| أفاق اسلامية
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه اجمعين.
اما بعد.
إخوة الاسلام
إن الحزن شعور انساني فطري ينتاب كل منا عندما يقع في متاعب الحياة وآلامها لكنه قد يستمر او يتضاعف مسببا حالة اكتئاب تتسبب في الكثير من الاضرار النفسية والاجتماعية ومن هنا استعاذ منه نبينا صلى الله عليه وسلم.
والاسلام لا يصادر مشاعرنا وانما يدعونا الى تحقيق الاتزان النفسي في التعبير عن افراحنا واتراحنا.
يقول صلى الله عليه وسلم: «ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه أو يرحم».
واغلب احزان الناس تكون في العادة لاسباب دنيوية بفوات امر من امورها والقليل من يحزن لفوات امر من امور دينه.
كيف نعالج احزاننا؟
علمنا ديننا كيف نتعامل مع الحزن بما لا يجعله سببا لوهننا او عقبة بيننا وبين ما نأمله من تغيير احوالنا.
الاول: استشعار معية الله تعالى:
هذا الاستشعار يسكب السكينة في القلب ولو كان في احرج اللحظات كما نجد في سياق قوله تعالى: «إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم» سورةالتوبة 9/40.
الثاني: اليقين بقدرية الاحداث:
قال تعالى: «ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير )22( لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور» «23 الحديد».
الثالث: الإيمان باليوم الآخر:
إنه عزاء المؤمن فيما يدخره ربه في موعوده الصادق واسوتنا في ذلك رسولنا صلى الله عليه وسلم حيث يقول: «تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب ولولا أنه وعد صادق وموعود جامع وأن الآخر منا يتبع الأول لوجدنا عليك يا إبراهيم وجداً أشد مما وجدنا وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون».
وفي الحديث مرفوعا: «لو تعلمون ما ادخر لكم ما حزنتم على ما زوي عنكم».
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه اجمعين وبعد.
ومما يعين في دفع الاحزان ايضا:
الرابع: النظر إلى الأمور وفق قيمتها الحقيقية:
مما يهون من مصائب الدنيا معرفة حقيقتها فامرها هين وما دامت المصيبة لم تنل من الدين فأمرها يسير ولذلك كان من دعاء نبينا «ولا تجعل مصيبتنا في ديننا».
الخامس: النظر على الجانب المشرق من المصيبة:
اذا داهمتك فانظر في الجانب المشرق منها فالابتلاء بالاحزان كفارة للخطايا ممحص للايمان وفي الحديث: «ما من شيء يصيب المؤمن من نصب ولا حزن ولا وصب حتى الهم يهمه إلا يكفر الله به عنه من سيئاته».
وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: ما ابتليت ببلاء إلا كان لله تعالى علي فيه اربع نعم: إذ لم يكن في ديني، وإذ لم يكن أعظم منه، وإذ لم أحرم الرضا به، وإذ أرجو الثواب عليه.
السادس: الاعتبار بتداول الأيام:
الغافل عن سنة الله في خلقه يتضاعف غمه حين يرى انه اصيب دون غيره ممن حوله لكنه اذا تدبر احوال الناس لوجد البلاء يتداول عليهم كما قال سبحانه:«ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين، إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين» سورة آل عمران 139 140.
اللهم انا نعوذ بك من الهم والحزن ونعوذ بك من العجز والكسل ونعوذ بك من الجبن والبخل ونعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال.
* أستاذ التفسير وعلوم القرآن المساعد بجامعة الملك فيصل إمام وخطيب جامع أنس بن مالك بالخبر
|
|
|
|
|