| مقـالات
ذلك كان عنواناً فرعي ناقشه الاستاذ محمد بن عبدالله الدويش في مقالته المتميزة التي نشرتها مجلة البيان في عددها الأخير والصادرة من منتدى العالم الاسلامي .
ولقد كانت مناقشة الكاتب إيجابية وشاملة لواجبات المجتمع تجاه ا لقيادات العلمية والدعوية في مقالته التي عنونها «فقد الرموز» وهي ضمن ملحق عن فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وقد أحببت في هذه الزاوية أن اطلع القارئ الكريم على نقطة أراها من الأهمية بمكان وهي حرية بالمناقشة.
ويتمثل الواجب من وجهة نظر الكاتب في إيجاد القيادات العلمية والدعوية وذلك «بإعطاء الاعتبار اللائق للبناء العلمي ضمن المناهج الدعوية وبخاصة اننا نعيش في عصر قل الاهتمام فيه بالعلم الشرعي، وينظر له من قبل الشباب المسلم المؤهل على انه شأن المختصين.. وان الناس كلهم لا يمكن ان يكونوا علماء.
وتضيع اليوم أوقات طائفة من هؤلاء امام شاشات الإنترنت في جدل تافه وتعالم ممقوت أو في قراءة طائفة من الكتب المترجمة التي قد تفيد في جوانب من الحياة لكنها ليست بأولى من الفقه في دين الله.
وينبغي أن يُعنى في هذا الجانب في التخطيط للأعمال الدعوية ورسم الأهداف لها فيأخذ حيزه اللائق».
والحقيقة ان مقولة: ان العلم الشرعي هو شأن المختصين جعل هذا العلم يفتقد لكثير من الطاقات التي ممكن ان تستغل في هذا الجانب وهي دماء جديدة وشابة وقادرة على فهم الجيل ومتطلباته ومتغيرات تفكيره، فيتم الاعتناء بتنويع أساليب الدعوة والاعتناء بإيصال فقهيات الدين بصورة قادرة على النفاذ الى عقل وفؤاد الجيل الجديد مما يجعلهم قادرين على الخروج من حمى التناقض التي تحاصرهم بطرق ووسائط جديدة.
ولقد ترك كثير من المؤهلين لتحمل مسؤولية العلم الشرعي التفرغ الكامل للتفقه والبحث والتقصي والانقطاع للدراسة واكتمال العدة لتولي هذه المسؤولية واختاروا دون تفكير عميق بأهمية العمل والدراسة المتخصصة وفائدتها على الأمة على المدى الطويل وأشغلوا اوقاتهم بمجالات هشة عبر الانترنت مع عامة الناس ووسطائهم ومراهقيهم بحوارات لا تظهر اي تعديلات ايجابية في سلوكيات المتحاورين او المتجادلين لأن كل فريق يعتمد على آراء انطباعية هشة عن الفريق الآخر ولأن الشباب المستقيم لا يملك العدة الشرعية والفقهية اللازمة للمحاورة والتغيير فظهر الجدل عقيما في أمور جانبية وقضايا هشة. وقضاء الساعات عند الانترنت سواء بالمحاورات او البحث في مختلف المواقع دون وجهة محددة او عناية بعلم متخصص هو كمثل قارئ دخل مكتبة، وأراد الاطلاع على عناوين كل كتبها فلم يكسب الوقت ولم يزد من قدرته الثقافية.
إن حفظ عناوين الكتب مهمة البيلوجرافيات وليست ميزة للبشر والتخصص والتعمق في مجال محدد هو الأعم فائدة على الناس، ولا يمنح المجتمع قيمته الحقيقية الا متخصصوه في التربية او الدين او الاجتماع او الطب او المعمار أو الأدب .
أما هواة الاطلاع العام والتسلي بالمحاورات والمجادلات والتصفح فأولئك لا يعدلون من قيم المجتمع ولا يمنحون مؤشرات التطور فيه اي زيادة. أ
ولئك معنيون بإشباع رغباتهم الذاتية وإزجاء أوقات الفراغ الطويلة. وليس ذلك من فضائل المعنيين بالتعديل والتغيير والتقويم والدعوة الناصعة والعمل الجماعي الذي يستفيد منه الآخرون وهو العمل الممتد الذي يعتلي عن مرتبة العمل الفردي حتى إن تعليم تلميذ ما يفيد خير من صلاة ضحى.
فالأول عمل ممتد والثاني عمل منقطع وفردي يعود نفعه على الفرد ذاته، ولا يمتد نفعه للآخرين وكانت تلك اجابة فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين لمعلمة تسأله هل تترك التدريس من أجل ان تتفرغ لعباداتها في فترة الصباح؟ إن منهج العلماء الأجلاء ثري وقادر على منحنا الكثير.. ومطلوب من شبابنا المؤهل للدعوة والفقه والعلم الشرعي ان يقتحم الميدان ويتسلح بالعدة اللازمة.
|
|
|
|
|