| أفاق اسلامية
من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: قد كثر تنازع الناس: أيهما أفضل )الفقير الصابر أم الغني الشاكر(؟؟ وأكثر كلامهم فيها مشوب بنوع من الهوى أو بنوع من قلة المعرفة، والنزاع فيها بين الفقهاء والصوفية، والعامة والرؤساء وغيرهم. وقد ذكر القاضي أبو الحسين بن القاضي ابي يعلي في كتاب )التمام لكتاب الروايتين والوجهين( لابيه فيها عن أحمد روايتين. )احداهما( ان الفقير الصابر أفضل. وذكر انه اختار هذه الرواية ابو اسحاق بن شاقلا، ووالده القاضي ابو يعلى، ونصرها هو. والثانية ان الغني الشاكر أفضل، اختاره جماعة منهم ابن قتيبة. و)القول الأول( يميل إليه كثير من أهل المعرفة والفقه والصلاح، من الصوفية والفقراء، ويحكى هذا القول عن الجنيد وغيره و)القول الثاني( يرجحه طائفة منهم. كأبي العباس بن عطاء وغيره وربما حكى بعض الناس في ذلك اجماعا، وهو غلط. وفي المسألة قول )ثلث( وهو الصواب أنه ليس هذا أفضل من هذا مطلقاً، ولا هذا أفضل من هذا مطلقا بل افضلهما اتقاهما. كما قال تعالى )ان أكرمكم عند الله أتقاكم(.. الحجرات:13 وقال عمر بن الخطاب: الغنى والفقر مطيتان، لا أبالي ايتهما ركبت. وقد قال تعالى )ان يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما(.. النساء )135( والفقر والغنى حالان يعرضان للعبد باختياره تارة وبغير اختياره أخرى كالمقام والسفر، والصحة والمرض، والإمارة والائتمار. وكل جنس من هذه الأجناس لايجوز اطلاق القول بتفضيله عن الآخر، بل قد يكون هذا أفضل في حال، وهذا في حال، وقد يستويان في حال كما في الحديث المرفوع في )شرح السنة( للبغوى عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تعالى: )وان من عبادي من لايصلحه إلا الغنى، ولو أفقرته لافسده ذلك، وان من عبادي من لايصلحه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسده ذلك، وان من عبادي من لايصلحه إلا الصحة، ولو أسقمته لأفسده ذلك، وان من عبادي من لايصلحه إلا السقم، ولو أصححته لأفسده ذلك، اني أدبر عبادي، واني بهم خبير بصير((.
qamah@hotmail.com
|
|
|
|
|