| الثقافية
يعتبر وجود الصالون الادبي امتدادا للديوان العربي، الذي يجمع خيرة القوم فيما يسمى، )السمر( يتحدث فيه عادة علية القوم، ممن اعطي حظا من الفصاحة وقوة الذاكرة ومعرفة الانساب وايام العرب، ويوجد على غراره المقاهي الادبية في البلاد العربية، في مصر وبلاد الشام، وقد تخرج في تلك المقاهي العديد من اصحاب المواهب الادبية، حيث عرضوا انتاجهم على اصحاب الخبرة من الذين لهم باع في الحقل الادبي، فقاموا بتوجيههم وارشادهم الى الطرق الفنية الصحيحة، وبجانب هؤلاء يحضر عشاق الادب للاستمتاع بما يسمعونه ويقرؤونه. وهذه النوادي الخاصة والعامة في العالم العربي وغير العربي لها تاريخ عريق في الحركة الثقافية من الناحيتين، العلمية والثقافية، فمن الناحية العلمية، نجدها تؤصل للعلوم وتساعد الباحث على تقصي الحقائق التي تطرح بشكل جيد وتفتح له الافاق العلمية للبحث والتجربة،
ومن الناحية الثقافية، توسع مدارك المثقف وتساعده على معرفة الابداع وتتبع النتاج الفني واستخلاص الجيد من الرديء من خلال النقد والمناقشة التي تدور بين جمهور الحضور، اضافة الى التعرف على مستوى الحضور الفكري.
وكان وما يزال صالون )مي زيادة( شاهدا على جدوى تلك المنتديات الفكرية، فقد اصل للحركة الفكرية في مصر في زمن ازدهار الثقافة فيها، ومن رواد ذلك المنتدى، العقاد ، والمازني، وشكري، وطه حسين ، وغيرهم ممن كونوا صالونات فيما بعد ذلك، وكان لهم فضل ازدهار الثقافة وتصديرها الى البلاد العربية المحتاجة الى ذلك، في ذ لك الزمن . فالصالون الادبي، هو الندوة، والندوة هي المؤتمر، والمؤتمر هو السوق الادبي، وكلنا نعرف اسواق الادب من الجاهلية الى الان، ومن اشهرها )سوق عكاظ( فهو رابطة تعقد في زمن معين، يلتقي فيه الادباء واصحاب الرأي مستمعين ومناقشين.
وفي الاونة الاخيرة ظهرت الصوالين الادبية في المملكة، على شاكلة ما ذكرته انفا، ولا ينسى احد من رواد الادب وشداته، ما قدمه المرحوم عبدالعزيز الرفاعي، قبل عشرين عاما، حيث فتح داره لندوة ادبية مساء كل خميس، كان يرتادها كبار اساتذة الجامعات واصحاب الفكر، لم يترك موضوعا إلا طرقه في ندوته، اضافة الى البشاشة التي كان يقابل بها ضيوف الندوة، مهما كانت مستوياتهم او اعمارهم، وكان يصدر سلسلة )المكتبة الصغيرة عن داره( معظم اصداراتها مما يقدم في الندوة من محاضرات، وقد تولاها من بعده الاستاذ احمد باجنيد، وفاء له واحياء لذكرها. وكذلك ، ندوة الدكتور راشد المبارك، يحضرها كبار المفكرين والمبدعين، كانت تضاهي كبار الندوات داخل البلاد وخارجها، وفي نفس الوقت الذي تقام فيه الندوة )مساء الاحد( يقيم السفير المتقاعد، الشيخ احمد المبارك ندوته في الاحساء. وندوة عبدالمقصود خوجة، واشتهرت هذه الندوة بتكريم الادباء والمفكرين، من كان لهم اسهام ثقافي، كذلك ندوة عشقي وندوة للدكتور محمد بن سعد بن حسين، وهناك الكثير من الندوات.
وللشيخ عثمان الصالح دور تربوي يعرفه الجميع من زمن بعيد، فهو من رجال التعليم القدامى، وقد عاصر الثقافة في اطوارها المختلفة، وفي الوقت الذي كانت الامور فيه شحيحة للغاية، ورغم ذلك كان يقيم حفلات السمر التي خرج منها الخطباء والكتاب والمثقفون، وندوته التي تقام كل اسبوعين تضم لفيفا من المثقفين واصحاب الفكر، يكللها بروحه التربوية، ويجذب اليها المحاضرين على مختلف مشاربهم ليكون التوازن فيها على قدم المساواة بين الاجيال، ولا يشك احد في فائدة الندوات في تنشيط الحركة الثقافية وبث روح الفكر بين الشباب الذي يحضرها.
د. سلطان سعد القحطاني
|
|
|
|
|