|
| أفاق اسلامية
تحقيق: يوسف بن ناصر البواردي
«أحلم دوماً أن أكون الأفضل بين الجميع، لذا أجمع البوكيمون، سلاحي المنيع، سأسافر عبر الحزن باحثاً في كل مكان عن بوكيمون، أدوات السلام، ونت زادها بوكيمون، داس نو وان كان، بقوتك ساعدني بوكيمون، آوه ه ه لحلمنا الوحيد نحو عالم جديد بوكيمون، داس نو وان كان لكثرة الحديد لنحرف الشر عن البهير، علمني وخذ مني بوكيمون، نو وان كان داس وان كان بوكيمون».
قد تستعجل أخي القارىء وتحكم علي بالسذاجة وقلة العقل بهذه المقدمة الغريبة ولن ألومك في البداية فهو كلام أشبه بطلاسم سحرية لمشعوذ أثيم، ولكن ماذا لو قلت لك إن هذا الكلام هو من تسطير أحد أبنائنا الطلاب حفظه وأخذ يتغنى به، وسطره في ورقة يتسلى بها ويرددها دائماً إلى أن وقعت في يد أحد المدرسين والذي استغرب هذا التصرف وذهل منه، وحينما سأل الطالب أفاده أن هذه مادة حفظها من احدي القنوات الفضائية يتحدث عن البطل) بوكيمون( وهو معجب به إعجاباً كبيراً، بل وأخذ يفتخر بين زملائه الطلاب
وبهذه المناسبة المؤلمة أود أن أشير إلى سبب الاهتمام بفكرة هذا الموضوع الأساسية وطرحه، ففي أحد الأيام قدم إليّ ابني وهو في الثامنة من عمره فقال لي يا أبي: هل صحيح أن )بيكاتشو( يغلب الله ورسوله وأنت تقول لنا أن الله هو أقوى من كل شئ؟! ارتعدت من هذا الكلام وسألته مباشرة من قال لك هذا الكلام فلم أسمع من ابني منذ أن خرج إلى الدنيا مثل هذا الكلام؟ فقال: زميلي في المدرسة، حاولت أن أتعرف على هذا الطالب وعائلته فاتصلت بولي أمره مباشرة وأخبرته بالخبر فوجدت أن فيه من سبقني واشتكى والذي أوضح أنه قد تدارك هذا الأمر ومزق كل الكروت الخاصة بالبوكيمون وأخذ العهد على ولده بعدم شرائها مرة أخرى لما لها من تأثير على عقيدته، وحينما سألت الأب كيف تحصل هذا الطفل على هذه المعلومة الخطيرة؟ أجابني بعدم معرفته.
وذات مرة، مرت إحدى المدرسات في إحدى المدارس بطالبة وهي تكتب جواباً في الاختبار فأثنت على إجاباتها تشجيعاً لها، فقالت الطالبة: طبعاً لأن معي )بيكمون( !
أخي القارئ الكريم: الأمر خطير وهو أبلغ مما تتصور من أنها مجرد لعبة يتسلى بها أطفالنا، فهي حرب وأي حرب أعظم من حرب تتقصد أطفالنا في عقائدهم وتتعلق بخالقهم ورازقهم، فما هو السر إذاً في هذه الحملة الشرسة والتي غزت أسواقنا فأصبحت دعايات البوكيمون في كل شيء في الشنط.. في الأكياس.. في الأدوات المدرسية والملابس إلى غير ذلك!
محلات للبكيمون
وحيث إن تسليط الضوء في هذا التحقيق حول سبب انتشار هذه الألعاب والتي أثرت على أطفالناوشبابنا فقد توجهت إلى بعض المحلات التجارية والتي قد تخصصت في بيع محتويات البوكيمون، بداية سألت الأخ شريف صاحب محل تجاري قد زخرف المحل من أوله إلى آخره بدعايات البوكيمون عن مدى إقبال الطلاب على هذه اللعبة فأوضح أن اللعبة قد لاقت رواجاً كبيراً منقطع النظير مشيراً الى أن بعض الطلاب يشتري بمبالغ كبيرة تصل إلى الألف والثلاثة، أما الأخ وسيم فقد ذكر أن بعض لعب البوكيمون تباع بثلاثمائة ريال وأشار إلى أن أشرطة الفيديو تجد متابعة من قبل الطلاب بل ومجلات البوكيمون الدورية، طلبت منه مجلة فأعطاني عدداً خاصاً مكتوبا عليه )بوكيمون( شخصيات وصور 2001، فقلت بكم سعرها فرأيت مكتوباً عليها بخمسة وعشرين ريالاً، تصفحت هذه المجلة فرأيت جميع شخصيات البوكيمون مرسومة ومكبرةبإمكان الواحد أن يقصها فتصبح صورة كبيرة يمكن تعليقها، سألت الأخ وسيم عن كروت البوكيمون فقال بأن رجال الهيئة ينكرون علينا باستمرار ويقولون بأنها تحتوي على مخالفات عقدية وهي من القمار فقال صاحب المحل لا تبيعها.
