| منوعـات
* نكمل في هذه الكلمة جزءا من خطبة قطري بن الفجاءة فإن فيها عبرا لمن يعتبر وكثير من التزيل فيه هذه العبر.. التي نمر عليها مصبحين وممسين، ثم ننساها.. لأن الدنيا صارت أكبر همنا ومبلغ علمنا، وداعينا يدعو: اللهم لا تجعل الدنيا أكثر همنا، ولا مبلغ علمنا، لكننا في غمرة الحياة ننسى ما نسمع وما نردد.!
* يقول الخطيب عن الدنيا: "غرارة غرور ما فيها، فانية فانٍ من عليها، لا خير في شيء من زادها إلا التقوى، من أقل منها استكثر مما يؤمنه، ومن استكثر منها استكثر مما يوبقه، ويطيل حزنه ويبكي عينه"، أجل: القناعة تجعله في غنى، لأنه يستكفي بما نال وربما رآه كثيرا، والذي يستكثر منها يصيبه ما يهلكه، ويحزن ويبكي!
* وقال في خطبته: "كم واثق بها قد فجعته، وذي طمأنينة اليها قد صرعته، وذي اختيال قد خدعته، وكم من ذي أبّهة فيها قد صيّرته حقيرا، وذي نخوة قد ردته ذليلا".
* سلطانها دول، وعيشها رنق و وعذبها أجاج، وحلوها صبر، وغذاؤها سمام، وأسبابها رمام، وقطافها سلع، حيّها بعرض موت، وصحيحها بعرض سقم، ومنيعها بعرض اهتضام، عزيزها مغلوب، وسليمها منكوب، وجامعها محروب، مع ان وراء ذلك سكرات الموت، وهول المطَّلع، والوقوف بين يدي الحكم العدل: "ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى". بلى فإن عيشها رنق اي كدر، وماؤها العذب الفرات يصبح أجاجا مرّا ملحا وحلوها صَبْر وقطافها سلع الشجر المر ، والمنيع رهن انقياد ، و السمام القنل، والرمام جمع رمة، وهي القطعة البالية، والأسباب الحبال اي لا يعتمد عليها، وجامع الدنيا محارب .
* ويقول: " ألستم في مساكن من كان أطول منكم أعمارا، وأوضح آثاراً، وأعد عديدا، وأكثف جنودا، وأعند عنودا، تعبدون الدنيا اي تعبّد، وآثارها اي ايثار، وظعنوا عنها بالكره والصغار، فهل بلغكم ان الدنيا سمحت لهم نفسا بفدية، او أغنت عنهم فيما قد أهلكتهم بخطب.! بل قد أرهقتهم بالفوادح، وضعضعتهم بالنوائب، وعقرتهم بالمصائب، وقد رأيتم تنكرها لمن دان لها، وآثرها وأخلد إليها، حين ظعنوا عنها لفراق الأبد الى آخر المسند، هل زودتهم الا الشقاء، وأحلتهم الا الضنك، او نوّرت لهم الا الظلمة، أو أعقبتهم الا الندامة، فهذه تؤثرون أم عليها تحرصون، أم اليها تطمئنون! يقول الله: "من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون".
* بئست الدار لمن أقام فيها، فاعلموا، وأنتم تعملون أنكم تاركوها لابد، فإنما هي كما وصفها الله باللعب واللهو".
* نعم: أهلكت الدنيا من كان فيها بالخطوب والنوازل، وأذلتهم وأخضعتهم لمصائرهم.. حتى رحلوا عنها والمسند .. "الدهر"، ذلك ان الدنيا متغيرة و العنود الطغيان والعتو وتجاوز القدر.
* إن الكتاب العزيز يؤكد الى ان أولي الألباب هم الذين يتذكرون.. ويعلن ان الذكرى تنفع المؤمنين، ويقول لنبيه: "فذكر إنما أنت مذكر"، اللهم انصرنا على أنفسنا حتى لا نضل، اللهم اهدنا سواء السبيل.
|
|
|
|
|