| مقـالات
يحتاج العالم والداعية والمثقف الخير والكاتب المسؤول وكذا: الأديب المتقن الحكيم يحتاجون إلى شيء غير قليل من التبصر وسعة النظر وعمق الادراك، ووضوح الرؤية تجاه كثيرمن القضايا والأفكار والنظريات تلك التي تتوالد بين حين وحين وغالب أصحابها هم أنفسهم لا يعلمون عنها إلا رسمها وإن بدا لكثير منهم أنهم متطورون ومطلعون ومجددون، وواقع الأمر يدعو الى ما ذكرت ولابد فمطلب الحكمة والعقل السليم من الشبه والشهوة وصفاء القصد هذا كله يدعو جزما الى الإحاطة وفهم واقع كل قضية وفكر ونظرية على أساس ناهض متين.
وإذا كان من يرى أنه ذو نظرية أو فكر أو قضية ما يرى ذلك ابتداء أو هو يرى ويريد طرحها على ما يرى ويريد فإن مجابهة هذا النوع المتطرف إنما تكون بفهم واسع متضلع لما يكتب أو يحلل أو يترجم أو هو ينقل فينسب الى نفسه ماليس لها مع لازم ما يهم من رحمة واسعة، فإنه في حال نفسية يرى الحياة من خلالها فهو يئن تحت وطأة القناعة التامة لفكر أو رأي أو نظرية ويريد نشرها حسب طبيعة كل أحد ما بين متشنج أو مطمئن أو عجول، ولعل الساحة في العالم اليوم وإن كانت تنزع للمصلحة في كافة مناحيها إلا أن هناك نفرا يقنع نفسه بسبب الفراغ أو تعويض لنقص ما أو هو يريد زعزعة شيء تتضح دفائنه من خلال أنفاسه وان أظهر ما أظهر من حب وانتماء وولاء. فإن سابق ما يجب مراعاته أبدا هو ايضاح الرؤية لمثل هذا النوع ببسط كريم من حسن الخلق وسعة العلم وبعد الغور لحقائق كل فكر وسواه والبعد عن نقد الذات مهما أمكن الى ذلك السبيل. ولذلك سار القرآن الكريم في الايضاح مسار العقل شيئا فشيئا حينما تعندت الجاهلية وتكبرت بل قالوا «أجعل الآلهة إلهاً واحداً» فقال سبحانه وتعالى في أسلوب جليل وغوص إلى الخفايا ودعوة الى ما يخفيه المرء وان بدا أنه مكابر ومعاند أو حاسد فقال: «قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة». وطرح القول بشيء من الرزانة والهدوء والحكمة مهما كان المنتقد يكون أحرى باستجابته لأنه يحاكم نفسه إذا خلا بها ولو بدا معارضا لدفائن الفطرة الصحيحة التي تحاول البروز من بين ثنايا الصفاء النفسي ومن بين ثنايا التجرد التام مع الخلو من كل معارض ولهذا قال سبحانه «وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم». ومع ما يصاحب الهدوء وسعة الأفق وبعد النظر والإحاطة بما يلزم نحو هذا فإن الإنسان حتى مع نفسه تحتاج أبدا الى نظر عميق بين حين وحين ما بين تجديد: نية ومراقبتها وزيادة علم وطلب فهم وحسن سمت وفضل خير من هنا وهناك. وكلما كان: الزاد متكئا على صلب متين من علم وفهم وثقة بالله كان المتلقي مدعوا الى القناعة اكثر فيما بين يديه من أجل ذلك لابد من البعد عن:الحشو والإنشاء ومجرد الوعظ والخطاب المباشر مع ضوابط لا يكون الكلام مستقيما إلا بها مثل: التواضع، وصحة الفعل، وتوثيق الكلام المنقول، وعدم القطع فيما وقع فيه خلاف بين أهل العلم، وناهيك بضرورة سلامة اللغة وحسن الدلالة على المعنى وإيصال المراد بلفظ قليل.
«شيء من الآثار الضعيفة»
يجري كثير من الآثار على الألسنة فتأخذ حكم الصحيح سيرا على أن إيرادها كذلك بل إنني قد سمعت وقرأت من بعض طلاب العلم مثل هذه النصوص مع ضعفها ووجود ما يغني عنها من الصحيح ومن ذلك:
«خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء»
لم يصح.
« إنما بعثت لأتتم مكارم الأخلاق»
لم يصح.
«الأقربون أولى بالمعروف»
ليست آية، فتنبه.
«الجنة تحت أقدام الأمهات»
لم يصح بهذا: اللفظ
«استاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي»
لم يصح.
وهذا ورد في )رمضان( والسواك يجوز للصائم في جميع أوقات رمضان لعموم ما ورد في هذا.
« إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن إلى قلوبكم»
لم يصح بهذا اللفظ.
والصحيح هو: «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم».
«نية خير المؤمن خير من عمله»
لم يصح.
«المؤمنون حلويون»
لم يصح.
«أكرموا عمتكم النخلة»
لم يصح.
« إذا حاضت المرأة فلا يظهر منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهها وكفيها».
لم يصح، ففي سنده خالد بن دريك رحمه الله تعالى وهو لم يدرك عائشة.
« من لم تنهه صلاته عن الفحشاء فلا صلاة له»
لم يصح.
« خير الأسماء ما عبد وحمد»
لم يصح.. باطل..
والصحيح «خير الأسماء عبدالله وعبدالرحمن وأصدقها حارث وهمام».
« استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود»
لم يصح.
وهو كلام حسن ووجدت في «جامع الأصول« لابن الاثير : أنه موقوف.
