| أفاق اسلامية
من خلال تقليبي للتقويم الهجري واذ الحظ ان ما بقي منه الا وريقات لا تعد على الأصابع، فخالجني ألم وحسرة على ما مر من هذا العام من أيام وليال وشهور، فالشهور تمر بعد الشهور والاعوام بعد الاعوام ونحن في سبات غافلين، ومهما عشت يا ابن آدم فالى الثمانين او التسعين، وهبك بلغت المئين فما اقصرها من مدة وما أقله من عمر.
قيل لنوح عليه الصلاة والسلام وقد لبث في قومه الف سنة الا خمسين عاما كيف رأيت هذه الدنيا فقال كداخل من باب وخارج من آخر.فالواجب علينا ان نتبصر في هذه الايام والليالي التي تمر من اعمارنا فانها مراحل نقطعها الى الدار الآخرة فكل يوم يمر فانه يبعدنا عن الدنيا ويقربنا من الآخرة فهنيئا لعبد اغتنم هذه الايام بما يقربه الى الله، وطوبى لعبد شغلها بالطاعات واتعظ فيها من العظات.
ان هذه الجمعة هي آخر جمعة من هذا العام الهجري 1421ه فبعد يومين سيطوى سجل هذا العام بما فيه من الاعمال خيرا ام شرا فهنيئا لمن احسن فيه واستقام وويل لمن اساء وارتكب الحرام، فهلموا ايها الاخوة نتساءل عن هذا العام الذي مر من اعمارنا كيف قضيناه ولنفتش في كتاب اعمالنا كيف امليناه فان كان خيرا حمدنا الله وشكرناه وان كان شرا تبنا الى الله واستغفرناه.
كم يتمنى الموظف تمام شهره ليتمكن من تسلم مرتبه، وهو يعلم ان ذلك ينقص من عمره وانها مراحل يقطعها في سفره وصفحات يطويها من كتابه وخطوات يمشيها الى قبره فهل يفرح بذلك الا من استعد للقدوم على ربه ومولاه بامتثال امره.
ان هذه الشمس آية من آيات الله فكل يوم تطلع وتغرب ففي طلوعها ثم غروبها ايذان بأن هذه الدنيا ليست بدار قرار، فليقف كل منا مع نفسه محاسبا ماذا اسلفت في عامها الماضي فان خيرا ازداد وان كان غير ذلك اقلع وأناب فليحاسب كل منا نفسه عن فرائض الاسلام وأدائها وعن حقوق المخلوقين والتخلص منها، عن امواله التي جمعها من اين جاءت وكيف ينفقها.
المحاسبة للنفس ضرورية في حياة المسلم وهو اليوم اقدر على العلاج منه غدا فلا يدري المرء ما يأتي به الغد، قال تعالى: )يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغدٍ واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون(، كما روي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال )أيها الناس ان لكم معالم فانتهوا الى معالمكم، وان لكم نهاية فانتهوا الى نهايتكم، ان المؤمن لا يدري ما الله قاض فيه فليأخذ العبد من نفسه لنفسه ومن دنياه لآخرته ومن الشبيبة قبل الهرم ومن الحياة قبل الموت(.وقال ابوبكر الصديق رضي الله عنه: «انكم تغدون وتروحون الى أجل قد غيب عنكم علمه فان استطعتم ألا يمضي هذا الأجل الا وانتم في عمل صالح فافعلوا» وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه «ايها الناس حاسبوا أنفسكم قبل ان تحاسبوا وزنوها قبل ان توزنوا وتأهبوا للعرض الأكبر على الله».فلنتذكر بانقضاء هذا العام انقضاء العمر، وبسرعة مرور الايام قرب الموت وبتغير الاحوال زوال الدنيا وحلول الآخرة فكم ولد هذا العام من مولود وكم مات فيه من حي وكم استغنى من فقير وافتقر من غني.
فبالبدار البدار في مراجعة النفس ومحاسبتها عن أي شيء تطوى صحائف هذا العام 1421ه فلعله لم يبق من العمر الا ساعات او أيام فليستدرك كل منا عمرا قد اضاع اوله، فان عمر المؤمن لا قيمة له بدون عمل صالح.
قال النبي صلى الله عليه وسلم «اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك».أسأل الله ان يتجاوز عنا فيما مضى من العام وان يوفقنا للعمل الصالح من العام الجديد،
وكل عام وانتم بخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
* المدير العام لفرع الرئاسة العامة بمنطقة عسير
|
|
|
|
|