| أفاق اسلامية
الحج إلى بيت الله الحرام من أوله إلى آخره مدرسة التسليم لرب العالمين.. فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خذوا عني مناسككم»، وفهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه معنى الاسلام وها هو يقول عند تقبيله للحجر الأسود كما روى البخاري رحمه الله عنه انه جاء إلى الحجر الأسود فقبله فقال: «اني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أنني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك» وتأمل معي أن الحجر هنا يقبل وعلى مسافة قليلة يرمى به الجمرات في منى وهنا أقصد جنس الحجر.. انه التسليم لله رب العالمين ولسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا التسليم يتجلى في كثير من شعائر الحج العظيمة بل في كل أركان الاسلام، فالرمل مثلاً مشروع في الأشواط الثلاثة الأول بالنسبة للرجال دون النساء، والتحلل من الاحرام يتحقق بالنسبة للمرأة بقص الشعر بمقدار قليل جداً، وعندما نفكر في هذه الشعيرة مثلاً نجد ان المقصود هو التربية على العبادة والانقياد للشرع المطهر حتى لو لم تتبين لنا الحكمة. كذلك في يوم عرفة عندما تكون النفرة محددة بغروب الشمس وعندما يكون المشروع قصر الظهر والعصر وجمعهما، وكذلك في البقاء في مزدلفة وما فيها من مشروعية الجمع والقصر لصلاتي المغرب والعشاء ثم في المقام بمنى وما شرع فيها من قصر للصلوات دون جمع.
كذلك من مظاهر التسليم في الحج اشتراط الطهارة للطواف دون السعي، ورمي الجمار بسبع حصيات تحديداً وجعل رمي جمرة العقبة الكبرى دون الوسطى والصغرى في اليوم الأول، بينما شرع رمي الجمار الثلاث كلها في بقية أيام التشريق وهكذا في كل مناسك الحج تربية للمؤمنين على التسليم واقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد قال جل وعلا مثنياً على المؤمنين المتصفين بصفة التسليم: «فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً» ومن هنا ندرك ان من يخجل من شعائر الاسلام خاصة فيما يتعلق بالنساء ويحاول تغيير مفاهيم النصوص لتواكب الأهواء هو في الحقيقة غير مسلم لله رب العالمين، لأن التسليم يتحقق بتحكيم الله ورسوله أولاً ثم بالاذعان بالقلب وذلك بأن يتقي الضيق والكره ثانياً ثم بالانقياد بالفعل والتنفيذ بطواعية. ويقرر بعض السلف رحمهم الله تعالى ان التسليم لله يتحقق بخلاص الانسان من الشبهة التي تعارض الخبر الصحيح ومن الشهوة التي تعارض مراد الله جل وعلا ولا يأتي الأول إلا بالعلم ولا الثاني إلا بالصبر.
ان تربية النفس على التسليم لرب العالمين وقبول أمره وحكمه من أسباب التوفيق والهداية ومن أعظم وسائل الثبات على دين الله ومتى تيقن العبد حكمة الله وقبل أمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم خشعت نفسه وذاق حلاوة الايمان ووقاه الله الفتن.
|
|
|
|
|