«أمر الناس ان يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف إلا أنه خفف عن الحائض والنفساء» هذا النص جاء عن ابن عباس فإن كان موقوفا فسنده: صحيح، وإن كان : مرفوعا فلم أجده: صحيحا.
«طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة».
لم يصح هكذا إنما الصحيح «على كل مسلم»
ويطيب لي ان يقتني الدعاة وطلاب العلم كتب الجرح والتعديل /وأحوال الرواة/ والعلل ففيها وفرة من علم جليل لا يعدم الناس الفائدة منها وباب السؤال من الأبواب الهادئة بإذن الله تعالى، فإنما شفا العي السؤال.
«حقيقة خلق الناصية»
«الناصية، واحدة النواصي الناصية والناصاء لغة طيئية قصاص الشعر في مقدم الرأس وقال الفراء في قوله تعالى :«لنسفعاً بالناصية» مقدم الرأس أي لنهصر منها لنأخذ من بها، قال الأزهري: الناصية عند العربي منبت الشعر في مقدم الرأس.
وقد وصفت الناصية بأنها: كاذبة خاطئة ولذلك استحقت السفع فلماذا لم يوصف أي جزء آخر من الجسم بصفة الكذب والخطأ. )فما هو الشيء الكامن وراء هذه الناصية؟ وما هو العضو الحق وراء أعلى الجبهة؟ ذلك العضو المسؤول عن شخصية الفرد والمتحكم في تصرفاته وأفعاله من صدق وكذب وصواب وخطأ، والذي يمكن بالهيمنة عليه السيطرة على الشخص نفسه(.
)WARWICK *WILLIAMS.1973( بدراسة التركيب التشريحي لمنطقة أعلى الجبهة وجد أنها تتكون من أحد عظام الجمجمة المسمى العظم الجبهي )FRONTAL BONE( ويقوم هذا العظم بحماية أحد فصوص المخ المسمى الفص الجبهي أو الأمامي )FRONTAL LOBE( وبذلك يمكن القول: إن النص الأمامي للمخ هو العضو المستتر وراء أعلي الجبهة(.
)ويبرز هنا سؤال مهم: ما الذي يحدث للإنسان، إذا أزيلت القشرة الأمامية الجبهية بعملية جراحية؟ أو إذا تحطمت هذه القشرة نتيجة ورم؟ لقد أصبح من المتفق عليه ان تحطيم هذه القشرة لا يؤدي الى أي نقص واضح في الذكاء وقد وجد ان تحطم هذه القشرة نتيجة للأورام أو الحوادث يؤدي إلى أن يفقد المبادأة:)INITIATIVE( والتمييز )JUDGEMENT( كما تحدث بعض التغييرات العاطفية التي تؤدي الى الإحساس بالانتعاش والنشوة )EUPHORIA( ويفقد الشخص اهتمامه بمظهره الاجتماعي.
)NOBACK*DEMAREST 981(
) لقد أودع الله سبحانه وتعالى في رأس الإنسان جهازا عظيما يعرف بالدماغ )المخ( يحتوي على فصوص رئيسية وهي:
الفص الأمامي: FRONTAL LOBE
الفص الخلفي: OCCIPITAL LOBE
الفص الصدغي:TEMPORAL LOBE
الفص الجداري: PAIETAL LOBE
ولكل فص دور وظيفي ينفرد عن الآخر، وفي نفس الوقت فهم مكملون لأداء وظائف الجسم المركبة.
فأي خلل في أحد هذه الفصوص كالاصابة بالأورام أو الخراج أو الحوادث أو عدم الحصول على القدر الكافي من التغذية الدموية فإنه يحدث عطلا في الخصائص الرئيسية للفص فتظهر على المريض تغيرات جلية توحي للأخصائيين بأن المريض يعاني من مرض ما في ذلك الفص(. )وهكذا فقد أشار القرآن الكريم إلى دور الجبهة أو بصفة أخص دور الفلقات الأمامية في المخ في صناعة القرار، وعلى الرغم من ان لدينا الآن بعض الفهم لوظيفة الفلقات الأمامية للمخ فإن هذه المعرفة كانت بعيدة حتى عن التخيل في العصور المبكرة وقد وجد بعض المفسرين صعوبة في فهم المعنى الحرفي للآيات(. قال ابن سعد بن لحيدان وهذا أوردناه من كتيب علمي جيد بعنوان ) الإعجاز العلمي في الناصية( وهو من أبحاث المؤتمر العالمي الأول للإعجاز العلمي في القرآن والسنة . إسلام أباد باكستان، وهو من منشورات «رابطة العالم الإسلامي».قلت وما جاء عن الناصية صحيح شرعا وعلما بل هناك أمور أخرى لم تكشف في نفس الإنسان كما قال تعالى «وفي أنفسكم أفلا تبصرون» فهناك الإعجاز الخلقي في: الكبد/ الرئة/ الكلية/ بل: القلب/ والبنكرياس/ والكظر ونتعدى هذا الى حقيقة : الموت، ولهذا كانت الدارونية الحديثة تحاول جاهدة الى وصف الإنسان بانحداره من سلالات أخرى وذلك بتغيير معالم كثيرة من الجماجم التي وجدوها في الملايو وسواها لتتفق جماجم الإنسان مع جماجم حيوانات أخرى قالوا إنه تطور عنها. وقد ثبت في العلم التجريبي وعلم التنقيب والآثار ما يهدم ذلك بل هناك من يسخر من قول انحدار الإنسان من قرد لم لا يكون من : فأرة أو : أرنب لوجود خصائص كثيرة جدا بينها وبين الإنسان. ولكن العلم المجرد المتكئ على الذات فقط قد يأتي بما هو أعجب لكن كل هذا يزول أمام العقول الحرة اليقظة.
صالح بن سعد اللحيدان
|
|
|
|
|