| ملحق أحد رفيدة والواديين
إلى الشمال من مدينة أحد رفيدة تواجهك مساحة واسعة من الأرض مسورة بأسلاك تحول دون اختراق المتطفلين لها لتحافظ على صمت مهيب يرثي مدينة عريقة كانت يوماً ولقبل 1500 سنة خلت عامرة بسكانها زاخرة بأنشطتها شامخة بقوتها التي أهلتها أن تكون العاصمة لما يسمى بمخلاف جرش. إنها أطلال مدينة جرش التي تنتظر أن تمتد إليها يد البحث والتنقيب لتكشف وحسب كل الروايات عن كنز دفين من الحضارة العريقة. ولتسمية المدينة )جرش( تعددت الروايات والتي من أشهرها:
الرواية الأولى تقول: إن سبب تسمية جرش وفقاً لما ذكره ياقوت الحموي تعود إلى أن تبعاً قد خرج من اليمن غازياً حتى إذا كان بجرش وهي إذ ذاك خربه فخلف بها جمعاً ممن كان بصحبته وقال )أجرشوا هنا "أي ألبثوا هنا"( فسميت بذلك جرش )الحموي(.
أما الرواية الثانية فتقول: إن جرش قبائل من أفناء الناس تجرشوا، وكان الذين جرشهم رجل من حمير يقال له زيد بن أسلم، خرج بثور له عليه حمل شعير في يوم شديد الحر فشرد الثور، فطلبه حتى اشتد تعبه وأقسم لئن ظفر به ليذبحنه ثم ليجرشن الشعير وليدعون على لحمه، فأدركه بذات القصص عند قلعة جرش، وكان كل من أجابه وأكل معه يومئذٍ جرشياً )الحموي(.
والرواية الثالثة تقول: إن جرش عبارة عن مخلاف نسب إلى جُرش وهو لقب منبه بن أسلم بن لغوث بن حمير )الزبيدي(.
ويساند علماء النسب الرواية الثالثة كابن حزم الأندلسي في جمهرة أنساب العرب حيث يقول "وذو يزن وجرش أبناء أسلم بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن لغوث بن قطن بن عريب بن لغوث بن أيمن بن أطميع بن حمير )ابن حزم(.
أما جُرش عند اللغويين فقد قال صاحب تاج العروس "جرش الشيء قشره" )الزبيدي( وقال ابن فارس "جرش": الجيم والراء والشين أصل واحد وهو جرش الشيء، أي أن يدقه ولا ينعم دقه" )ابن فارس(.
لقد ورد ذكر هذه المدينة في المصادر المتقدمة كحاضرة من حواضر الأزد كما أكد ذلك وجود نقوش في مدينة مأرب اليمنية التي تحكي عن أحد ملوك الأزد في جرش ويسمى مالك بن الكلاع والمعاصر للملك شمر يرعش.
أما عن شهرتها في التاريخ الإسلامي فيبدأ مع ذكر وفد صرد بن عبدالله الأزدي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسلامه وتولية الرسول له على جرش، وأمره له بمجاهدة أهل الشرك وقد أوردت كتب التاريخ والسير قصة فتح جرش وقدوم أهل جرش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسلامهم وترحيب الرسول بهم بقوله )مرحباً بكم أحسن الناس وجوهاً وأصدقهم لقاءً وأطيبهم كلاماً وأعظمهم أمانة أنتم مني وأنا منكم( وقد كتب لهم الرسول صلى الله عليه وسلم كتاباً وحمى لهم حمى حول مدينتهم.كما ورد ذكر جرش وعدد ليس بقليل من المواقع والقرى والأودية إضافة إلى ذكر للأقوام التي كانت تسكن في بعض الجهات من المحافظة أو بالقرب منها في العصور الماضية في العديد من المصادر التاريخية القديمة ربما كان من أهمها كتاب صفة جزيرة العرب للهمداني أي منذ ما يزيد عن ألف عام من الآن ومما قال )جرش هي كورة نجد العليا، وجرش في قاع لها أشراف غربية بعيدة( وذكر جبل حمومة القريب من أطلال مدينة جرش بقوله )حمومة ناصية تسمى الأكمة السوداء( كما أتى الهمداني على ذكر بعض القرى والأودية كقرية سعيا بني بشر بالفرعين وقرية العقالة بالواديين وقرية القرحاء ووادي بن غنم وبلعراص الذي ورد باسم )بنو العراص( الموجودين في الواديين والذين بسبب وجودهما عرف الواديين بهذا الاسم.
وكما ذكرت جرش في العديد من المصادر التاريخية القديمة، ذكرها ابن هشام واليعقوبي وابن قدامة والبيروني والزبيدي وابن حزم والوزير المغربي والأصطخري والنويري وغيرهم كثير وهذا إن دل علي شيء فإنما يدل على الأهمية التي كانت جرش تمثلها في الماضي.
عميد شؤون المكتبات
جامعة الملك خالد
|
|
|
|
|