| لقاءات
* بيروت عبد الكريم العفنان:
خلال مشاركته في مؤتمر مركز الدراسات العربي الاوروبي اكد الأمير بندر بن سلمان بن محمد مستشار سمو ولي العهد والاستاذ بجامعة أكسفورد أن العالم يتحول تدريجيا الى اقتصاد متكامل مترابط الأجزاء يزداد ارتقاء كلما زاد تعاونا وتكاملا، لكنه اشار الى ان التكامل يجب ان يكون في مصلحة الأطراف جميعها، مؤكدا ان فتح فرص الاستثمار مطلب مهم لكن نقل التقنية مطلب أهم.
«الجزيرة»التقت سموه في بيروت، وأدارت معه حديثا حول بعض المضامين التي وردت في مشاركته بالمؤتمر .. وكانت التفاصيل كما يلي:
** من خلال مشاركتكم في المؤتمر الذي جمع العرب والاوروبيين وجها لوجه .. لماذا لا يزال العرب والاوروبيون في مرحلة دراسة الفرص المتاحة للاستثمار رغم ان الهم الامريكي يجمع بينهما؟
أود ان أؤكد ان المؤتمر جاء ليوضح ان الأمة العربية تتمتع بمناخ جيد، واعطاء صورة واضحة للمستثمر الأجنبي في المنطقة، وكذلك اعطاء التسهيلات التي أعطتها كل دولة على حدة في اي مجال من مجالات الاستثمارات.
وقد تمت مناقشة كل المواضيع التي تجذب الاستثمار واعطاء كل موضوع حقه في النقاش . وبالنسبة للأنظمة الاقتصادية الموجودة في الوطن العربي والممثلة في المؤتمر فقد عرّفت المستثمر الأجنبي بآخر الأنظمة وآخر التسهيلات التي قدمتها هذه الدول من أجل جذب الاستثمار.
كذلك الاستماع للطرف الآخر ومعرفة ماذا يريد وماذ يرغب لكي ينظر في امكانية تحقيق الدول العربية لمتطلباته.
العرب أولى باستثماراتهم
** في السنوات الأخيرة تعزز ظهور الميل العربي صوب الانفتاح واعادة الهيكلة الشاملة اجتذابا للاستثمار وتنشيطا للخصخصة. وما زال كل ذلك يقابل بنوع من اللاتوازن في الاستثمار المتبادل بين الدول العربية ودول الاتحاد الاوروبي.. ما تفسير ذلك برأي سموكم؟
إذا كنت تقصد بالتوازن جلب الاستثمارات الاجنبية او العربية فانه يختلف عن مسألة الخصخصة.
الخصخصة اعطاء القطاع الخاص الأولوية للمساهمة في البلد نفسه قبل ان تجلب الاستثمارات الاجنبية له. فالفرصة الاولى تعطى للمواطن قبل الأجنبي، أما جلب الاستثمار فهي مرحلة ثانية تتبع الخصخصة وكما نعلم جميعا ان القطاع الخاص بالنسبة الى التشغيل يكون موفقا في انتاجية جيدة والسبب في ذلك ان سرعة اتخاذ القرار بالنسبة للقطاع الخاص اسهل بكثير من القطاع العام. وهذه واحدة تعتبر من أهم الاجراءات الأساسية في سير نمو الاستثمارات.
ثم ان الوطن العربي يختلف عن الاوروبي، في السابق كان الوطن العربي يعاني من بعض معوقات الاستثمار لكن في الوقت الحاضر بعد وضع انظمة خاصة وتسهيلات لتهيئة المناخ سهل كثيرا جذب رؤوس الأموال واستثمارها مثل «حق التملك للأجنبي».
وكما نعلم ان هناك استثمارات عربية في البلاد الاوروبية والخارجية بصفة عامة واننا نأمل من هذه الجهات اعادة استثمارها في الوطن العربي لأن الوطن العربي أولى بالاستفادة من الأموال المرحّلة الى الخارج.
توطين التقنية.. أولوية
** العلاقات الاوروبية العربية أقل متانة في الاقتصاد منها في السياسة. لماذا هذا التلكؤ الاوروبي في تأمين قاعدة متينة سياسية اقتصادية مشتركة رغم وجود مصلحة اوروبية عربية في ذلك؟
هذه العلاقات ذات نسب متفاوتة من رأي الى آخر. فقد يعتقد شخص انها تتفاوت في السياسة ويعتقد آخر انها في الاقتصاد. وبالنسبة للعلاقة السياسية مع الاوروبيين فهي جيدة ولكن يشوبها ما قد يشوبها في الوطن العربي.
ولكني أتكلم من الناحية الاقتصادية. رجال الأعمال دائما يريدون ان يستثمروا في مناخ جيد ويطلبون الأمن والاستقرار وهذا متوفر لهم. ولو نظرنا الى المنطقة القريبة من المنطقة الساخنة نجد فيها استثمارات ولكنها بنسب متفاوتة، والاستثمار الاوروبي قد تكون له استراتيجية اذا كانت الشروط قوية، نحن كدول عربية لا نريد فقط الاستثمار من اجل الاستثمار ولكن نريد الاستثمار من اجل تنمية الوطن العربي، ولا تتم تنمية الوطن العربي الا اذا توافرت عناصر مهمة وأهمها نقل التكنولوجيا وتوطينها على الأرض العربية، ومن ثم تدريب الكوادر البشرية الوطنية.
