| مقـالات
** هذا العنوان فيه شيء من الغرابة
ولعله يصلح عنوانا لحلقة من حلقات البرنامج الاجتماعي الناجح «طاش ما طاش» وليت الأخوين السدحان والقصبي يتناولان هذا الموضوع الاجتماعي في طرح هادف وساخر.
أعود إلى غرابة العنوان فأقول : إن الغرابة تأتي في تناقض كلمتي «البوفيه والمفاطيح» والتناقض هنا ليس بلاغياً فيؤاخدني أصحاب اللغة، ولكنه تناقض من نواح أخرى، إذ كيف تجتمع المفاطيح مع البوفيه؟!
لقد أخدنا هذه الطريقة طريقة البوفيه من الغرب وهم لا جرم لديهم عادات حسنة، وأخرى سيئة بالتأكيد، ولكن لم نأخذ أهداف «البوفيه» لديهم وغاياته.
يقول أديب عربي عاش في الغرب:
) إن الغربيين يعملون «البوفيه» في الحفلات من أجل الاقتصاد والتوفير وهو سلوك حسن وهدف نبيل..(.
ولكن نحن في «البوفيه» غيبنا هذا الهدف النبيل وأبقينا سلبياته كما سوف يأتي بيانها.
إن حسنة البوفيه المهمة «البعد عن الإسراف» وهو أمر حثت عليه قيم إسلامنا قبل بوفيهات الغرب.
ولكن..!
تصوروا معي:
«بوفيه وعليه مفاطيح».. وينوء بكميات كبيرة جداً من أشكال الطعام وأنواعه التي لا تعد ولا تحصى.!
أين الترشيد هنا، وأين عدم الإسراف؟؟
إن البوفيه .. لدنيا مع الأسف جمعنا فيه بين الإسراف وعدم الاستفادة من الطعام..!
انظروا إلى «البوفيه» في المناسبات.
إن الطعام يبقى على ما هو عليه لكثرته من ناحية، ولأنه حقيقة لا ينسجم مع عاداتنا.
ولو نحن استفدنا من )البوفيه( فعلا في عدم الإسراف لكان ذلك أمرا طيبا ولصبرنا، أو بالأحرى تقبلنا سلبياته التي سوف يأتي بيانها.
إنني على مستوى شخصي أكره البوفيه فعلا وبخاصة أنه لم يحقق هدفه في الترشيد..!
إنك في المناسبات التي يوضع فيها الطعام على طريقة «البوفيه» كأنك وأنت بيدك الطبق في الطابور تتسول الطعام كما قال عاشق الشعر الأستاذ عبدالعزيز الخريف في مقالة جميلة عن بعض العادات السيئة في مناسبات الأفراح ومنها «البوفيه»: يكفي من سلبيات «البوفيه» أن عددا من الضيوف يخرجون دون ان يتناولوا شيئا من الطعام.. وبعضهم دفعا للحرج ينال شيئا بسيطا من أقرب نوع لديه. ثم يذهب الى منزله ليتناول غداءه أو عشاءه..!
إنني لا ألوم هؤلاء ولا أولئك وقد أكون واحدا منهم فنحن لنا مرجعية نعتز بها في إكرام الضيف وتقديره والاحتفاء به.
وفي البوفيه في نظري شيء من إهانة الضيف، فليس من شيمنا ان نتسابق إلى الطعام لنملأ صحوننا.. ثم ندلف إلى أدنى زاوية لنملأ بطوننا.. أليس منا ذلك الشاعر الرائع الشنفرى الذي قال:
وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن
بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل |
ولو كان البوفيه موجودا على عهد الشنفرى لربما كان أعجلهم فعلا لأن «اتكيت» البوفيه يقتضي ذلك، حتى لا تؤخر الناس الذين خلفك، وكأنك في «البوفيه» في معركة حرب، وليس في مناسبة فرح.. فمن يسبق ويسرع هو الأفضل والأوفر انتصارا في هذه المناسبة.
أمر آخر وليس الأخير في سلبيات البوفيه ألا وهو : أنه يحتاج الى وقت أطول في تناول الطعام بينما في الجلسة على المائدة، الوقت في الغالب قصير ومعقول.
ثم وهذا أمر مهم الجلسة الجماعية على المائدة تجعل الجلسة ماتعة تتخللها أحاديث ماتعة يشارك فيها كل الحضور الذين لم يأتوا للأكل ليس إلا.
إن علينا أن ندرك أن ليس كل ما نأخذه من الغرب جيداً وجميلاً، فلكل أمة أدبياتها وعاداتها..! إن طريقة البوفيه ليست منا، ولسنا منها.
ليس لأننا قوم نحب أن «نضرب بخمسنا»، فقد تقلصت مثل هذه العادة، ولكن لأن تناول الطعام ليس الهدف أو يجب ألا يكون الهدف سواء من الداعي أو المدعوين.
إن الهدف الأجمل من إقامة المناسبات في مجتمعاتنا التقاء الناس، وتقوية العلاقات في الاستجابة للدعوات، وإكرام المدعوين، وتناول الحديث وإعطاء الفرصة للمحتفي بكسر الفاء للمزيد من إكرام ضيوفه والترحيب بهم..!
وهذه الأهداف لا تتم على طريقة البوفيه أبداً..
إنها تتم فقط عندما يجلس الناس إلى الموائد في انتظام جميل، وأحاديث جميلة وسط ترحيب الداعي وسروره، وقد عرف ذلك أجدادنا قبل معرفتنا.
**
)2(
« المرأة والرجل شعر ونثر»
** من أجمل وأرق العبارات التي قرأتها عن «المرأة» هذه الكلمة لكاتب عربي:
«الرجل نثر الحياة والمرأة شعرها».
وقد صدق..!
فالمرأة هي الشعر الأجمل في الوجود.. والشعور الأندى للرجل..!
ولكن أية امرأة..؟
هذا هو السؤال..!
|
|
|
|
|