| مقـالات
لو أن المنتخب السعودي لكرة القدم قد حقق نصراً في أحد اصقاع الأرض لرأيت شوارعنا تطفح بالسيارات والضجيج والاعلام، والصخب الذي احترمه، أو على الأقل احترم منطلقاته الوطنية وأسلوبه الحماسي في التعبير عن الانتماء.
ولا أدري لما كنت أتوقع ردود فعل مشابهة أو مقاربة أو لربما تحمل نفس الملامح، تلي عملية الاقتحام البطولية التي نفذها «كوماندوز» سعوديون، وحرروا من خلالها الطائرة الروسية المختطفة، وأنهوا أزمة كانت تحمل في طياتها تطورات قد لا تحمد عقباها على مستوى الداخل والخارج. )وبعيداً عن المنطلقات والأهداف السياسية وراء حادثة الاختطاف ومدى تعاطفنا مع الخاطفين وقضاياهم!! فإن الحروب لا تصدّر فلها ساحاتها وأماكنها، والبعيدة تماماً عن الأماكن المقدسة أولاً والبعيدة أيضاً عن المدنيين والنساء والأطفال(.
ولأننا كثيراً ما ننهك كاهل هذا الوطن بتذمرنا وطلباتنا، ونبرتنا المؤنبة المتذمرة دوماً وجداول ما يجب وما لا يجب وبالطبع جميع ما سبق له منطلقاته التي من أولها حب قديم متجدد، ذلك الحب الذي سيجعلنا نقف الآن ونصفق طويلاً، نصفق لفتية الرمل الأشاوس الذين تصدوا للزمهرير الروسي وبثلاث دقائق.. فقط انتهى الأمر.
ويبدو أن الأمر يستحق الوقوف والاشادة لمنطلقات عدة هي:
1 ان القرار السعودي للاقتحام لم يتم الا بعد أن استنفدت وسائل الاتصال الأخرى، وبعد اصرار الخاطفين على الاقلاع الى جهة مجهولة.
2 الطائرة الروسية شبه مجهولة بالنسبة لفريق الكوماندوز، من ناحية المداخل والمخارج، وطريقة التصميم، وعلى الرغم من هذا فعملية الاقتحام كانت ناجحة وبالحد الأدنى من الخسائر.
3 استطاع الفريق نفسه أن يقوم بالعملية جميعها دون الاستعانة بالفريق الروسي المعد خصيصاً لهذه المهمات، ورفض عرضاً قدمته روسيا بهذا الخصوص.
وبعد جميع ما سبق كيف لا أصاب بالزهو والخيلاء وأنا أتابع هذه الأحداث التي شقت الصورة التقليدية عن هذا المكان المحاصر دائماً بالأفكار المسبقة والأوصاف الجاهزة التي تطلق كيفا اتفق، فعلى حين أن العالم المتقدم يفهرسنا بأننا دول عالم ثالث، فإن العالم الثالث بدوره يصنفنا بأثرياء.. نفط!!
وأولئك الفتية الذين تسلقوا جسد الطائرة الهرم، هم شيء مختلف لا يشبه جميع ما سبق، ولا يشبهون شيئاً سابقاً.
ألم يعاودكم ذلك الشعور بالتوازن والاطمئنان..؟ نفس الشعور الذي صادفنا بعد القبض على مسببي الانفجارات التي حدثت في مدينة الرياض الشتاء الماضي بزمن قياسي وقصير؟
لفتية الرمل.. غابة نخيل، وسهل خزامى، وألف غدير من فضة.. !! وشكراً كبيرة وضخمة من كل أبناء هذا الوطن الذين لوحوا باسمه عالياً أمام العالم.
|
|
|
|
|