| عزيزتـي الجزيرة
سعادة رئيس تحرير صحيفة )الجزيرة(
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في كل دولة من الدول نظام لموظفي الدولة يخدمهم ويحمي حقوقهم وفي مقدمتها الرواتب التي هي العمود الفقري في أنظمة خدمة الموظفين.. وكل الأنظمة تجمع على ضرورة خدمة الموظف وتوفير حاجاته الضرورية كي يتفرغ لعمله.. ومع زيادة أعباء الحياة اليومية فإن )سلم رواتب الموظفين( لدينا الذي تم إقراره وبدأ العمل به قبل حوالي ربع قرن من الزمان لم يعد مناسبا لزماننا الحالي حيث الفواتير الباهظة التي تلتهم راتب الموظف والمستخدم على حد سواء ولا تقف شراهة هذه الفواتير عند حد فهذه فاتورة إيجار المنزل الباهظة حيث ان الايجار بدأ يزيد يوما بعد يوم.. أما قرض صندوق التنمية العقارية فقد أصبح من الأحلام.. وهذه فاتورة الكهرباء.. وهذه فاتورة التلفون.. وهذه فاتورة المياه.. وهذه المشتريات التي لاتقف عند حد وهذا لحياة الكفاف فقط.. فليس من المعقول أن يعيش أحد في زماننا الحالي دون مياه أو دون كهرباء.. وقد أثبتت التقارير ان أقل راتب يمكن أن يستلمه أي موظف في أي قطاع ويعيش معه على حد الكفاف الذي يكون ماتحته تابعاً )لخط الفقر( هو 5000 ريال.. وبأقل من هذا الراتب من أي موظف وأي مستخدم سيعيش تحت خط الفقر.. خصوصاً مع قرار عدم السماح لأي موظف بممارسة أي عمل حر.. ولهذا فإن )سلم رواتب( الموظفين.. ومن اسمه هو سلم رواتب وليس )مراتب(. حيث ان الأساس في وصفة هو الراتب الذي يستلمه الموظف في آخر كل شهر وبالطبع تختلف نسبة الانفاق من الراتب من شخص إلى آخر ولكن مع تزايد الأعباء فإن أقل مرتب هو 5000 ريال.. وسلم )رواتب الموظفين( سلم بحاجة إلى إعادة بناء وبحاجة إلى تفكيك وإعادة تركيب من جديد حتى يمكن الموظف من الوصول إلى هدفه بصعود درجات هذا السلم.. وكل سلم على وجه الأرض خشبي أو حديدي أو ألمنيوم لابد أن له عداً افتراضياً ولي عدد من الرؤى حوله:
1 يعتمد السلم الوظيفي على مراتب من )1 15( وكل مرتبة )110( تمتد 15 درجة وكل درجة تعني علاوة سنوية وتقل الدرجات في )المرتبة 11 15( حيث تصل إلى 10 درجات في المرتبة 15 وراتب المرتبة الأولى على سبيل المثال يبدأ من 1500 ريال )أول مربوط( وينتهي عند 2900 ريال وراتب المرتبة 15 يبدأ من )15000(ريال وينتهي عند )20850(ريال فلو عين موظفان أحدهما في المرتبة الأولى والثاني في المرتبة 15 فسيستلم الأول 1500 ريال )أول مربوط( والثاني )15000( ريال وواضح من بناء السلم أن العلاوة الدورية السنوية ترتبط بدرجات السلم الوظيفي أي أن كل مرتبة هي سلم متصل ودرجاته هي التي يصعدها الموظف ليصل إلى أي مرتبة يقفز بعدها إلى مرتبة أخرى أو أن يستمر في مرتبته وتزداد علاوته السنوية.. فالهدف هو زيادة المرتب بغض النظر عما إذا كان في درجات المرتبة أو في مرتبة أخرى فعلى سبيل المثال نجد أن الدرجة )15( من المرتبة 5 يبلغ راتبها 5990 ريال والمرتبة 8 الدرجة 3 يبلغ راتبها 5905 ريال وهو أقل من راتب آخر درجة في المرتبة 5 وهذا لاشك في صالح الموظف ويظهر مرونة في درجات السلم الوظيفي وهي إحدى حسناته فليس من الضروري توفر وظيفة وليس من الضروري الترقية حتى يحصل الموظف على راتب يستلمه زميل له في المرتبة 8 وإنما يزيد راتبه بعلاوة دورية سنوية.