حرب عقدية بحتة
وبعد هذه الجولة الميدانية أحببت أن أطلع على الأمر عن كثب في مدارس الأبناء وهل للمدرسين وجهة نظر في هذه القضية فقد توجهت لمجمع الأمير سلطان التعليمي )القسم المتوسط( حيث التقيت بالأستاذ محمد بن عثمان البراهيم مدير القسم والذي أشار إلى أن المدرسة بكامل طاقمها من مدرسين ومرشدين قد كافحوا هذه الظاهرة وسيطروا عليها سيطرة تامة حتى لم يعد للظاهرة أثر في المدرسة كباقي المدارس انتشاراً سريعاً لم يسبق له مثيل والسبب كما هو معروف لدى الجميع الأيدي التي وراءها من شركات عملاقة، وأضاف الأستاذ البراهيم أننا حينما نلحظ أن الغزو كان موجهاً لأطفالنا وشبابنا ظهر من خلال تبني بعض الأفكار المنحرفة حيث ينشئ الطفل على اعتقادأن هناك قدرات خارقة تضاهي قدرات الله عز وجل وظهر ذلك من خلال مواقف كثيرة من الطلاب الذين تزعزع عندهم هذا المبدأ فالحرب عقدية بحتة إذاً ولا داعي للجدال في ذلك، كما يستطرد البراهيم بتوجيه هذا العتاب لوزارة التجارة قائلاً: كان من المفترض ألا تنتظر وزارة التجارة من يوجهها لحصول الخطر فهي وزارة لعموم المواطنين الذين يستقون منها الحلال ويتركون الحرام بفسحها ومتابعتها فهي محل المسؤولية بالدرجة الأولى وكلنا أمل في سرعة تجاوبها ممثلة في وزيرها الذي يشكر على جهوده السابقة في مكافحة المنكرات الدخيلة على مجتمعنا المحافظ.
الأستاذان عبدالله بن عبدالعزيز اليعيش وأحمد بن محمد الموسى المدرسان بمتوسطةوثانوية جلاجل أكدا أن الطلاب يشتاقون دائماً لكل ما هو جديد ومتغير ليقضوا معه وقت فراغهم وحيث إن هذه اللعبة تحتوي على هذين العنصرين فقد وجدنا تأثر الأبناء بها ومتابعتها بل وشراء كراتين البطاطس لها ليس لأكلها بل لأخذ هذه اللعبة بداخلها ولجمع أكبر عدد ممكن من هذه الكروت ثم متابعة تطورها وقوتها حتى انتقل اللعب بها للقمار ودفع الريالات لشرائها أو لإعطاء اللاعب الفائزبدلها بمايقدره من ريالات حتى لا يفقدها من حسابه، بهذا الشكل انتشر ربما خلال الشهر أو أقل ذلك وحيث يسر الله اكتشافها وفهم حقيقتها وإنها زيادة على أنها ابتزاز لأموال الناس فقد اكتشفت خطورتها التي تهدف إلى حرب عقيدة الطالب والطالبة وذلك بغرس عقيدة داروين نظرية النشوء والارتقاء وكذلك اشتمالها على رموز وشعارات الديانات المنحرفة مشيرا الى أننا بمجرد ما عرفنا الطلاب بحقيقتها وأنها حرب عقيدة ومسخ فطرة من لدن الأعداء حتى شارك الجميع بجمعها وإتلافها والتحذير منها.
يجب حرقها
وبعد هذا الكلام الموجز لخطر هذه اللعبة يعلق فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عضو الإفتاء سابقاً على ما رفع لفضيلته من دراسة مفصلة حول اللعبة التي تسمى )البوكيمون( وبعد قراءتها والاطلاع قال فضيلته: تبين لنا أن هذه اللعبة أو الأضحوكة التي شرح الكاتب شأنها وذكر بعد ذلك نماذج من صورها تعتبر من آلات اللهو واللعب وتدخل في الميسر الذي حرمه الله تعالى وقرنه بالخمر فتكون محرمة إذا كانت لمجرد اللهو الباطل فقد ورد في الحديث عن بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من لعب بالنرد شير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه» رواه مسلم.
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله» رواه مالك وأحمد وأبو داود، ولأحمد عن أبي عبدالرحمن الخطمي مرفوعاً «مثل الذي يلعب بالنرد ثم يقوم فيصلي مثل الذي يتوضأ بالقيح ودم الخنزير ثم يقوم فيصلي»، والنرد هو آلة اللعب، وقال عطاء ومجاهد كل شئ من القمار فهو من الميسر حتى لعب الصبيان بالجوز، وفي لفظ حتى الكعاب والجوز والبيض التي تلعب بها الصبيان، ذكر هذه الآثار ابن كثير عند تفسير قول الله تعالى: )إنماالخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون( وحيث أن هذه اللعبة يتخذها الأولاد للكسب والأخذ من بعضهم لبعض فإنها من الميسر وهو القمار،
وهكذا اتخاذها لمجرد اللعب واللهو الذي هو لهو الحديث الذي يضل عن سبيل الله، وهكذا ما ذكر من تأثيرها على العقول والأديان والعقائد، فعلى هذا يجب أن تحرق هذه الكروت وأن يتعهد على التجار بعدم استيرادها وعدم بيعها لما لها من الأثر الفعال في أولاد المسلمين.
ولقد ورد للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء أسئلة كثيرة ومنها تلك المذكرة التى وزعت على طلاب المدارس والتي تتحدث عن البوكيمون ومحاذير الشرعية، وبعد مصادقة اللجنة عليها أجابت بما يلي: وحيث أن هذه اللعبة تشتمل على عدد من المحاذير الشرعية التي منها: الشرك بالله باعتقاد تعدد الإله ومنها الميسر الذي حرمه الله بنص القرآن وجعله قريناً للخمر والأنصاب في قوله تعالى: ) يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون( ومنها ترويج شعارات الكفر والدعاية لها وترويج الصور المحرمة، وأكل المال بالباطل.
لهذه المحاذير وغيرها فإن اللجنة الدائمة ترى تحريم هذه اللعبة وتحريم الأموال الحاصلة بسبب اللعب بها لأنها ميسر وهو القمار وتحريم بيعها وشرائها لأن ذلك وسيلة موصلة إلى ما حرم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وتوصي اللجنة جميع المسلمين بالحذر منها ومنع أولادهم من تعاطيها واللعب بها محافظة على دينهم وعقيدتهم وأخلاقهم.
|
|
|
|
|
