| الثقافية
نفحات الرياض.. لمحمد هاشم رشيد الوطني... والوجداني
*تأليف الأديب : عبدالعزيز الرفاعي
*قراءة وتعليق: حنان بنت عبدالعزيز بن سيف
يصنف مؤرخو الأدب السعودي، الشاعر محمد هاشم رشيد، في الجيل الثاني من الشعراء السعوديين.
ذلك الجيل الذي أسهم في تأسيس سمات الاتجاه الرومانسي والوجداني عبر تراكم التجربة الشعرية وموقعها في الشعر العربي المعاصر.
والشاعر محمد هاشم رشيد، أصدر سبع مجموعات شعرية على مدى أكثر من ثلاثين عاماً، ويواصل مد تجربته، وتفريع خارطة تناولاته. عبر ينابيع المد الوجداني والوطني والديني، إذ تكاد تكون هذه المحاور هي الركائز الدلالية لبنية تجربته الشعرية.
** والشاعر الذي كان وفياً لذلك الاتجاه بما أنجزه الى الآن، يمايز في استثمار عمقه الشعري، وتعدد رؤيته لتناول وصفي مشحون بحس شعري شفيف وذاكرة بصرية شديدة الحساسية، مستخلصاً معطى تجربته الشعرية والحياتية في سبيل توطيد سيمياء هذه الشعرية. وجعلها علامة مميزة للدلالات الرئيسية في شعره، ومؤشرات تجربته، كمحتوى مضموني، ومنجز تعبيري.
ويكاد دارسو شعره يجمعون على التأكيد على فنية الصورة الشعرية وملامحها الأسلوبية، في اشارة واضحة الى المغايرة التي يعمل الشاعر على تكريسها وتأسيسها.
وفي إصداره الجديد «نفحات الرياض» والذي يحوي أكثر من ستين نصاً شعرياً ينتظم خط دلالتها في الاتجاه الوطني، وتكريس الحس الوجداني في التغني بالوطن ومنجزاته، ولعل ما يرمز إليه العنوان.. يعطي دلالة أكيدة وأولية على ذلك. حيث يجعل الشاعر من تاريخ المناسبة «اختيار الرياض عاصمة للثقافة العربية 2000م» موضوعاً تتعالق فيه الدلالات النصية في هذه المجموعة الشعرية.
* وإن كانت «المناسبة» متكأ تمحورت حوله أغلب النصوص. إلا ان وحي المناسبة وخطابها المباشر لا يتخلل صميم البناء النصي وايقاعه الشعري في القصائد العامة.بحيث تتبدى القدرة الابداعية المدعومة بنفس شعري متمكن وذائقة صافية تتمكن من مزج الوطني بالوجداني في تدرج وصفي متماسك، تتلقاه الذاكرة المتلقية بمهاد إنساني متحفز للمعرفة على نحو قوله في وصف المدينة:
«والنخيل النشوان حول العوالي
وقباء يهتز في خيلاء
وبوادي العقيق يخضوضر الصخر
ويغتر بالندى والعطاء
ويقربان لهفة للتلاقي
ونسيم يسري على استحياء» |
** فظهور المكان وطليعيته على هذا الشكل الذي يجلي من قيمته في نفس الشاعر. وتوالي بروز الاسماء، ثم انعطاف النص للمسار الوجداني الخالص جعلا هذه الاماكن تأخذ موقعها في نفس الشاعر، وتستولد ذكرياتها فيه فيما بعد.
ويواصل الشاعر التنويع على محوره الأساس «الوطني» في داخل التشكيل النصي مع تباين المستوى الفني لهذه النصوص، حيث يأخذ نص مثل «اليوم في طيبة» مداه التأثيري في إيقاعية رائعة، تتيح لها قافية «الباء» مساحة من الاسترسال والتقسيم في مفاصل التعبير الوصفي في النص، وتراتب في بناه الدلالية يجعل هذا النص من أميز وأبرز نصوص المجموعة. إضافة الى القصائد التي جاءت على قافية «القاف/ والدال» التي تتيح للشاعر حرية رسم مخزونه الشعوري الوطني على أكبر مساحة من التعبير.
** كما حفلت المجموعة بنص تفعيلي واحد. وهو «الحسناء الموعودة» ومع تقليدية هذا العنوان كسائر عناوين بقية النصوص إلا انه امتاز بمهارة الشاعر في كتابة قصيدة «التفعيلة» يكوّن هذا النص نموذجاً متقدماً في التأكيد على قدرة الشاعر على كتابة هذا اللون من الشعر وتميزه الواضح في انجازه.
حيث انبنى النص على بداية خبرية وصفية تمتد الى أكثر من ثلاثة مقاطع ثم تنتقل الى بناء الجمل الوصفية التي تنقل أكثر من صورة وتصور في مستوى الصياغات بخبر واحد ثم في التكرار الايقاعي لكلمة «وعدوها» بين مقاطع النص، الحافل بحس ايقاعي مؤثر. واستقصاء الأوصاف «الموعودة» في تنسيق بين المقاطع ودلالات الجمل ثم إبراز الجمل الاستفهامية في تواتر ملحمي بارز مما يعمق من التساؤل حول عدم مواصلة الكتابة في هذا المسار وهو يمتلك مثل هذه القدرة الفنية والمساحة الزمنية من التجربة التي تؤهله للكتابة في هذا المسار الشعري.
* نفحات الرياض. محمد هاشم رشيد
|
|
|
|
|