نعلم ان الكلفة بالنسبة لإحضار شخصيات خبيرة او احضار عمالة من الخارج غالية بخلاف استخدام عمالة وطنية اقل تكلفة ومدربة.
ونقطة مهمة ايضا يجب التركيز عليها: الأبحاث والدراسات، ففي الغالب حينما يقوم اي مشروع تكون له جدوى اقتصادية وبحث ودراسة لهذا المشروع وتنتهي في العادة ببداية المشروع، ولكني لا أريدها ان تنتهي، بل افضل استمرار عملية البحث والدراسة وهذا في صالح الطرفين وسيكون النتاج منها تقليل التكلفة والبحث عن انتاجية افضل، وفي الوقت نفسه يطور من البلد المتاح فيه الاستثمار وقد يقول قائل ان هذه شروط يصعب تحقيقها لأن المستثمر الغربي لا يريد ان ينقل التكنولوجيا وهذا صحيح، لأنه يريد ان يسير على السوق وعلينا ألا نيأس، يجب ان ندافع ونطالب بنقل التكنولوجيا اذا أردنا فائدة الوطن العربي منها.
** حذرتم من العولمة ومخاطرها .. فهل بامكان البلدان النامية تجاوز الصعوبات للحاق بالدول الصناعية المتقدمة؟
نعم ، نتجاوز العولمة اذا حققنا النقاط التي ذكرتها سابقا أما اذا اصبحنا دولا مستهلكة ودولا تمر عليها الأموال الاستثمارية مرور الكرام فأعتقد اننا لن نلحق بالركب، ولن نواكب التغيرات والتطورات الاقتصادية في العالم طالما بقينا مستهلكين.
بعض النجاح
** كيف تنظرون الى السياسة الاقتصادية للمفوضية الاوروبية تجاه العرب؟.
بدأت في الآونة الأخيرة تحركات كبيرة سواء على الصعيد السياسي او على صعيد رجال الأعمال لتقريب وجهات النظر وتذليل الصعوبات التي كان يدعى فيما مضى انها عقبات في وجه الاستثمار الاوروبي في المنطقة العربية. وأعتقد انها حققت بعض النجاح وليس كله وهي في طريقها الى الانتهاء من هذه النقاشات.
وأعتقد انها ستشكل الدافع القوي للقبول الاوروبي بهذا الأمر.
** ذكر المحاضرون العرب والأجانب ان المملكة ضبطت الاستثمارات الأجنبية.. برأيكم هل وفقت المملكة بالشكل الأمثل في ضبط الاستثمار؟
لكل دولة الحق في وضع كل ما يناسبها ويتفق معها، والمملكة وضعت الأنظمة الخاصة بالاستثمار، وتشمل المجلس الاقتصادي الأعلى برئاسة سمو سيدي الأمير عبد الله، والهيئة العامة للاستثمار كلها أدت الى التسهيل وعدم اعاقة الاستثمار في المنطقة بل أدت الى جذب المستثمرين.
لكن في المقابل يجب ان نختار ما نحتاجه لمنطقتنا ليس فقط ان نقدم التسهيلات بدون ان تكون لنا مطالبة او استراتيجية معينة.
ويجب الا ننظر فقط الى الاستثمار كاستثمار لكن يجب ان ننظر الى مدى تحقيقه الفائدة لنا.
** يعد البترول عصب الحياة في اقتصاد المملكة.. هل اعتمدت المملكة مصادر أخرى لتنويع الدخل؟
تسعى المملكة دائما لتنويع دخلها في جميع المجالات وخصوصا في مجال الطاقة، وهذا بتوجيهات من القيادة الحكيمة للنهوض بالاقتصاد السعودي. فقد تم تقديم كل التسهيلات اللازمة لجذب المستثمرين في المجالات التي تدعم اقتصادنا وتقويه، اذ يوجد في المملكة اكثر من 5300 مصنع ينتج مختلف السلع المنافسة. وفي السنوات القادمة سوف يكون للممكة باع طويل في مجال استثمارات الطاقة. ثم ان المملكة بما تتمتع به من أمن واستقرار اصبحت واحة لتطور مجالات الاستثمار، اذ انها تميزت بإتاحة حرية انتقال الرساميل وسهّلت اقامة الأجانب.
** سمو الأمير كلمة أخيرة تودون الادلاء بها من خلال صحيفة «الجزيرة»؟
أود ان أؤكد على ان التسهيلات التي تقدم للطرف الآخر يجب ان يقابلها منفعة للوطن، ولا تتم هذه المنفعة الا بنقل التكنولوجيا وتوطينها وتدريب الكوادر الوطنية والاستمرار في الدراسات والأبحاث من خلال المستثمرين بالمنطقة.
وأشكر «الجزيرة» على المتابعة والاهتمام.
|
|
|
|
|