| العالم اليوم
* القاهرة مكتب الجزيرة محيى الدين سعيد
استبعد عدد من المثقفين وأساتذة السياسية امكانية النجاح في طرد اسرائيل من الأمم المتحدة وطالبوا في نفس الوقت باستمرار الجانب العربي في مطاردتها والضغط عليها والتنديد بممارساتها في مختلف المحافل الدولية.
جاء ذلك ردا على تساؤل أثاره مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في ندوة نظمها ليلة أول أمس بعنوان « هل يمكن طرد إسرائيل من الأمم المتحدة »
أوضح المفكر الفلسطيني الدكتور أحمد صدقي الدجاني في البداية ان قرار طرد دولة من الأمم المتحدة يتم بناء على توصية من مجلس الأمن وبقرار من الجمعية العامة مشيرا إلى أن الأمم المتحدة الآن أصبحت مجرد واجهة لقرارات الولايات المتحدة الأمريكية حتى أن نقاشا طويلا دارفي الأوساط الامريكية عن كيفية التعامل مع الأمم المتحدة ورأت بعض الاتجاهات عدم فائدة التعامل معها في حين رأت اتجاهات أخرى استعمال هذه المنظمة الدولية كمظلة للقرارات الأمريكية .
ووصف الدجاني الأمم المتحدة بأنها مسروقة من جانب أمريكا وتساءل عن امكانية تغير هذا الوضع؟ وأجاب بنعم أن التغير ممكن خاصة وان التململ واضح وشديد من جانب بعض القوى في العالم وفسر ذلك بأن الاتحاد الأوروبي يعبر بعض أعضائه عن القلق ازاء السياسات الأمريكية وذلك رغم وجود لغم دائم تمثله بريطانيا التي تستطيع ان تعرقل عمل الاتحاد لصالح الولايات المتحدة وأضاف ان وضع روسيا اليوم يختلف عما كان في عقد التسعينات والشاهد على ذلك التحركات الروسية الأخيرة تجاه إيران والعراق وهناك تململ ايضا من جانب الصين والهند والتجمع الإفريقي .
وتساءل الدجاني عن وجود فائدة من التحرك حاليا رغم وجود العقبة الأمريكية للمطالبة بطرد اسرائيل من الأمم المتحدة؟ وأجاب انه يجب أن نتحرك من ناحية بتسليط الأضواء على ممارسات اسرائيل ومن ناحية ثانية على وضع الولايات المتحدة في المنظمة الدولية وأن يكون التحرك متوازيا على الناحيتين حتى يمكن الوصول بواشنطن الى مراجعة سياساتها في المنطقة .
وأضاف أن تقريرا أصدر مؤخرا عن حقوق الانسان في الولايات المتحدة كان من المهم للجانب العربي طرحه على أوسع نطاق ونشره في كل مكان وكذلك التقارير الصادره عن حقوق الانسان في الارض المحتلة.
ويرى الدجاني أن مثل هذه التحركات يتم تجنيد القانونين العرب لها في مواجهة القانونين الاسرائيلين الذين يسعون لاستغلال كل ثغرة في القانون الدولي لصالحهم .
ويضيف أن الإعلام امرمهم في هذه التحركات ويمكن دمغ العدو من خلاله بالعنصرية أسوة بما فعلته الولايات المتحدة في مطلع التسعينات باتباعها مصطلح الدول المشاغبة أو المارقة واقامتها حملة شديدة على هذه الدول كذلك يمكن للعرب ان يستمروا في استخدام مصطلح الدولة العنصرية التي يجب طردها من الأمم المتحدة، مشيرا إلى ان ملفات اسرائيل واسعة في مجال الممارسات العنصرية .
وطالب الدجاني بإنجاز مركز عربي للدراسات يتناول قضية بعينها ويعطيها حقها من الدراسة وذلك لمعالجة قصر النفس الذي تعاني منه المعالجات العربية لمختلف القضايا .
وأكد على ضرورة التحرك العربي لاحياء قرار الأمم المتحدة 3379 الذي ينص على أن اسرائيل دولة عنصرية.
ثقافة المقاومة
الكاتب والباحث السياسي أحمد بهاء الدين شعبان أكد من جانبه أنه لا يمكن طرد اسرائيل من الأمم المتحدة وفسر ذلك بأن تحقيق ذلك يتطلب مجموعة من الشروط غير متوافرة الآن مشيرا إلى ان الامم المتحدة تحولت إلى إلعوبة في يد أمريكا واداة من أدوات تنفيذ سياساتها وجهاز تابع لها يدافع عن مصالحها ويبرر سياساتها ويمهد لهيمنتها على النظام السياسي العالمي بما يمنع تماما طرح فكرة مثل طرد اسرائيل أو أن يكون لذلك مردود حقيقي داخل اروقة الأمم المتحدة .
ويصف شعبان اسرائيل بأنها دولة نشاز في السياق الدولي واستطاعت ان تضرب عرض الحائط بآلاف القرارات والتوصيات التي نددت بمسالكها ولم تقم أدنى اعتبار لمؤسسة الأمم المتحدة التي لم تستطع هي الأخرى فرض أي قرار عليها لأن نظام العمل فيها يعتمد على مركز قوة رئيسي هو الولايات المتحدة التي وقفت بكل قوتها ضد أي قرار يدين اسرائيل ويرى شعبان أن المطالبة بطرد اسرائيل من الأمم المتحدة تقتضى تهيئة واسعة على صعيد الرأي العام العالمي الايجاد أرضية من التعاطف العالمي ومواجهة تزييف الرأي العام العالمي بفعل الأجهزة الصهيونية والأمريكية .