2 العلاوة الدورية من اسمها هي دورية أي أنها تتكرر كل سنة أو كل فترة زمنية معينة فمن الممكن أن تتكرر كل نصف سنة.. ومن الملاحظ أن الفروق في العلاوة الدورية ضئيلة بين كل مرتبة والتي تليها فهي على سبيل المثال )230( للمرتبة 6 و )270( للمرتبة )7( أي أن الفرق بين العلاوتين هو 40 ريالا فقط.. وهذا مما يجعل الحماس للترقيات ضئيلاً والتنافس شبه معدوم ولا فرق في الترقية بين موظف مجد وموظف مهمل وكسول فالجميع سيحصل على حافز مادي قليل إضافة إلى أنه ليس هناك حافز للموظف المجد في الترقية فمن المفترض أن يكون هناك حافز مادي للموظف المتميز كأن يكون عند ترقيته من المرتبة 7 إلى المرتبة 8 يعين على المرتبة 8 الدرجة العاشرة بضوابط معينة.
ومن الملاحظ أن العلاوة الدورية ثابتة لكل مرتبة من المراتب ومن المفترض ان تتغير في كل سنة وأن ترتبط )بدرجات السلم الوظيفي( وليس بالمراتب فالعلاوة هي الحافز الوحيد لبقاء الموظف في مرتبته خصوصاً إذا كانت ممتدة لسنوات طويلة وهناك مقترحات لزيادة العلاوة الدورية لكل مرتبة:
أ علاوة دورية نصف سنوية بدلاً من أن تكون في كل )محرم(.
ب أن تزداد نسبة العلاوة مع كل درجة من درجات السلم فعلى سبيل المثال أول مربوط من المرتبة )5( هو 3190 ريال وعلاوته الدورية )علاوة محرم( 200 ريال وهذه ال 200 ريال ثابتة لكل ال 15 درجة فلماذا لاتزيد هذه العلاوة بنسبة معينة ولنفترض 10% من علاوة السنة التي قبلها.. فإذا زادت على سبيل المثال بنسبة 10% لعلاوة المرتبة 5 فستصل إلى 690 ريال في الدرجة 15 من المرتبة 5 وفي دراسة ذلك مرونة كبيرة لدرجات السلم الوظيفي بدلاً من جمودها على علاوة واحدة وهي لن تشكل إلا نسبة ضئيلة من راتب الموظف في كل سنة.. وستكون بلاشك حافزا ماديا كبيرا له وخصوصاً موظف المراتب الدنيا وتشجيعا له على العمل والإبداع وتوفيرا لحاجاته النفسية واشباعا اجتماعيا له.
3 بدل النقل ابتعد كثيراً عن هدفه الأساسي.. فمن البديهي ومن المنطقي أن )بدل النقل(.. هو بدل يصرف للموظف الذي يبعد مقر سكنه عن وظيفته بدلاً عن توفير وسيلة نقل له وهو 600 ريال.. ولكن هذا البدل يلاحظ أنه يصرف لمن يبعد مقر سكنه عن عمله 10م أو 100كم أو 1000كم سواء بسواء دون تفريق بين من يأتي من بعيد ويبدأ استعداده ومعاناته من الطريق من ساعات الفجر الأولى ومن أواخر الليل وينفق تكاليف البنزين والسيارة ويذهب بعد عمله مجهداً في طريق شاق قد يصل 100كم أو أكثر.. وهذا يصرف له بدل مثل البدل الذي يصرف للموظف الذي يقع سكنه أسفل دائرته ويصل إلى مقر عمله على قدميه ولفترة لاتقل عن دقيقة.. وهذا المطلب ليس حسداً لمن حصلوا على هذا البدل وهم لايستحقونه.. ولكنه محاولة لوضع حافز لمن يأتي من منطقة بعيدة ويتذرع ببعد المسافة عن مقر عمله.. لقد حان الوقت لوضع حافز مناسب لمن يقع سكنهم على بعد كبير من مقر عملهم.. في ظل تزايد أعباء النقل من بنزين وخلافه.
4 بعض الموظفين الجادين والمميزين ليس هناك فرق بينهم وبين الكسولين )والمتنبلين( في الترقية.. فالضابط واحد وهو إكمال 4 سنوات في المرتبة سواء كانت حافلة بالعمل أو حافلة بالكسل.. الكل سواء وليس هناك أي حوافز تشجيعية للمتميزين في أعمالهم.. يجب أن توجد لجنة في كل وزارة أو كل دائرة تدرس عطاء كل موظف بعيداً حتى عن تقويم رئيسه المباشر الذي ربما لايكون منصفاً.. أو على أقل الأحوال يكون رأيه فردياً ومبنياً على موقف معين.. فتقارير الكفاية دورها في الترقيات ثانوي وليس أساسياً في احتساب نقاط الترقيات فيجب أن يحصل المتميزون على مكافآت وترقيات استثنائية.. شكراً لهم.. وحفزاً للمنافسة وخلقاً لجو تنافسي ممتاز.. ينتج لنا موظفين أكفاء وأمناء وبالتالي الحصول على نظام إداري متميز ومنتج.
