أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 22nd March,2001 العدد:10402الطبعةالاولـي الخميس 27 ,ذو الحجة 1421

فنون تشكيلية

رسالة إلى سيزان )10(
عبدالعزيز عاشور
عزيزي سيزان:
أعود اليك مجدداً، أنت تعرف ان رسائلي لم تنقطع عنك، ومالم تعرفه انه منذ مدة طويلة لم تنشر تلك الرسائل في اي من صحف بلادي، ارجو الا يذهب بك الظن الى ابعد من كونها مسائل تتعلق في جزء منها ببخس حقوقي أما الجزء الآخر فله اعتبارات كثيرة ومعقدة وقد يأتي الوقت المناسب لذكرها، وما جعلني اعود للنشر مبررات كثيرة بعضها عزيز إلى نفسي والآخر لا سبيل لذكره هنا على الرغم من انه تراودني فكرة تسجيلها في رسالة قادمة اليك.
من المهم الا تشغلك الآن، اذاً اسمح لي أولاً ان اوضح لك بعض المسائل التي اظنها ضرورية، عليك ان تحتمل حتى انهي لك ما انا بصدده فقد تكون رسالتي طويلة، لهذا ارجو الأ يأخذك الملل وتنسحب، الموضوع مهم بالنسبة لي، وعلى جانب آخر تهمني مشاركتكم بالرأى فيه، ودعمي بقوة ان امكن ذلك.
بعد أيام، تحديدا في السابع والعشرين من مارس عام الواحد بعد الالفين الميلادي، عند العتبة الأولى للألفية الثالثة سيفتتح حدث ثقافي مهم في مسقط راسي، يتصل هذا الحدث بالفن وتقع بعض «اكرر بعض» جوانب أهميته في مسألتين الأولى انه سيجمع كل الأطراف المعنية اعني «المجتمع والفن والفنان» والثانية ان اسمه الفن للجميع، ارجو ان تفهمني جيداً، وهذا رجاء..
قلت لك انه أول حدث في وطني يطلق عليه مهرجان الفن للجميع، ثمة مهرجانات كثيرة في غير رقعة من هذا الكون حملت هذا الاسم، وشاع في جسد المهرجانات على اختلاف اشكالها، وهذا لايعني ان المسألة مجرد استهلاك للأسهم كما يظن بعضنا، ثمة اعتبارات تختلف بين منطقة واخرى جسدت هذا الحدث بفعل حيوية مناخها الثقافي، في حين ان ثمة عوامل جوهرية في طبيعة المرحلة التي يعيشها الفن بين اقليم واخر ادت الى تجسيد مثل هذا المهرجان على واقع محيطها، علينا اذاً ان نعترف دون مكابرة بطبيعة تلك الاختلافات والاعتبارات بين مهرجان وآخر والا ننساق الى ما هو دونها، هل تتفق معي سيزان؟ مع إنه الى حد الان تبدو الصورة التي وصفتها عامة ويمكن اسقاطهاعلى أي حدث من هذا النوع وفي أي مكان وزمان ومن الأفضل ان أواصل. سأعزز لك توضيح الصورة أكثر منذ اللحظة التي تم التعرف فيها على فكرة المهرجان انتابني شعور ملتبس، اعرف غيري انتابهم نفس الشعور، ووقفوا عند الفكرة كما وقفت عندها طويلاً، بعض علاماتها تبدو صحية للغاية، وبعضها الآخر مثير حد الدهشة وعلى جانب من علاماتها تبدو لك شيقة وممتعة والأهم من ذلك كله انها تبعث على التأمل والتساؤل والاثارة ربما كونها فكرة تنطوي على عبارة تتجسد في صميمها اغراءات متعددة تبعث على المشاركة وتقع بساطة حيوية تلك العبارة اعني « الفن للجميع» في تواضع تأويل معانيها الى حد يسهل التعاطي معها انها عبارة تقول ببساطة تعالوا نحتفي بالفن والفنانين والمجتمع وفق طقوس المهرجانات الثقافية المنفتحة على مشاركة جميع فئات الناس. اذا حاولنا تبسيط الصورة فقد يلزم ان نحدد ما يمكن حول طبيعة تلك المشاركة بين كل الأطراف المعنية اعني«الفن والفنان والمجتمع» بصورة أكثر قرباً ماالذي يمكن ان يفعله الفنان في احتفاء كهذا هل يقف عند حدود انجاز عمله الفني او عند وصفه للمجتمع المتعاطي مع فنه فحسب ام في التزامه باعتبارات المشاركة ذاتها ام ان ثمة متطلبات اخرى عليه ان يفعلها، وبالتالي ما الذي يفعله المتلقي في مهرجان كهذا هل عليه ان يستمتع بكل ما يتفق وذائقته، ويعيد من خلالها مراجعة حسابات ذائقته البصرية والمعرفية وإعادة ترتيبها ان امكن له ذلك؟ ام ان هناك متطلبات اخرى تفرضها الأطراف، ما علاقته بالفن؟ وما علاقة الفن به، ما الذي سوف تشاهده بالضبط هل هو تجمع ثقافي فحسب ام تجمع احتفالي، من الذي سيفصل بينهما، وكيف ومادور الفن هنا، فيما ان السؤال الأكثر حضوراً قد يكون عن المبررات التي تجمع الأطراف الثلاثة ومن يقف وراء الحدث، ولماذا عند هذا الزمن تحديداً ولماذا تقرر جمعهم في هذا المهرجان، ماالفائدة من وراء اقامته؟
أما زلت معي سيزان؟
كل تلك الأسئلة وغيرها كثير، تؤكد ان الحدث مهم بالنسبة لمناخنا الثقافي وقد يفتح نافذة الحوار بين كل المتعاطين معه وعلى مختلف اشكالهم.
اذاً عند هذه الأسئلة سنتوقف مطولاً في رسالة قادمة، يلزمني فقط ان تفكر معي وتساعدني على الاقتراب منها، فقد يتطلب الأمر ان نقف عندها سوياً وقد يتطلب الأمر جهداً أكثر للتعاطي مع طبيعة الأحداث التي ستتبدى لنا من خلال التعاطي مع مواقفها وقد يستدعي الأمر تسجيل بعض الملاحظات التي تكشف عن حقيقتها.
ألم أقل لك انه المهرجان الأول من نوعه يحدث في بلدي والأول الذي يثير كل تلك الأسئلة المعقدة والمتداخلة دفعة واحدة وفي حدث يتصل بمشاركة الجميع .

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved