| مقـالات
مشكلة اللجوء وتزايد أعداد اللاجئين في العالم تعتبر إحدى أهم المشكلات المعاصرة، كما تعتبر إحدى أهم المآسي والمعضلات التي يواجهها المجتمع الإنساني الدولي، والناظر إلى جذور هذه المشكلة يلحظ أنها قد بدأت تطل بوجهها منذ انتهاء الحرب الباردة، وظلت تطرد وتزداد مع ازدياد اشتعال الحروب بمناطق جديدة من العالم الأمر الذي أدى إلى اختفاء حالة الاستقرار والأمن وحلّت محلها ظاهرة العنف والاقتتال والتخريب، فنتج عن ذلك كله تدفقات بشرية واسعة وهجرات كبيرة، سواءً أكانت هذه التدفقات أو الهجرات من بلد إلى بلد، أو داخل البلد نفسه حيث حدث ذلك بشكل لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية.
وأصبحت بذلك أعداد اللاجئين والنازحين المشردين في العالم حسب إحصائيات 1416ه تتجاوز ال )4،27( مليون نسمة أي أن ذلك يعني أن كل مائتي شخص في العالم يوجد بينهم شخص لاجىء، وغني عن القول أن معظم هؤلاء اللاجئين غالباً ما يضطرون عند مغادرة بلدانهم ومواطنهم للتخلي عن كل ممتلكاتهم حتى يتمكنوا من الفرار والولوج إلى البلد الذي يمكن أن يستنجدوا بحمايته، لذا يجد هؤلاء اللاجئون أنفسهم في أغلب الأحيان في حالة تستدعي منحة مساعدة عاجلة تشمل المأوى والغذاء والدواء.
ومما يبعث على القلق أن 70% من هؤلاء اللاجئين هم من المسلمين ويعيش معظمهم في قارتي أفريقيا وآسيا في أوضاع مأساوية مزرية ويواجهون بشكل يومي أخطاراً كبيرةً تهدد سلامتهم وأمنهم وحياتهم، فبالإضافة إلى أخطار الحروب والتهجير القسري يواجه معظم هؤلاء الأمراض والأوبئة الفتاكة الخطيرة مثل أمراض الكوليرا والملاريا والحصبة فضلاً عن الأمراض الأخرى الناتجة من سوء التغذية وانعدام العناية الصحية والاهتمام .
وبالرغم من الجهود التي تبذلها أجهزة الإعلام ووسائطه المختلفة في نقل صور متعددة عن أحوال هؤلاء اللاجئين- وهي صور تهز مشاعر الإنسان وتقلق مضجعه - إلا أن المطلوب من هذه الأجهزة ومن الإعلاميين والباحثين والمهتمين بخاصة ومن غيرهم بعامة تسليط الضوء بشكل أكبر على هذه القضية الإنسانية المهمة.
وكما سبقت الإشارة فإن المهتمين والمتابعين للعمل الإغاثي يرون أن مشكلة اللجوء وتزايد أعداد اللاجئين في العالم تمثل إحدى أهم المآسي التي يواجهها المجتمع الإنساني الدولي في وقتنا الحاضر، وتؤكد أحدث الإحصائيات أن مركز الثقل فيما يتعلق بمشكلات اللاجئين قد انتقل من أوربا وآسيا إلى القارة الأفريقية، ففي هذه القارة توجد أكبر نسبة للاجئين في العالم، تتركز الغالبية العظمى منهم في شمال شرق أفريقيا، وفي منطقة القرن الأفريقي بالتحديد، ولا تقل مشكلة اللاجئين في تلك المنطقة خطورة عن مشكلاتهم في كثير من أنحاء القارة الأفريقية.
*مدير المكتب التنفيذي للهيئة العليا لمسلمي البوسنة والهرسك
|
|
|
|
|