| مقـالات
أحياناً اعتب على نفسي وأضعها تحت المجهر لاكتشف كم هي مقصرة نحو الآخرين ونحو الوطن لأ تذكر بأنني ومعذرة للحديث عن النفس فلعل فيها ما يفيد الآخرين أيام الشباب الذي ولى ولن يعود عندما كنت أتولى مسؤولية محدودة اذ عندما اهم بالنوم يتلاحق على ذهني الشريط اليومي لما مر من أحداث وهي كما ذكرت محدودة لا تؤثر كثيراً على أحد ولكنها بالنسبة لي كانت تمثل الكثير لاكتشف الأخطاء والتقصير فاعاتب نفسي معتزماً تصحيح ما حصل ان امكن.
أما وبعد ان عصف بي العمر وقذف بي إلى رصيف التفرج وليس انتظار الموت الذي اخافه فقد تغير الحال اذ اصبحت اعاتب الآخرين على تقصيرهم رغم حسن النية احياناً مردداً بيني وبين نفسي القول المأثور «العين بصيرة واليد قصيرة» اتشاءم لكثرة تفخيم الذات وارسال المديح على عواهنه لمجرد الاعجاب الشخصي. وأتمنى مجرد تمنٍ ان يحاسب كل انسان نفسه بتجرد يومياً ليكتشف كمية الأخطاء التي يرتكبها بحق نفسه أولاً ثم بحق الآخرين.
ومع ذلك فانني اعجب من اجهزة كبيرة مثل التخطيط وهي وزارة قائمة بذاتها لا يقل جهازها عن الثلاثمائة فرد مدججة بالخبراء عدا الفروع ماذا تعمل هذه الوزارة صراحة سوف يقال اسمها التخطيط اي انها تستنبط وتمحص الاحتياجات المستقبلية لاتساءل بعناد لماذا هي بعيدة عن مستقبل هذه الآلاف من الخريجين؟ فعندما تقرر مثلاً افتتاح كلية ولا أقول جامعة الا تفكر بمصير الخريجين منها أم ان مسؤوليتها تقتصر على نشر التعليم وهي مهمة نبيلة ولكنها تتناسى مصير من تعلمهم حتى يتحولون الى اعداء للتعليم؟ الجاهل قانع بوضعه لانه لا يملك قدرة تجعله يفاخر بها انما المتعلم يتمزق من داخله لأنه دفع ليكون متفرجاً عاطلاً محروماً من الانتاج.
انني أشعر بهذا الاحساس رغم انني متقاعد واديت ما علي وانسحبت طائعاً أو مكرهاً حتى أفسح المجال لغيري. وما دمت ادعو لمحاسبة النفس من الآخرين فما هي خطط وزارة الخدمة المدنية التي تضع الشروط القاسية أمام الخريجين الا تخشى عاقبة هذه التعقيدات على مستقبل الأمة، لماذا لا تفكر ببنود أخرى تسمح باستيعاب المزيد من طلبة الوظائف من الجنسين تحت أي مسمى حتى يخرج من تعقيدات الروتين وبيروقراطيته التعيسة بل لماذا لا يدمج هذا الجهاز مع جهاز التخطيط ليصبحا كلا واحداً يخطط ويضع التصور للمستقبل الفعلي بدلاً من المكاتبات التي لا نهاية لها مروراً بالصادر والوارد العقيم. ان جهاز الكمبيوتر الحديث وضع حداً للسفسطة الروتينية بحيث تتواجه الأجهزة على الشاشات التي لا تعرف الغش والتأويل. حتى أصبح من المضحك عقد اجتماعات لطرح التساؤلات لان الأجهزة العلمية تجيب بكل صراحة وتوضح مواطن الخلل والتقصير.
واعود الى ما بدأت به هذه المشاركة لا تمنى فقط مجرد تمنٍ إن يفكر كل مسؤول عندما يضع رأسه على وسادة النوم بضمير حي هل أدى فعلاً ما يعتقده صواباً؟ ليس المهم انه آمضى ساعات الدوام في مكتبه منذ الساعة الثامنة صباحاً حتى الثانية بعد الظهر ليخرج متأبطاً الصحف وبعض الرسائل الخاصة تحت مشلحة ليذهب فيرتاح في منزله.
اريد أن يحاسبه ضميره وليس مواعيد الدوام، هل ادى ما عليه باخلاص وتفانٍ نحو ما ينتظره منه وطنه؟ هذا هو السؤال الذي ألح عليّ متمنيا ان يكون عنواناً لكل مسؤول مهما صغر حجم عمله ليشعر بالارتياح اذ بدون هذا الاحساس سوف تبقى السفينة تتلاطمها الأمواج وكل ملاّح يضع المسؤولية على غيره.
للمراسلة ص.ب 6324 الرياض 11442
|
|
|
|
|