ويضيف أن هذا الاداء يقتضى أيضا تحقيق شروط عربية داخلية غير الموجود حاليا حيث أسقط العرب تماما خيار المقاومة واستبدلوه بخيار السلام الذي اعتبروه الخيار الاستراتيجي لهم .
ويشير إلى ان انجاح هذه الفكرة يتطلب احياء فكرة وثقافة المقاومة في المجتمعات العربية وتطوير الواقع العربي واعادة بناء آليات العمل الوطني بشكل واضح على اساس فلسفة المقاومة مؤكدا ان ذلك لايعني ابدا الدعوة للحرب وانما الدعوة للصمود ووقف التداعي الحاصل في الموقف العربي واعادة تقييم مسار التسوية السياسية المتواصل من توقيع كامب ديفيد الأولى وتربية الأجيال على أساس فكرة أن اسرائيل عدو وليست صديقا وان كل الخيارات متاحة بما فيها الحرب اذا تم فرضها على العرب .
ويضيف أن المهم أيضا هو اعادة صيانة العلاقة بين الدول العربية بشكل أفضل وايقاف مسلسل التطبيع مع الكيان الاسرائيلي بكافة اشكاله وتدعيم فكرة مقاطعة البضائع الامريكية والاسرائيلية على النحو الذي طرحته الشعوب العربية دراسته بشكل راق .
وشدد على انه من المهم على القمة العربية المقبلة اتخاذ قرار يشعر الولايات المتحدة بأن مصالحها مهددة طالما ظلت تؤيد اسرائيل بهذا الشكل الفج ودعا شعبان الى بدء حملة شعبية واسعة تعلن رفض زيارة شارون الى مصر وان تستند الادارة المصرية لهذا الرفض الشعبي في رفض زيارة شارون لها اذا ما فرض عليها استقباله على أرض مصر في وقت من الاوقات .
مشكلة سياسية لاقانونية
الكاتب الصحفى والمفكر المعروف محمد سيد أحمد وصف المشكلة بانها ليست قانونية وانما مشكلة سياسية مؤكدا انه ضد طرح فكرة طرد اسرائيل من الأمم المتحدة وفسر ذلك بضرورة استمرار اسرائيل في هذه المنظمة الدولية من أجل حبسها داخل اطار مرجعياتها واسقاط فرصة اسرائيل في اللجوء الى مرجعيات أخرى في مواجهة النظام الدولي .
ويؤكد انه لا يمكن تحقيق طرد اسرائيل من الأمم المتحدة لأنها ببساطة جزء لا يتجزأ من الولايات المتحدة مشيرا الى ان معركة العرب يجب ان تكون في داخل النظام الدولي وليس المساهمة في هزه وان تبذل الجهود من اجل اعادة النظام متعدد الاقطاب خاصة وأن موسكو تبدو وكأنها تسعى للعب دور في المرحلة القادمة وكذلك هناك تمرد من أطراف أخرى دولية .
ويرى محمد سيد أحمد المطالبة يجب ان تكون بطرد شارون من الشرعية الدولية والمطالبة بمحاكمته كمجرم حرب لأن سجله في هذا الشأن حافل مشيرا إلى أن شارون يمثل التجسيد الحي للعلاقة الأمريكية الاسرائيلية في النظام الحالي وأن هدم هذا النظام الأحادي القطب يمكن أن يتم من خلال طرد شارون ومحاكمته وليس طرد اسرائيل من الأمم المتحدة .
أما الدكتور حسن نافعه أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد جامعة القاهرة فأكد من جديد على أنه لايمكن طرد اسرئيل من الأمم المتحدة لأن طرد عضويتها يتطلب توجيه من مجلس الأمن الأمر الذي يتعين عليه الحصول على كل أصوات الدول الدائمة العضوية في المجلس وهو يستحيل حدوثه في ظل الانحياز الأمريكي الدائم لاسرائيل .
ويرى أن القضية هي في كيفية الاستفادة من وجود الأمم المتحدة لممارسة أكبر قدر من الضغوط على اسرائيل لتعديل سياساتها مشيرا في نفس الوقت إلى ان اسرائيل ارتكبت بالفعل ما يوجب طردها من الامم المتحدة وأن دولا كثيرة انتهكت ميثاق الأمم المتحدة لكن لم يسبق لمجلس الأمن طوال الخمسين عاما الماضية أن اتخذ قرارا بطرد دولة بما في ذلك جنوب إفريقيا .
ويضيف ان المشكلة ليست في الولايات المتحدة نفسها واضاف ان كل الدول الأعضاء في مجلس الأمن لن توافق على طرد اسرائيل من الامم المتحدة مؤكدا على ضرورة طرق كل الابواب لإدانة الممارسات الاسرائيلية وذلك في مختلف المحافل الدولية.
وأشار بهاء الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان إلى أن المطالبة بطرد اسرائيل من الأمم المتحدة تستند إلى اخلال اسرائيل بأحد شروط قبول عضويتها في الأمم المتحدة بموجب قرار الجمعية العمومية رقم 273 لسنة 49.
وهو الشرط المتعلق بتطبيق القرار 194 لعام 1948 والذي يلزم اسرائيل بإعادة اللاجئين الفلسطينين الى ديارهم الأصلية وتعويضهم والذي بموجبه انعقد مؤتمر لوزان الذي وقعت اسرائيل على بروتوكولاته المتضمنة اعتراف اسرائيل بحق العودة .
وأشار إلى طرح شعارات من نوعية المطالبة بطرد اسرائيل من الأمم المتحدة ربما يكون له دور كبير في استنهاض الحركة التضامينة العالمية الواسعة مع القضية الفلسطينية والتي ضعفت بعد توقيع اتفاقيات اوسلو .
|
|
|
|
|