تلقيت ديواناً حوى الشعرَ غالياً
شغفت به حتى نسيتُ التلاقيا
حصيد زمان مترعات كؤوسه
يذكرني ما كنت بالأمس ناسيا
ترانيم أوتار يناغيك لحنها
تعيد إلى الشيخ الوقور التصابيا
نسائم صبح تنفح العطر في الورى
وتلهم سرب الطير عزف الأغانيا
فيا عندليب الدوح مهلاً فإنني
عن الشعر والإنشاد أصبحت لاهيا
شغلت بذات الدلِّ عشرون عمرها
وتضحك مني كلما جئت باكيا
فيا باعث الأشواق رفقاً بمهجتي
فقد حرَّكت نار الهوى في فؤاديا
أيا غادتي إني بكِ اليوم مغرمٌ
ولست أبالي إن دهتني الدواهيا
فلا برحت ترعاكِ في الفجر نسمةٌ
ويرعاك من لحن الطفولة شاديا
لعمرك ما فارقت صحبي مكرهاً
ولاكارهاً كلا ولاقطُّ قاليا
ولكنني أبحرت في لجج الهوى
وألقيت في ظلِّ الكتاب المراسيا
تذكرت ذاك الربع في حي دخنة
فلم أتمالك أن أرى الدمع جاريا
وإن أنس لا أنس )الرباط( فإنه
منازل مَن قد كان للعلم هاويا
مساكن للطلاب من كل بقعة
ومن كل صقع يهجر الدار راضيا
من الهند والصومال والشام والحسا
ومن كل نجد ينشدون المعاليا
من المغرب الأقصى ومن أرض فارس
من الهضبة السودا ومن قلب آسيا
يؤمون دار العز نسل ابن فيصل
فيلقون فيها كل ما كان نائيا
ويلقون شيخاً شاع في العلم ذكره
يجدد رشداً عندهم كان خابيا
يوفيهمو من كل فن خلاصة
يصوغ لهم فيها النجوم الدراريا
أليس ابن إبراهيم شيخي محمد
كما قلت بل قد كان نجماً وهاديا
فيا رب يا معبود كافئه جنة
ونهراً من الفردوس كوثر جاريا
وما أصدق الأقوال في شعر قائل
نموت ونحيا والليالي كما هيا