| الاخيــرة
مع أنني عادة أحرم الأبناء من الاحتفال بيوم الأم باعتباره في رأيي على الأقل عادة استهلاكية ولدت في حضن الرأسمالية لاستنزاف الجيوب بطرق عاطفية، وباعتبار أن التعبير عن حب الأم الحرية التي تكفلها جميع المجتمعات في كل لحظة من لحظات الحياة دون الحاجة الى المطالبة بها بالاحتجاجات والاضرابات وباعتبار أهم وهو ان الاسلام يعلي من قيمة هذا الحب على جميع العلاقات الأخرى إلا أنني وجدت بين الأوراق عندما كنت أستعد لكتابة مقالي الأسبوعي قصصات من أوراق قزحية ترف بحنان وتهوي على حافة المكتب وكأنها ريش طيور نفضت أجنحتها في سماء الحجرة لتذكرني بالحب الحالم الحليم الذي لابد أنه يحمل أعمدة البيت على التماسك في وجه رياح العمر التي تهب مع مطلع كل صباح جديد عكس أعمارنا، في وجه ضغوط العمل والدراسة، زحمة الشوارع ووحشة الوحدة، في وجه شح الضحكات وسخاء حالات الاكتئاب العام في وجه ارتفاع فواتير الهاتف وانخفاض الدخل في وجه سموم السياسة ومآسي السلام. عندها فكرت فليذهب موضوع القمة العربية الذي كنت أنوي الكتابة عنه إلى الجحيم، فليس في هذا الموضوع إلا ما يرفع نسبة اليأس في الدم ويزيد نسبة الكولسيترول حول صمامات القلب ويغرق الاحلام بمزيد من طوفان السراب. وعندها قررت اذا لم يكن بالطبع لرئيس التحرير من اعتراض ان نشترك معاً في حلال هذا الحب:
ماما
اتشيطن.. العب الكرة في وسط المجلس
لا اشرب الحليب لأرى غضبا رقراقاً
يبرق في محياك الحنون
ماما
اتمارض.. اسعل واعطس
لأشم رائحة عرقك
شلالات من روح الحناء
تجتاح روحي
وتسترد لي الصحة
ماما
احلم كوابيس مرعبة متعمدة
أُرخي اللحاف في ليل الشتاء عن فراشي
لاسحبك من احلامك لتردي علي الغطاء
ماما
اقاطع أحاديثك مع أبي أو الصديقات
لئلا تلتمع نجوم عينيك في غير وجهي
ماما
انفلت من يدك في الزحام
اختبئ في الخزانة او خلف الأبواب
ليسري سلسبيل صوتك في حروف اسمي
ماما
انزعج
فاتمسك بطرف شرشف صلاتك
اجوع
فلا اشتهي الأكل
إلا معجون بزعفران أنفاسك
اعطش
فلا يبل عروقي إلا زمزم مقطر من كفك
ماما
تجرحني كلمة
فلا يعقم جرحي
غير طهر حجرك
تحبطني علامة او يقلقني امتحان
فاستمد طاقة الجرأة من الارتماء على صدرك
وعندما تستغرقين في العمل أو يخطفك الشعر
أعرف كيف اندس بين أقلامك
وكتبك
ماما أحبك أحبك أحبك أحبك أحبك أحبك
|
|
|
|
|