| مقـالات
مقالة اليوم تدور حول موضوع أثارته قارئة كريمة في رسالة بريدية تمحور فحواها حول «نسب الرضاع» وكيف أنها القارئة فتحت عينيها لتجد أباها قد «فُرِّق» بينه وبين أمها وذلك بسبب نسب رضاع بينهما لم يتم اكتشافه الا متأخرا ومتأخرا جدا....
واستهلالا أقول لا شك انه يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب كما ورد في التوجيه النبوي الكريم، ومع انني لست مختصا للخوض في التفاصيل الشرعية لهذا الموضوع الشائك والحساس، الا انه حري بي القول إنه أمر من الواجب النظر فيه، واستنكاه أبعاده وتبعاته، واستحداث طرائق من شأنها تأكيد وقوعه من عدمه وذلك درءا لما يسببه التخرص فيه من أضرار بالغة على الأبرياء الذين لا ذنب لهم، وعلى وجه التحديد في حال وضوح علاقة نسب «الرضاع» هذه في وقت متأخر من الحياة الزوجية مما يترتب عليه أضرار لا حصر لها تنعكس على الأولاد والبنات، أقول قولي هذا منوها بأهمية توعية الناس وحثهم على توثيق حالات الرضاع هذه، فهناك العديد من شؤوننا الاجتماعية كالزواج مثلا مما واكب التطور الاجتماعي واصبح أمر تسجيله رسميا وتقنينه شرطا من شروط العيش والتفاعل في مجتمع مدني يعتمد التوثيق والتقنين والسجلات المدنية لشؤون أفراده، وعلى النقيض مما كان عليه الزواج سابقا حينما كان من المألوف والمعتاد إتمام مراسمه دون الركون الى اي توثيق رسمي وذلك لظروف لا تخفى خلفياتها التاريخية وحتمياتها الظرفية زمانا ومكانا..
نقطة اخرى حيال موضوع الرضاع هذا وهي ان هذا النوع من النسب قد شاع في السابق لأسباب موضوعية ومفهومة ضمن سياقاتها التاريخية الخاصة بها وذلك بسبب ان إرضاع المرأة «الأجنبية» لأطفال غيرها قد نشأ من حاجة ملحة منشؤها الفقر المدقع اومرض الأم الحقيقية او انتقالها الى رحمة الله مع انعدام البديل وذلك على العكس مما استجد وتوافر في عصرنا هذا من وسائل ارضاع بديلة، علاوة على انتقال مجتمعنا من مجتمع ريفي صغير الحجم سكانيا وذي علاقات اولية مباشرة الى مجتمع مدني بظواهر ديموغرافية جديدة مرتبطة بالتطور والتحديث.. وعليه فان لديّ رجاء حاراً الى علمائنا الأفاضل ان يتحفونا وهم الأدرى بلا شك بمرئياتهم حيال هذه ا لقضية.. فتعاليم ديننا الرباني الحنيف صالحة لكل زمان ومكان ولا ريب في انها كفيلة بتوجيهنا التوجيه الصحيح حماية لنا مما قد يسببه «الاعتماد المجرد» على الذاكرة البشرية .. فحفظ الانساب والحيلولة دون اختلاطها ، ومبدأ «دعوة الأبناء لآبائهم» من أسمى وأرقى المبادئ الحضارية الدالة على عظمة ديننا الحنيف.
|
|
|
|
|