبر محطة الجبيل التي أنشئت عام 1402ه من أكبر محطات التحلية في العالم حيث يبلغ إنتاجها 345 مليون متر مكعب في السنة ومن المتوقع ان تصل سعة محطات التحلية في دول المجلس الى 3000 مليون متر مكعب في السنة بحلول عام 2020م لمواجهة الحاجة المتزايدة على المياه.
الطلب المتزايد على المياه لمختلف الأغراض سيولد ضغطا على المياه الجوفية غير المتجددة مع ما لذلك من محاذير كثيرة منها تملح الطبقات المائية نتيجة لكثرة السحب وتداخل مياه البحر للاحلال محل المياه التي يتم سحبها من الطبقات الجوفية كما سيولد ضغطا اقتصاديا على ميزانيات دول المجلس نتيجة الحاجة الى التوسع في إنشاء محطات تحليه مياه البحر المالحة لمواجهة الطلب المتزايد على المياه الصالحة للشرب مع ارتفاع تكاليف إنشاء هذه المحطات وتشغيلها وصيانتها وقطع غيارها.
إن الواجب على مواطني ومقيمي دول مجلس التعاون الخليجي ترشيد استخدام المياه والمحافظة عليها والتجاوب مع الدعوات التي تصدر من الجهات المسؤولة في كل دولة حول ترشيد استخدام المياه والتوعية بأهمية المحافظة على المياه للأجيال القادمة وكذلك أهمية الترشيد في القطاع الزراعي لأنه المستهلك الرئيسي للمياه والاستفادة من أية مياه يمكن الاستفادة منها بعد معالجتها كمياه الصرف الصحي المعالجة ومياه الصرف الزراعي لأن هذه المياه تضيع هدرا في الوقت الحاضر في معظم دول المجلس علما أنها كميات كبيرة لا بد من استغلالها للقطاعات الصناعية والعمرانية والزراعية حيث تمثل كمية المياه الخارجة من المنازل ما نسبته 70% من المياه الداخلة لها ومن الأهمية بمكان مساهمة القطاع الخاص في دول المجلس بالاستفادة بصورة مباشرة من هذه المياه.
فكبار المزارعين والشركات الزراعية الكبرى في هذه الدول لابد ان تضع نصب أعينها وضع المياه وأهمية المحافظة عليها وترشيد استخدامها وان تكون المياه هي الأساس للأبحاث التي تتم على اختيار الزراعات المناسبة وان لا تكون الجدوى الاقتصادية مبنية على ان المياه مجانية وللمملكة العربية السعودية تجربة رائدة في الحد من زراعة القمح والشعير والاعلاف وايقاف تصدير الاعلاف محافظة على المياه وترشيد استخدامها فلا يمكن ان يوقف منتج مستهلك للمياه ليستبدل بآخر مثله في الاستهلاك كما ان ترشيد استخدام المياه والمحافظة عليها يتطلب استخدام طرق حديثة في الري كالتنقيط والرش وتركيب العدادات على الآبار الزراعية للتأكد من كمية استهلاكها من المياه ومقارنته بما يتناسب واحتياجات الزراعات القائمة لأن كفاءة أنظمة الري حماية لمواردنا المائية.
أما بالنسبة للقطاع التجاري والصناعي والعمراني فلابد من تكاتف الجهود بين هذه القطاعات ومواطني ومقيمي دول المجلس والجهات المسؤولة فيها للحد من استيراد وتصنيع الأدوات الصحية المستهلكة للمياه وكبيرة الأحجام واستبدالها بالمواد المقتصدة للمياه والقيام بعمليات تدوير للمياه للاستفادة من كل قطرة ماء يمكن استغلالها وتنفيذ الآبار التي يصرح فيها للقطاع الخاص بحفرها ومنه القطاع الزراعي تحت إشراف المختصين بالجهات المسؤولة في كل دولة من دول المجلس محافظة على المياه من الهدر والتلوث نتيجة لتسرب المياه والملوثات السطحية الى مياه الطبقة المنتجة مما يضر بها وبالتالي بالصحة العامة ولابد من الاشارة الى ما يوليه معالي وزير الزراعة والمياه بالمملكة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز بن معمر من أهمية لجميع هذه الجوانب إنفاذا للتوجيهات السامية الكريمة بهذا الشأن.
حفظ الله لهذه البلاد أمنها واستقرارها.
* مساعد مدير عام إدارة تنمية موارد المياه
|
|
|
|
|