5 لماذا لا تكون الترقية بأثر رجعي للموظف المستحق للترقية والذي ظل على مرتبته لسنوات دون ترقية بحجة عدم وجود وظيفة شاغرة حيث ان بعض الموظفين الجادين في أعمالهم يظل سنوات على مرتبته دون ترقية بينما ترقى زملاؤه إلى مراتب وتجاوزوه في الترقية؟
فإذا فرضنا أن موظفاً ما أمضى 8 سنوات في المرتبة 7 وتوفرت وظيفة لترقيته فإنه يرقى إلى المرتبة 8 والمدة المقررة للبقاء في الوظيفة هي 4 سنوات بينما من المفترض أنه قد وصل إلى المرتبة 9 أي أربع سنوات للثامنة وأربع سنوات أخرى للتاسعة .. إن الترقية بأثر رجعي تحفظ للموظف حقوقه المادية والمعنوية.. تماماً كما يحصل في وظائف السلك العسكري فلايصاب الموظف بالاحباط والمرارة ولا تجعله يتذمر ويطارد وراء ترقيته بل إن حقوقه محفوظة.
6 من المعروف أن هناك لجاناً للترقيات في كل وزارة أو جهة حكومية.. تعد محضراً لترقية المستحقين للترقية من منسوبي كل جهة مرتين كل عام.. وهذه اللجان تتطلب انتظار المستحقين للترقية حتى حلول موعد اجتماعاتها فلو فرضنا أن موظفا استحق الترقية في شهر صفر من عام 1421ه واجتماع اللجنة في شهر ذي القعدة عام 1421ه فمعنى ذلك أن المستحق للترقية يجب أن ينتظر 10 أشهر أي حوالي سنة حتى حلول موعد اجتماعها ومن ثم صدور قرار ترقيته الذي يتطلب إجراءات إدارية ربما تزيد عن شهرين حتى صدوره بعد قرار اللجنة وربما يكون بعد هذا المترقي موظف آخر يحل في وظيفته الشاغرة.. ويدخل في دائرة لجان الترقية وانتظار طويل آخر كذلك.. )وقد أشار إلى ذلك الاستاذ سليمان الجريش من الديوان العام للخدمة المدنية( فعلى حساب من انتظار المستحق للترقية.. ولماذا لا تتم ترقيته بأثر رجعي.. مادام أن السبب في ذلك هو انتظار موعد اجتماع لجنة الترقيات .. إن لجنة الترقيات شيء إيجابي في ظل شح الوظائف وكثرة المستحقين للترقية لتلافي )الوساطات( والمحاباة.. ولكن إجراءاتها طويلة واجتماعاتها يجب أن تعقد بمجرد وجود موظفين )3أو أكثر( مستحقين للترقية.
7 هناك أمر هام غفلت عنه دوائرنا وخصوصاً إدارات شؤون الموظفين.. وهي لماذا يظل الموظف المستحق للترقية يطالب بترقيته.. ولماذا يكون من الضروري أن يطلب الموظف ترقية؟ لا أنكر أن هناك إدارات حكومية وخصوصاً إدارات شؤون الموظفين فيها.. هي من أحرص الإدارات على ترقية الموظف.. ولايعلم إلا وهو قد رقي.. ولكن الغالب أن الموظف لايلتفت إليه إلا بعد لأي وبعد أن يستنفد جميع جهوده )ووساطاته(.. وبعد أن )ينبحَّ حلقه( من المطالبة والمعاريض والشكاوي والصراخ.. ومع الأسف إن الكثير من الإدارات تعتبر أن الموظف الذي لايطالب بترقيته لايستحقها.. فهو موظف )متنبل( ليس لديه أي اهتمام بتطوير قدراته.. كيف جاء هذا الحكم.. في اليابان على سبيل المثال موظفون مختصون يقومون كل فترة بوضع قوائم للمستحقين للترقية وحتى التعيين.. ويتم بحث وضعهم الاجتماعي إضافة إلى الوظيفي.. أين يسكن الموظف مانوع سكنه.. كم راتبه.. ما سيارته.. ما وضعه الاجتماعي أي دراسته من جميع الجوانب.. ومن ثم ترقيته مع تحسين وضعه وبهذا تطورت اليابان أما نحن فنرجع إلى الخلف خطوات وغيرنا يتقدم للأمام خطوة..
لماذا لاتقوم الدوائر الحكومية بوضع قوائم شهرية لكل موظفيها المستحقين للترقية.. وترقية الأجدر والأجدر فقط..
تبقي على الأصلح الذي يعمل.. والا تكون ترقياتها عشوائية وبناء على )طولة اللسان( و )الوساطات( ومن له )ظهر(.. ومن له )ضلع(.. ويخشى غداً أن يكسر هذا الضلع وينكسر بعده الظهر.. فلا معين له.. الأمانة أيها الاخوة عظيمة.. وتعظم حين تكون في تحقيق مصير موظف لسنوات.. يجب أن نرعى الأمانة التي حملناها حق رعايتها.
م. عبدالعزيز بن محمد السحيباني
محافظة البدائع
|
|
|
|
|